Top

تحويل الإخفاق إلى نجاح

الدكتور صامويل ويست مؤسس متحف الابتكارات التي لم يكتب لها النجاح يتحدث عن أهمية التعلم من الأخطاء ضمن فعاليات وأنشطة برنامج الإثراء في الخريف لعام ٢٠١٧ في جامعة الملك عبدالله.


النجاح ليس معلماً جيداً

ضمن فعاليات وأنشطة برنامج الإثراء في الخريف لعام 2017 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ألقى الدكتور صامويل ويست، مؤسس متحف الابتكارات التي لم يكتب لها النجاح في هلسنجبورج بالسويد، محاضرة شيقة في الحرم الجامعي بعنوان "التعلم من فشل الابتكارات"، تتحدث عن كيفية التعلم من الأخطاء والإخفاقات، حيث تناولت محاضرته مجموعة من الدراسات والابتكارات والاختراعات والمنتجات التي لم يكتب لها النجاح وباتت طي النسيان لفترة طويلة، كما سلطت الضوء على طبيعة المخاطر المترتبة على الأعمال التي تعتمد على الابتكار. 

مواجهة الانتقادات

تحدث ويست عن الابتكار ونصح الحضور ألّا يخشوا الفشل عندما يتعلق الامر بالابتكار بل يجب عليهم أن يتقبلوه ويتعلموا منه. يقول ويست: "إن العمل بمبدأ عدم أخذ الأمور بحساسية مفرطة وتقبل الخوف من الفشل هو من الموضوعات الأساسية لمتحف الابتكارات التي لم يكتب لها النجاح. فلا ينبغي علينا قبول الفشل كنتيجة إلا في حال الإهمال أو عدم الاكتراث. بل يجب تشجيع الابتكارات والأفكار وأن نؤسس لمفهوم التعلم من المشاكل بدلاً من محاولة التخلص منها. وبالنسبة للعاملين في مجال الابتكار، من المهم أن يعملوا كفريق واحد وبروح مرحة كي لا يتأثرون بالانتقادات أو يشعرون بالخوف منها. إن التردد في الحديث عن الإخفاق والفشل في المؤسسات لن يساعد في إحراز أي تقدم".


التعلم من التجارب السابقة

لاقت محاضرة الدكتور صامويل ويست استحسان الحضور من أعضاء مجتمع جامعة الملك عبدالله الذين تفاعلوا معها بصورة كبيرة خصوصاً عندما بدأ ويست باستعراض بعض الابتكارات التي لم يكتب لها النجاح مثل تويتربيك، وهو هاتف ذكي بقيمة 200 دولار موجه لمستخدمي تويتر الذين لا يمتلكون هاتفاً ذكياً، وعلل ويست سبب فشل هذا الجهاز بسبب تركيزه الوحيد على تطبيق تويتر فقط دون توفير أي وظائف أو مميزات كالتي في الهواتف الذكية الاخرى. 

ويعرض متحف الابتكارات التي لم يكتب لها النجاح مجموعة من 80 منتجاً وخدمة غير ناجحة من جميع أنحاء العالم وذلك لتوفير تجربة تعليمية متميزة لزواره. ومن هذه المنتجات سيغواي، ودراجة إيتيرا البلاستيكية، وجهاز الألعاب نينتندو فيرتشوال بوي، ونظام نقل الأنسولين الرئوي – إكسوبيرا، ومعجون أسنان بوفورس، والسفينة الحربية الشراعية السويدية فاسا التي انهارت وغرقت بعد أقل من ميل بحري (حوالي 2 كلم) في رحلتها الأولى في عام 1628  والتي أشار اليها ويست بصورة خاصة في محاضرته واصفاً أنه على الرغم من أن الأحداث المحيطة ببناء وانهيار هذه السفينة كانت متجذرة في القرن ال 17 الميلادي، إلا أنه يمكننا أن نتعلم من الأخطاء التي كانت وراء فشلها. يقول ويست: "مضى على حادثة السفينة فاسا قرابة  400 سنة، إلا أنها لا تزال مثالاً جيداً على أهمية التأكد من أي منتج جديد قبل إطلاقه للسوق".  

وتطرق ويست أيضاً إلى المنتجات التي لم يكتب لها النجاح بعد إطلاقها ولكنها ألهمت الاكتشافات والابتكارات الناجحة التي جاءت من بعدها  مثل جهاز آبل نيوتن، وهو مساعد رقمي شخصي محمول أنتجته شركة التقنية آبل في عام 1993. فعلى الرغم من كونه متطوراً جداً بالنسبة لوقته إلا أنه لم يحقق نجاحاً كبيراً بسبب ارتفاع سعره وضعف خاصية التعرف على خط اليد المدمجة به. ومع ذلك، ألهم هذا المنتج شركة آبل وكان من أسباب توجهها لتطوير هواتف الآيفون وأجهزة الآيباد المتفوقة والذائعة الصيت. 

التعامل مع الإخفاق

كما سلط الدكتور صامويل ويست الضوء بالتفصيل على تباين رؤية العالم والثقافات المختلفة إلى مفهوم الفشل أو الإخفاق. يقول ويست: "في الثقافة الأوروبية أو السويدية، إذا فشلت في شيء ما، فإنك ومن حولك ستشعرون بالحرج المؤقت، ولكن هذا الشعور سيتلاشى مع الوقت. ومع ذلك، قال لي زوار متحفنا إن في بعض الأجزاء الوسطى من أفريقيا ينظر الى الفشل كوصمة عار تلاحق الشخص وتنتقل عبر الأجيال. وقد يربط اسمك بالفشل بسبب فشل أجدادك في الماضي."

من اليسار الى اليمين رئيس برنامج الإثراء في الخريف البروفيسور جيل لوبينيو، والدكتور صامويل ويست والسيدة ماري لوري بولو، مديرة برامج الإثراء.


واختتم ويست كلمته بشرح الصلة الجوهرية بين التعلم من الأخطاء والنجاح في نهاية المطاف. كما كرر الحديث عن هاجس المجتمع الحديث بالنجاح وهوسه بالناجحين. يقول ويست: "النجاح ليس معلماً جيداً. فقراءتك عن النجاح، لا تعني أنك سوف تصبح ناجحاً. التعلم هو السبيل الوحيد لتحويل الإخفاق إلى نجاح. فمن السهل أن تدعي أنك إنسان ناجح ولكن من الصعب جداً أن تعترف أنك أخفقت. ولا بد أن نعي أنه في أي مرحلة من مراحل عملية الابتكار هناك احتمال كبير للفشل. المجتمع الحديث مهووس جداً بالنجاح. ولكنه لا يعي المفهوم الحقيقي للفشل، فلا زلنا نجد أن الإخفاق والفشل شيء محرج للغاية والكثير من المؤسسات تعاقب منسوبيها إذا فشلوا أو أخفقوا. وهذا تناقض كبير، أن يطلب منك أن تكون مبتكراً ولكن دون أي إخفاق أو فشل. كيف سيتحقق ذلك دون أي مساحة للفشل؟ نحن بحاجة لبناء مجتمع يتقبل ويتعامل مع الفشل وينظر له كخطوة أولى في سبيل تحقيق النجاح في آخر المطاف."



بقلم ديفيد مورفي من أخبار جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.