Top

استخدام العلم لتوسيع آفاق التصوير الفوتوغرافي

بروفيسور ولفغانغ هيدري

بروفيسور ولفغانغ هيدري- مدير مركز الحوسبة المرئية وأستاذ علوم الحاسوب بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية – تم منحه مؤخراً جائزة همبولت البحثية عن مجمل إنجازاته حتى اليوم، وخاصة في المجال البحثي عن التصوير الحاسوبي وطرق العرض. ويعمل الباحثون في هذا المجال البحثي العلمي على محاولة توسيع آفاق التصوير الفوتوغرافي بالاستعانة بأجهزة وبرامج الحاسوب.

تبلغ القيمة المالية للجائزة 60000 يورو بالإضافة الى قضاء منحة بحثية بألمانيا. وقد اختار بروفيسور هيدريش معهد ماكس بلانك للمعلوماتية وكتلة التميز في مجال الحوسبة والتفاعل متعدد الوسائط المتواجدان بجامعة سارلاند بألمانيا كجامعة مضيفة لمنحته البحثية.

وقد التقينا بالبروفيسور ولفغانغ هيدريش لمناقشة فوزه بالجائزة وأبحاثه وأهدافه، بما في ذلك طموحاته المستقبلية بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.

بروفيسور هيدريش، هل يمكن أن تصف جائزة همبولت بالمزيد من التفاصيل؟

مؤسسة هومبولت هي منظمة ألمانية تمول التعاون الدولي، من خلال مجموعة من البرامج العلمية لإستضافة طلبة الدكتوراه وما بعد الدكتوراه من الجنسيات المختلفة للدراسة بألمانيا، بالإضافة الى ابتعاث أعضاء هيئة التدريس وطلبة ما بعد الدكتوراه من الألمان للدراسة بالخارج. وتعد جائزة همبولت البحثية أحد أرقى الجوائز التي تمنح لأعضاء هيئة التدريس من الأساتذة الذي يعيشون خارج ألمانيا في جميع أنحاء العالم. وتمنح الجائزة في جميع التخصصات وتبلغ الجائزة المالية 60000 يورو، ولكنها تهدف بشكل أساسي الى جذب العلماء المتميزين للسفر لألمانيا للتواصل مع الباحثين الألمان.

لقد اخترت إجراء منحتك البحثية في معهد ماكس بلانك للمعلوماتية في ساربروكن؟

نعم، وأتوقع أن أقضي ما يقرب من 6 أشهر خلال السنوات الثلاث المقبلة بألمانيا لمقابلة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المختلفة وآمل أن أقوم ببعض المشاريع البحثية معهم. في الواقع لقد بدأت هذا بالفعل بالتزامن مع تعييني هنا بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وأعتقد أن ذلك سيتكامل بسلاسة مع خططي أثناء عملي بالجامعة. وسيكون د. هانز بيتر سيدل مدير معهد ماكس بلانك للمعلوماتية مضيفي الرسمي أثناء إقامتي بألمانيا حيث سأزور وأقضي بعض الوقت بالمعهد ولكنني سأستفيد بوقتي أيضا في زيارة العديد من المجموعات البحثية والجامعات الأخرى بألمانيا.

فخلال دراستي للدكتوراه بموطني الأصلي تعرفت على الكثير من أعضاء هيئة التدريس في مجالي البحثي من جامعة بون وجامعة ميونخ التقنية وسأقوم بالاستفادة من هذه الجائزة في إعادة التواصل مع بعض العاملين في مجالي العلمي.

ما الذي أتى بك الى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ومتى انضممت لها؟

لقد انضممت للجامعة منذ فبراير 2014م، فهي صرحاً شاسعاً يتحرك سريعاً وينمو بسرعة تفوق التسعة أشهر القصيرة التي قضيتها بها وأشعر أنني هنا منذ وقت طويل. وهناك سببين رئيسيين لإختياري للانضمام لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. أولهما هو شغلي لمنصب أستاذ بجامعة كولومبيا البريطانية لعدة أعوام وكنت أبحث عن نوعاً جديداً من التحدي. وقد جاء شغلي لمنصب مدير المركز في الوقت المناسب وكانت خطوة جيدة لي.

والسبب الثاني هو فريق العمل والفرص البحثية. فمن حيث المرافق المتوفرة، فإن الجامعة تعد أفضل الأماكن التي رأيتها وأستطيع أن أوكد أن البنية التحتية البحثية لها استثنائية ولا أعرف جامعة أخرى تقاربها في الإمكانات. وأكثر ما أقدره في الجامعة هو توفر المرافق والمختبرات المتاحة للجميع حتى التي يعتقدون أنه لا حاجة لهم بها. وفي الحقيقة هذا ما حدث معي فيما يتعلق بمختبر تصنيع النانو، حيث لم أعتقد أنني الشخص الذي يحتاج لمختبر تصنيع النانو ولكن بعد انضمامي للجامعة وتعرفي على الإمكانات المتاحة، وعلى فرص التدريب التي يمكن أن يحصل عليها طلابي والباحثين من حملة الدكتوراه لتحديد حيود الدرجات لبعض مشاريع البصريات، فلا يمكنك الا الاستفادة من المرافق المتاحة لك. وعند رؤيتك لإمكانات الجامعة تدرك أن هناك فرص هائلة للتطوير الشخصي وإنك تستطيع تحقيق ما كنت تعتقده مجرد أفكار من قبل والذي لا يمكنك تحقيقه في أي مكان أخر قد عملت به.

هل إستفدت بوجود فرص التطوير الشخصي والنمو المتوفرة بالجامعة؟

نعم، لقد قمت بتوسيع نطاق بحثي الأساسي في الرسوميات الحاسوبية والرؤية الحاسوبية الى علم المَناظِرِ "البصريات". وسأتمكن من خلال معاونة فريق العمل الذي أعمل على تكوينه هنا من الطلاب، والحاصلين على الدكتوراه والباحثين من الخلفيات المختلفة فضلا عن مختبر النانو وغيره من المختبرات الرئيسية بالجامعة من تحديد جدول أعمال للأبحاث التي لن نستطيع إجرائها في أي مكان آخر.

هل يمكنك تحديد مجالاتك البحثية بالجامعة، وما هو محور تركيز البحوث الخاصة بك؟

يتركز مجال بحثي بالجامعة على التصوير الحاسوبي والفوتوغرافي، ونسعى للمشاركة في تصميم أجهزة التصوير وخوارزمياتها وتطوير طرق توظيفية أفضل للعرض. وأما ما يتعلق بتصميم الكاميرا بشكل عام فقد أهتم الباحثون بحساسات الصور مثل (CMOS) "شبه موصل أكسيد الفلز المكمـِّل". بينما أهتم البعض الأخر بأن تكون المرئيات جيدة بقدر الإمكان، وأخيراً أولئك الذين قاموا بتطوير الخوارزميات لتصحيح العيوب أو الأشكال التي يتم تركها في الصورة لتعطيك صورة جيدة في النهاية.

كما اتضح وجود طرق أخرى أقوى يمكن إتباعها عند التفكير في الخوارزميات والالكترونيات والبصريات كمتغيرات يمكن التحكم فيها للحصول على أداء كلي أفضل. فعلى سبيل المثال، فبدلا من الحاجة لإستخدام عدسات للكاميرا أكثر تعقيداً بالإضافة الى استخدام المزيد من أنواع العدسات، يمكن التفكير في استخدام عدد أقل من العدسات مع تعديل بعض التصميمات من البصريات الي الخوارزميات. وهذا بدوره سوف يؤدي لإنتاج بصريات أقل سمكا وتكلفة وأخف وزنا. فعلى سبيل المثال، إذا تمكنت من تغيير تصميم الكاميرا الخاصة بك لتصبح أقل سمكا فيمكن بهذه الطريقة البدء في إنتاج هواتف محمولة أقل سمكا.

ورغم أن جودة الصورة الخام ستكون أسوء، ولكننا نستطيع التحكم في هذه الجودة التي ستخرج بها الصورة، فيمكن إلى حد ما تصميم المرئيات بطريقة تسمح بالتحكم في هذه العيوب. فهناك بعض العيوب التي يمكن تصحيحها بسهولة بإستخدام البرمجيات بينما توجد بعض العيوب الأخرى التي يصعب جداً تصحيحها. وكان هدفنا الأساسي هو أن نشارك في تصميم أجهزة وبرمجيات تكفل الحصول على أفضل أداء، مع التأكد من أن هذه الأجهزة لا تتسبب في عيوب يصعب تصليحها باستخدام البرمجيات. وكمبدأ مماثل فإن التعاون المشترك في تصميم الأجهزة والبرمجيات لا ينطبق فقط على الكاميرات، ولكن يمتد أيضا ليشمل تقنيات العرض. وقد قمت بالعمل على بعض هذه المواضيع مثل الدقة المتناهية (نطاق عالي الديناميكية)، وكذلك طرق العرض ثلاثية الأبعاد (نظارات العرض ثلاثية الأبعاد) على مر السنين.

لقد قرأت أحد اقتباساتك حيث قلت إنك قمت بتطوير طريقة حاسوبية التي تمكن من عرض العروض متناهية الدقة على شاشات العرض تظهر للمشاهدين كأنها صورة حقيقية. فهل يمكنك التوسع في ذلك؟

إن هذا مجال بحثي كامل بالنسبة لي -التصوير عالي التباين، فقد بدأ بشكل أساسي بأجهزة العرض والتي كانت في الواقع أول مثال لأجهزة "العرض الحاسوبية" حيث اعتمدت على التصميم المشترك للأجهزة والبرمجيات. وأدى ذلك الى تقنية عرض تسمي "التعتيم الداخلي" تم تسويقها قبل بدء تطبيقها وحصل عليها في نهاية المطاف شركة دولبي، وتوجد الآن في معظم أجهزة التلفاز المسطحة التي يمكنك شراءها. وقد انطلقنا من أجهزة العرض الى دراسة طريقة تصوير الفيديو منخفضة التباين ومحاولة استنتاج تأثير التباين المتناهي على هذه الصورة. فعلى سبيل المثال، إذا التقطت صورة من النافذة الآن، فسيمكنك رؤية جميع النقاط البارزة في الماء وستبدو الصورة الطبيعية مشبعة. ولكن باستخدام بعض الفرضيات حول اللقطات الطبيعية سيمكنك تحديد الأماكن التي يجب أن تكون أكثر إشراقا عنها في الصور الطبيعية، ويمكنك هنا تحسين الصورة لدرجة قد لا تكون شديدة الدقة ولكنها ستكون مقبولة.

ما الذي دفعك للمضي في هذا الطريق؟ وما الذي دعم اهتمامك بمجال عملك؟

لقد كنت مهتم دائما بالحوسبة، وكان أكثر ما يشغلني في التصوير الحاسوبي وطرق عرضه هو أنه يمكنك الجمع بين المنظور الحاسوبي وشيئا آخر مرئي بشكل واضح. حيث يمكنك رؤية الناتج النهائي في شكل جودة أفضل للصورة. فقد تحتاج الى الكثير من النظريات والرياضيات والمهارات المجردة ولكن الناتج لن يكون مجردا على الإطلاق، بل ستكون الصورة ذاتها.