Top

"ويب" 2022: البروفيسور جيفري زاكس يتحدث عن بناء مستقبل أخضر

البروفيسور جيفري زاكس يناشد بالحاجة لإنهاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول منتصف القرن الحالي.

انطلق برنامج الإثراء الشتوي "ويب" 2022 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) في 9 يناير تحت شعار "المرونة". وكان المتحدث الرئيسي في ليلة الافتتاح شخصية متميزة ومناسبة لتمثيل هذا الموضوع هو الخبير الاقتصادي الشهير عالمياً ومدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، البروفيسور جيفري زاكس.

يمتلك زاكس خبرة اقتصادية كبيرة في تمويل المشاريع التنموية فضلاً عن خبرته المتأصلة في قضايا الاستدامة وتغير المناخ وصلتها بالتنمية العالمية والتي اكتسبها من خلال عمله رئيساً لشبكة حلول التنمية المستدامة للأمم المتحدة وكونه مستشارًا خاصًا لثلاثة أمناء عامين للأمم المتحدة.

وفي معرض حديثه عن سبب أهمية موضوع "المرونة" في الوقت الحالي حيث يواجه العالم اضطرابات متعددة من التدهور البيئي إلى جائحة فيروس كورونا، يقول زاكس: "إن الموضوع الذي تدعو له كاوست والمتمثل في تسخير العلوم والتقنية للتأثير في هذه التحديات الهائلة التي نوجهها اليوم ليس حاسماً فحسب، بل وضروري جداً ".

وأشار زاكس الى الأهمية المركزية للتعاون بين جميع المنظمات والمؤسسات العالمية لمواجهة تلك التحديات خصوصاً في العشرين إلى الثلاثين عامًا القادمة لإنقاذ كوكبنا من آثارنا المدمرة عليه، وفي مقدمتها معالجة الانبعاثات الهائلة لغازات الاحتباس الحراري والتي تتزايد بشكل مقلق وتؤثر بقوة على ظاهرة تغير المناخ. ويوضح زاكس: "نحتاج لإنهاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل أساسي بحلول منتصف القرن. وهذا يعني إزالة الكربون من نظام الطاقة والاقتصاد العالمي. فلا يمكن لأي جزء من العالم أن يحقق هذا التغيير بمفرده".

التكّيف مع تغير المناخ

أحد الأسئلة الكبيرة التي أشار إليها البروفيسور زاكس هو كيف يمكن للعالم أن يتكيف بشكل أكثر فاعلية مع تغير المناخ؟ حيث حذر من أن "هناك الكثير من الاحترار الكامن والقادم في أنظمة الأرض". ويجب علينا أن نتكيف مع هذه الحقيقة وأن نسارع بطرح حلول علمية وتكنولوجية ناجعة لتنويع مزيج الطاقة لدينا داخل المملكة العربية السعودية والمنطقة والعالم للوصول إلى طموح "صفرية الانبعاثات" بحلول منتصف القرن.

من الواضح أن الحل يكمن في مصادر الطاقة المتجددة أو الخالية من الكربون، والحد من الاستخدام المستمر للهيدروكربونات، وتطوير تقنيات عزل الكربون وتخزينه. ولا شك أن كاوست لديها اسهامات ومشاريع بحثية متميزة للرد على هذه التحديات العلمية والجيولوجية في المملكة خصوصاً تلك المتعلقة بعزل وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع في المنطقة، فضلاً عن مبادرة الكربون الدائري في الجامعة التي تعتبر من الدوافع القوية للبحث والابتكار في كاوست لتطوير ونشر حلول تكنولوجية جديدة تدعم منصة الاقتصاد الكربوني الدائري (CCE).

جدير بالذكر، أن علماء كاوست يطورون أيضًا محفزات متعددة الوظائف يمكن أن تساهم في الاقتصاد الدائري للكربون عن طريق تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون المعزول من الغلاف الجوي إلى وقود، وفي الوقت نفسه، منع أي انبعاثات جديدة.

يقول زاكس: "إن لكاوست والمملكة العربية السعودية دورًا عالميًا بناءً في إيجاد حلول لعزل الكربون بسرعة، وبناء نظام طاقة عالمي مترابط، يكون قاعدة الانطلاق لمواجهة تحديات التكيف- مع ظاهرة تغير المناخ والظواهر البيئة الأخرى، إنها بلا شك مسؤولية ضخمة وفريدة من نوعها لا تقوم بها الا الجامعات العظيمة في العالم".

مستقبل اقتصاد الهيدروجين

وعلى المستوى الحكومي، تعمل مبادرة السعودية الخضراء على تعزيز ودعم التعاون المبتكر عبر القطاعات المختلفة في المملكة لحماية البيئة، والمساهمة في مبادرات تحول الطاقة، وإنشاء برامج الاستدامة لتحقيق الهدف الأسمى والمتمثل ببناء مستقبل أخضر في المنطقة والعالم.

وأحد السبل الرئيسية نحو مستقبل أخضر خالٍ من الكربون هو تطوير اقتصاد الهيدروجين. كما أوضح زاكس في حديثه، هناك نسختان رئيسيتان من الهيدروجين المستدام من حيث المبدأ: الهيدروجين الأخضر - المنتج بواسطة الطاقة الشمسية أو الطاقة الخالية من الكربون، والهيدروجين الأزرق - المنتج بواسطة الهيدروكربونات، بشرط أن يكون هناك عزل وتخزين شامل للكربون المنتج على نطاق واسع.

يقود علماء كاوست أبحاثًا بارزة عن الهيدروجين الأخضر منذ سنوات، وكان من نتائج ذلك أن دخلت الجامعة في شراكة متميزة مع مدينة "نيوم" التي سيتم تشغيلها بالكامل من خلال الطاقة المتجددة، وسيكون الهيدروجين الأخضر جزءًا مهمًا من اقتصادها، الامر الذي يعزز ضرورية دعم ابتكارات الهيدروجين في العقود القادمة. يقول زاكس: " جميعنا يتطلع إلى المملكة العربية السعودية كقوة عالمية في اقتصاد الهيدروجين الذي سيلعب دورًا هائلاً في الصناعة في المستقبل".