Top

استعادة الموارد من مياه الصرف لدعم الاقتصاد الدائري في المملكة

يمكن توليد الطاقة عبر إزالة الأمونيوم من مياه الصرف قبل تصريفها واستخدامها في تطبيقات مختلفة.


فاز طالب الدكتوراه، داريو رانجيل شو ، من مركز أبحاث تحلية وإعادة استخدام المياه في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، والذي يشرف عليه البروفيسور باسكال سايكالي ، فاز بجائزة ديسكفري المرموقة من الجمعية الدولية للكيمياء الكهربائية الميكروبية والتقنية (ISMET)، وجاء هذا التكريم للورقة العلمية المنشورة للطالب والتي تشرح عملية أكسدة الأمونيوم اللاهوائية المعتمدة على نقل الإلكترون في البكتيريا والتي تعرف بـ (electro-anammox) واعتبارها أفضل منشور علمي وابتكار كبير في عام 2020، وعلق شو على بحثه قائلاً: "توصلنا لنتائج مهمة ومؤثرة في موضع المعالجة الموفرة للطاقة لمياه الصرف الغنية بالنيتروجين".

طالب الدكتوراه، داريو رانجيل شو، من مركز أبحاث تحلية وإعادة استخدام المياه في كاوست.

 ​

تطوير نظام مولد للطاقة

يقدم الابتكار طريقة مستدامة وأكثر كفاءة لمعالجة مياه الصرف بواسطة استخدام بكتيريا الأناموكس anammox (التي تدخل في معالجة دورة النيتروجين في الطبيعة) حيث تقوم هذه البكتيريا بأكسدة الأمونيوم، بهدف إزالة الأمونيا التي تعتبر من أكبر الملوثات في مياه الصرف الصحي قبل تصريفها.

يقول البروفيسور باسكال سايكالي، الأستاذ المشارك في قسم علوم وهندسة البيئة في كاوست: " تعتبر مياه الصرف من الموارد المهمة، فالإضافة إلى معالجتها، فإننا نهدف أيضاً لإعادة استخدامها في تطبيقات معينة مع بحث إمكانية توفير الطاقة في نفس الوقت، وبشكل أساسي، نريد تحويل محطات معالجة مياه الصرف الصحي من أنظمة كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى أنظمة محايدة للطاقة أو ربما أنظمة مولدة للطاقة.

البروفيسور باسكال سايكالي، الأستاذ المشارك في قسم علوم وهندسة البيئة في كاوست.

 ​
يقوم باحثو كاوست باستخدام التقنية الحيوية البيئية والاستفادة من الاحياء الدقيقة في الطبيعة كالبكتيريا لبناء مفاعلات حيوية موفرة للطاقة تساهم في عملية معالجة مياه الصرف وجعلها عملية محايدة للطاقة، أي غير مستهلكة للطاقة على أقل تقدير، أو في أحسن الظروف توليد طاقة أكبر من تلك التي تحتاجها عملية المعالجة، بحيث يمكن استخدام هذه الطاقة الزائدة في تطبيقات مختلفة.

التطبيقات الممكنة

يعتزم باحثوا كاوست تطبيق هذا الابتكار على عدة مشاريع تجريبية، على سبيل المثال قام الفريق ببناء مفاعلات تجريبية بجوار محطة معالجة مياه الصرف في الجامعة، ثم قاموا بتوصيلها بأنظمة الخلايا الشمسية بحيث يتم استخدام الطاقة الشمسية لمعالجة مياه الصرف واستخدام المياه المعالجة لري ملعب الغولف في الحرم الجامعي.

تنمو بكتيريا الأناموكس على سطح قطب كهربائي وتحول الأمونيوم إلى غاز النيتروجين، وتتدفق الإلكترونات المنبعثة من هذه العملية عبر القطب في شكل تيار كهربائي يمكن استخدامه لتوليد غاز الهيدروجين الغني بالطاقة، وهي خطوة مبتكرة نحو معالجة مياه الصرف المحايدة أو الإيجابية للطاقة.

 ​
جدير بالذكر، أنه يمكن استخدام هذا الابتكار في عدة تقنيات مختلفة وذلك بحسب نوع البكتيريا المستهدفة، فبحسب الورقة البحثية للطالب شو، فإن مياه الصرف لا تحتوي على الأمونيا فقط ، بل تشمل أيضًا عدة مركبات عضوية يمكن استخدامها وتسخير الطاقة الكامنة فيها لتوليد الكهرباء، ويتم ذلك عن طريق تطوير وحدتين للمعالجة، تقوم الأولى بإزالة المواد العضوية وتوليد الكهرباء أو الهيدروجين ، وتقوم الوحدة الثانية بتحويل الأمونيا إلى هيدروجين غني بالطاقة، يقول سايكالي: "يمكنك معالجة المواد العضوية والامونيا وتوليد الهيدروجين في نفس الوقت، ويمكن أيضاً استخدام الطاقة الشمسية في هذه العمليات، وهذا ما يجعلنا متحمسون جداً للعمل في هذا المشروع".

أهمية هذا الابتكار للمملكة العربية السعودية

يعتبر مشروع تحويل الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) إلى هيدروجين من أضخم المشروعات التي يتم العمل عليها في مدينة نيوم في المملكة العربية السعودية، فباستخدام عملية (Haber-Bosch)، يمكن تحويل الهيدروجين إلى أمونيا ثم تسويقها كسلعة إلى أسواق مختلفة، الا أن تحويل الأمونيا مرة أخرى إلى هيدروجين لاستخدامه كوقود يتطلب محفزات معدنية باهظة الثمن وظروف معالجة شديدة تشمل الضغط العالي ودرجة الحرارة العالية فوق 500 درجة مئوية.

وهنا يقدم ابتكار الطالب شو الذي يستخدم بكتيريا الأناموكس لتحويل الأمونيا مرة أخرى إلى هيدروجين في درجة حرارة الغرفة، حلاً مبتكراً يضمن المعالجة المستدامة لمياه الصرف واستخدامها كمصدر للمياه ولإنتاج الطاقة من الهيدروجين وبالتالي تحقيق أهداف كفاءة استخدام الطاقة وتعزيز الاقتصاد الدائري ورؤية المملكة 2030.