Top

نحو تعلّم بلا حدود

البروفيسورة شيو هانج لي، الأستاذة المشاركة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والباحثون في مجموعتها البحثية Machine Intelligence and kNowledge Engineering (MINE)، يطوّرون ويطبّقون خوارزميات فعالة في التعلم الآلي واستخراج البيانات لأغراض الذكاء الاصطناعي. صورة من الأرشيف.

-بقلم ديفيد ميرفي، أخبار جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

تستمتع البروفيسورة شيو هانج لي الأستاذة المشاركة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، في التعمّق في ميادين أبحاثها لكسر حدود التعلّم، والتعامل مع البيانات المعقّدة والواسعة النطاق. بصفتها عضواً في قسم العلوم والهندسة الحاسوبية والكهربائية والحسابية بالجامعة، ينصب تركيز أبحاث لي على تطوير وتطبيق خوارزميات فعالة في التعلّم الآلي، واستخراج البيانات لأغراض تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتنوعة. وبصفتها الباحث الرئيسي في مجموعة  ذكاء الألة وهندسة المعرفة (Machine Intelligence and kNowledge Engineering) (MINE) في كاوست، فهي ترى أن التعلّم من البيانات هو أحد أهم مكزنات إنجاح أنظمة الذكاء الاصطناعي.

تقوم لي وفريقها حالياً بالبحث في بيانات الرسوم البيانيّة المعقدة، مما يمكّن مجموعة MINE من تحديد ملامح العقد، والتنبؤ بالروابط، واكتشاف مجتمعات الحوسبة، وفهم أسباب روابطها. ويتمثل الهدف البحثي الشامل لمجموعة MINE في فهم التحديات الرئيسية في تطبيق التعلّم الآلي في المجالات الأخرى، وكيفية مواجهة هذه التحديات للمضي قدماً. وهي تدرس مع زملائها ما إذا كان من الممكن معالجة المشاكل في المجالات الأخرى عن طريق التعلّم الآلي.

صرحت البروفيسورة زيانغليانغ زهانغ، الأستاذة المشاركة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بأنها تعتقد أن "البيانات هي أساس جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي تقريباً". مصدر الصورة: شترستوك.

تقول لي: "لقد كنت دائماً أتعمّق في مجال أبحاثي، لأكسر حدود تعلم البيانات المعقّدة وواسعة النطاق". وتضيف: "أعتقد أن البيانات هي جوهر جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي تقريباً. لقد ركزت سابقاً على تدفق البيانات. وأنا أعمل حالياً على بيانات الرسوم البيانيّة أيضاً. الرسوم البيانية هي أكثر أنواع البيانات تعقيداً، فهي تحتوي على بنية الربط، وميزات النص على عقد الرسم البياني أو على حواف الرسم البياني، وقد تنطوي أيضاً على تغييرات ديناميكية في الهيكل والميزات. كما أن الرسوم البيانية موجودة في كل مكان، على منصات التواصل الاجتماعي وفي مواقع التجارة الإلكترونية، وفي المجالات العلمية المختلفة".

"ندرس أيضاً مشاكل الرسم البياني الأخرى. على سبيل المثال، عند وجود رسمين بيانيين مستقلين، نتعلم من كل بنية من بنياتهما، ثم نحاذي العقد في الرسم الأول مع عقد الرسم الآخر، لأن أزواج العقد المتحاذية قد تشير إلى الشخص نفسه بحسابين مختلفين في رسمين بيانيين. ونطبّق أيضاً المعلومات المستفادة من الرسوم البيانية لبناء أنظمة التوصية التي تقدم مثلاً مقترحات لمشاهدة الفيلم التالي؛ أوراق بحثية قد تثير اهتمام القارئ؛ مجموعات بيانات مفيدة لاستكشافها؛ وأماكن مثيرة للزيارة، وغيرها".

المسيرة المهنيّة

قبل انضمامها إلى كاوست، حصلت لي على شهادتي الماجستير والدكتوراه في علوم الكمبيوتر من جامعة شيان جياوتونغ في الصين، في العامين2003 و2006 على التوالي. وفي العام 2010 حصلت على الدكتوراه في علوم الكمبيوتر من INRIA ومن جامعة باريس الجنوبية في فرنسا، وكانت زميلة بحوث في ERCIM في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا. وخلال دراستها بدأت لي ترى أنّ هدفها هو أن تصبح عضواً في هيئة تدريس جامعيّ.


قبل انضمام البروفيسورة شيو هانج لي إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كانت باحثةً في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في تروندهايم (المبنى الرئيسي واضح في الصورة). مصدر الصورة: شترستوك.

تقول لي: "وجدت نفسي أرغب في القيام بعمل بحثي في السنة الأخيرة من دراستي الجامعية، عندما كنت أعمل في أطروحة شهادة البكالوريوس. وعلى الرغم من أنني لم أخطط بعناية لشغل منصب عضو هيئة تدريس إلى أن حصلت على الدكتوراه، فقد كنت متحمسة لبحثي طوال الوقت. كطالبة، واستمتعت بالتحدي الذي تخلقه المشاكل البحثية الصعبة، وبالاستلهام من القراءة الترابطية، و بالتفكير وتنفيذ أفكاري، وبتلك اللحظة الأخيرة المثيرة عندما أرى أن أفكاري تنجح!".

تواصل لي قائلة: "واليوم، بعد أن باشرت مهماتي في هيئة التدريس وبدأت العمل مع طلابي، أشعر بالسعادة لقراري بالبقاء في الأوساط الأكاديمية. عندما كنت طالبةً، كان بإمكاني العمل في اتجاه ضيق واحد فقط. واليوم مع أعضاء مجموعتي، يمكنني العمل على نطاق أوسع واستكشاف التطبيق المتنوع للتعلم الآلي. يمكننا وضع خطة منهجية لمشاريعنا البحثية عن طريق جعل طالب واحداً يساهم في جزء واحد من النظام بأكمله. وبالتالي نقدم الإنجازات البحثية ذات التأثير العالي".

الاستفادة من بيئة البحوث التعاونية

تحرص لي على التعاون مع أكبر عدد ممكن من أقرانها في كاوست. وكباحثة شابة، هي لا تضيع الفرصة للالتقاء بخبراء الجامعة من مختلف المجالات العلمية لتوسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى مجالات أخرى.

وتوضح: "أتعاون في الوقت الحاضر مع البروفيسور كارلوس دوارتي في تطبيق التعلم الآلي على نمذجة سلوك الحيوانات البحرية وتحديد الفضلات البلاستيكية على شواطئ البحر الأحمر؛ ومع البروفيسور فلاديمير باجيك على مشاكل المعلومات الحيوية كعضو في مركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية لكاوست؛ ومع البروفيسور طارق الخليفة على التعلم من البيانات الزلزالية لمشاكل البحوث الجيوفيزيائية؛ ومع البروفسيور جيف شمّة على الشبكات الذكية؛ ومع البروفيسور طارق النفوري على التوطين الدقيق؛ ومع البروفيسور شيوهانغ لي على تصميم أجهزة أشباه الموصلات؛ ومع البروفيسور عاطف شميم والبروفيسور هاكان بكاشي على الهوائيات الذكية".

"أقدر حقاً البيئة المبتكرة في كاوست، التي بدونها لا يمكنني تحقيق هذا التقدم السريع في بحثي. الزملاء الذين أتعاون معهم هم كبار الخبراء في مجالاتهم. إنهم المناسبون للحديث عندما أرغب في استكشاف تطبيقات التعلم الآلي على مجالات محددة، كعلم الأحياء مثلاً أو إنترنت الأشياء أو العلوم البحرية أو أشباه الموصلات وما إلى ذلك".

البروفيسور عاطف شميم (في الصورة) وهاكان بكاشي، الأستاذان في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، مع البروفيسورة زيانغليانغ زهانغ، الأستاذة المشاركة في الجامعة، خلال العمل البحثي على الهوائيات الذكية. صورة من الأرشيف.

 ​
وتقول: "كما أنني أعتمد كثيراً على مواهب أعضاء مجموعة MINE. لا يمكن تنفيذ فكرة رائعة جيداً ما لم يكن العمل الجماعي قائماً. أنا ممتنّة لمساهمتهم في كل بصمات رحلتي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، إنها بصماتهم أيضاً. أنا مسرورة لرؤية المزيد والمزيد من الطلبة الموهوبين قد حضروا إلى الجامعة. إنهم أحد أهم أسباب كون كاوست بيئة مبتكرة وناجحة".

تعلم طرح الأسئلة "الصحيحة"

تقدّم لي لطلبتها، ولعموم طلبة الدراسات العليا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، النصيحة التالية: "تعلم طرح الأسئلة الصحيحة أهم بكثير من تعلم الإجابة عليها".

وتقول: "علينا دائماً تحديث عقولنا بأحدث مستجدات الذكاء الاصطناعي". وتوضّح: "فضلاً عن حضور المؤتمرات، وقراءة البحوث الحديثة، وكذلك متابعة المحاضرات والبرامج التعليمية المقدمة في هذه المؤتمرات- إلى جانب التحدث مع العلماء- يجب على الطلبة قضاء بعض الوقت في التفكير بعد القراءة. على حد تعبير كونفوشيوس: "القراءة من دون تفكير تعطي المرء عقلاً غير منظم".

تضيف: "يأتي الطلبة أحياناً إليّ ويقولون أن الأعداد الضخمة من الدراسات المنشورة حديثاً، قد غمرتهم. وأنّهم شعروا بتخلفهم عن تبني الأفكار الجديدة. من الضروري التفكير في كيفية ربط الاتجاهات الجديدة بالأوراق السابقة وما يمكن إضافته إلى نتائج البحوث في المستقبل".

تقول لي: "في هذه المرحلة من حياتي المهنية، أفهم الآن لماذا أحب إجراء البحوث. يحب الأطفال الدمى- خاصةً الدمى الجديدة- لأنّهم يستكشفون العالم من خلال اللعب بالدمى. إنه شعوري ذاته في أبحاثي. أجري بحثاً وأطرح أسئلة وأجد لاستكشاف العالم. هذه العملية تشبه لعب الأطفال بالدمى؛ إنها دائماً عملية مثيرة. بالنسبة لي، هنا يكمن جمال البحث".