Top

الميكروبات في الفوهات الحرارية في البحر الأحمر تُظهر كيف تؤثر الحياة والجيولوجيا على بعضهما البعض

صور مجهرية لعينات من هذه الميكروبات في هذه الدراسة.

دراسة من كاوست هي الأولى التي تسجل وجود كائنات حية دقيقة فريدة منذ اكتشاف الفوهات الحرارية في البحر 

قاد أستاذ جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، البروفيسورألكسندر روسادو، دراسة جديدة كشفت عن عالم ميكروبي فريد في حقول الفوهات الحرارية المائية بجبل حطيبة، وهو بركان رئيسي في صدع البحر الأحمر. يذكر أن موقع حقول هذه الفوهات الحرارية المائية اُكْتُشِف في الأصل من قبل البروفيسورة فروكيه فان دير زوان إحدى المشاركات في هذه الدراسة. 

نُشرت الدراسة في مجلة  Environmental Microbiome، وهي الأولى التي تقدّم تحليلاً "جينومياً شاملاً" لهذه الأنظمة الحرارية المائية، ما يوفّر رؤية غير مسبوقة حول أنواع الميكروبات الموجودة والوظائف الأيضية التي تمكّنها من البقاء. 

وقالت شريفة الطلحي، طالبة الدكتوراه في كاوست والباحثة الرئيسة في الدراسة "الميكروبات من حقول حطيبة تُظهر تنوعاً مدهشاً في قدراتها الأيضية. ومن خلال فهم وظائفها، يمكننا أن ندرك كيف تتشابك الجيولوجيا والبيولوجيا بعمق في البحر الأحمر".  

طالبة الدكتوراه في كاوست، شريفة الطلحي تفحص بعض العينات

تم توثيق حقول حطيبة لأول مرة في عام 2023 من خلال بعثة بحثية مشتركة بين كاوست ومعهد "غيومار" (GEOMAR)، والتي اكتشفت مناطق انبعاث حراري منخفض الحرارة وتلالاً شاهقة مكوّنة من أكاسيد الحديد على أعماق تتراوح بين 778 و1450 متراً. وتُعد هذه التلال الميكروبية من أكاسيد الحديد أكبر نظام نشط معروف لانبعاث الحديد منخفض الحرارة في العالم. 

وبالاعتماد على هذا الاكتشاف، استخدمت الدراسة الجديدة تقنيات الميتاجينوميات المعاد بناؤها على مستوى الجينوم لإعادة بناء أكثر من 300 جينوم ميكروبي من خمسة مواقع مختلفة ضمن حقول فوهات جبل حطيبة، لتكشف عن نظام بيئي فريد لا يشبه أي بيئة فوهة أخرى معروفة. 

وعلى عكس الدراسات الوراثية التقليدية التي تكتفي بتحديد أنواع الميكروبات الموجودة، تتيح هذه المقاربة الجديدة للعلماء فهماً لكيفية عمل هذه الميكروبات وقدرتها على التكيّف والمساهمة في تشكيل بيئتها. 

وقد حدد الفريق البحثي 314 جينوماً ميكروبياً تمثل كلاً من البكتيريا والبدائيات (البكتريا العتيقة)، كثير منها لم يُعرف سابقاً في العلم. وكشفت التحليلات عن نظام بيئي غير متوقع تهيمن عليه الميكروبات القادرة على تدوير الحديد والكبريت والنيتروجين والكربون، وهي عمليات كيميائية حيوية تشكّل البيئة المحيطة بالفوهات، وتدعم الحياة الميكروبية تحت هذه الظروف البيئية الشديدة. 

وقال روسادو "ما يجعل هذا الموقع فريداً هو سيطرة عمليات الأيض المعتمدة على الحديد، في اختلاف لافت عن الأنظمة المعتمدة على الكبريت والميثان الموجودة عادة في الفوهات الحرارية. هذا المشهد الأيضي المميز يجعل فوهات جبل حطيبة في البحر الأحمر مختبراً طبيعياً لدراسة الحياة في البيئات القصوى، كما يقدّم رؤى جديدة حول العمليات الميكروبية التي تعزز مرونة المحيطات ودورة الكربون العالمية".  

البروفيسور روسادو في المختبر

الميكروبات المكتشفة في حقول فوهات جبل حطيبة تؤدي أدواراً حيوية في العمليات الجيوكيميائية الأساسية لنظام الأرض؛ إذ ترتبط قدرتها على أكسدة الحديد واختزاله وتثبيت الكربون واستقلاب الكبريت والنيتروجين بدورات العناصر الكيميائية والمعادن على كوكبنا. 

وفهم هذه الشبكات الأيضية قد يفتح الباب أمام تطبيقات في مجالات التقنية الحيوية مثل استخلاص المعادن، وتوليد الطاقة الحيوية، ومعالجة الملوثات البيئية. كما أن دراسة كيفية تكيف هذه الميكروبات مع بيئة شديدة الملوحة ومرتفعة الحرارة توفّر أدلة حول طرق نشوء الحياة المبكرة على الأرض، وكيف يمكن أن توجد في ظروف مشابهة في أماكن أخرى من النظام الشمسي.