Top

مفاهيم الاحتراق الجديدة


نجح مؤتمر الأبحاث: "مفاهيم الاحتراق الجديدة 2017"، الذي عقد في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من 6 إلى 8 مارس، في جمع خبراء روّاد من الوسط الأكاديمي والقطاع الصناعي ومن مختبرات وطنية في حرم الجامعة لمناقشة كافة الشؤون المتعلقة بمفاهيم الاحتراق الجديدة.

تناول المؤتمر، الذي نظمه مركز أبحاث الاحتراق النظيف (CCRC)، واستمر على مدار ثلاثة أيام، أبحاث الاحتراق التي تتمحور حول مجالات محددة تشمل التطبيقات التي تجري بمساعدة البلازما؛ والتطبيقات التي تجري بمساعدة الكهرباء؛ والمحرك المتطور؛ والمحرك الجديد؛ وتقنية الاحتراق الجديدة. وألقيت في المؤتمر، الذي شهد 15 مساهمة من خبراء احتراق معروفين، خمس محاضرات رئيسية، فضلاً عن جلسة ملصقات.
ورحب البروفيسور وليام روبرتس مدير مركز أبحاث الاحتراق النظيف في كلمته الافتتاحية بالضيوف، وتحدث عن أهمية تشجيع التعاون الدولي مع مجتمع الأبحاث العالمي بهدف اكتشاف أفكار جديدة تسهم في تصميم أنظمة احتراق نظيفة عالية الكفاءة.
وقال: "نحن نتطلع إلى بناء علاقات، وعلينا أن نعمل بدأب لبناء علاقات تعاون هنا بسبب موقعنا. فبناء علاقات تعاون في هذه المنطقة أصعب من بنائها في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا".


البروفيسور إيغور أداموفيتش، من قسم الهندسة الميكانيكية والفضائية الجوية في جامعة أوهايو الحكومية​

 

الآليات الكامنة خلف تحويل الطاقة

تحدّث البروفيسور إيغور أداموفيتش، من قسم الهندسة الميكانيكية والفضائية الجوية في جامعة أوهايو الحكومية، في كلمته الرئيسية الافتتاحية في المؤتمر، عن تحويل الطاقة في البلازما الجزيئية العابرة عند حمل نوعي مرتفع.

وقال أداموفيتش: "نطمح إلى إيجاد آليات تحويل الطاقة. وتزداد عملية إجراء القياسات في الهواء صعوبة عندما يتعلق الأمر بكشف الإلكترون وقياسات درجة حرارة الإلكترون".

ومتابعة لكلمة أداموفيتش، ألقت آن بوردون، من مختبر فيزياء البلازما في معهد البوليتكنيك، كلمتها التي تناولت التطبيقات التي تجري بمساعدة البلازما. وتحدثت آن عن عمل فريقها في دارسة تأثير الوقود على بنية الطرد من مرتبة النانو ثانية في أنواع مختلفة من مزيج الوقود/ الهواء، والتحديات الأساسية في مجال أبحاثها.

وقالت بوردون: "تمثل أبحاثنا تحدياً من وجهة نظر عددية. فالوقود لا يتغير مثل أشياء كثيرة مقارنة بالهواء. ونحن نحاول من خلال أبحاثنا أن نقدم للمهتمين بمجال الاحتراق نتائج حاسمة".
وفي اليوم الأول من المؤتمر أيضاً، ناقش يغوانغ جو من جامعة برينستون الآثار الحركية للبلازما على الاحتراق واستقرار اللهب.

وشرح جو قائلاً: "سررت كثيراً بدعوتي لإلقاء كلمة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن الآثار الحركية على البلازما. يمكن للبلازما أن تعزز الاحتراق، وخاصة عند درجات الحرارة المنخفضة، فهناك سحر في تطبيقات الاحتراق بمساعدة البلازما. ويبدو أن البلازما ناجحة وتعمل بكفاءة، كما أن اقتران البلازما بالاحتراق يعزز عملية الاشتعال. ويمكن باستخدام البلازما تجزئة حدود الاشتعال، كما يعتبر تفعيل الكيمياء منخفضة درجة الحرارة أكثر فاعلية، ويفسح المجال أمام التحكم باللهب معتدل الحرارة والاشتعال في المحرك. وتعزز البلازما الاشتعال مباشرة، ويمكنها تخفيض طاقة الاشتعال الدنيا، ولكنها ذات تأثير أقل على اللهب".

وأضاف: "بالنسبة لتطبيقات المحرك، فإن تطوير طرد حجمي لامتوازن عالي الضغط للبلازما يُعدّ جانباً مهمّاً".
 ​

اختتم وليام روبرتس، مدير مركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، مؤتمر مفاهيم الاحتراق الجديدة، بتقديم الشكر لجميع من ساعدوا على استضافة وتأسيس المؤتمر، كما شكر الضيوف الدوليين على حضورهم وتعاونهم خلال أيام المؤتمر.​


"تجسيد الكيمياء الأساسية"

ووصف البروفيسور ماني ساراثي، الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، العمل المتواصل والأبحاث المتطورة التي تجري في مركز أبحاث الاحتراق النظيف، والدور الذي تلعبه أبحاثه فيه. وركز عرضه التقديمي في المؤتمر على ردم الهوة بين كيمياء الجسيمات المتعادلة والأيونات في اللهب الممزوج مسبقاً.

قال ساراثي: "ينبغي دائماً البدء من مستوى أساسي، فنحن نسعى لصناعة نماذج للتنبؤ بالسلوك. أحب العمل على أنواع مختلفة من الوقود لتطبيقات مختلفة. وتروي نماذجنا قصة يمكن استخدامها في فهم عملية الاحتراق. وينبغي أن تجسّد نماذجنا بعض الكيمياء الأساسية التي تحدث".
وأشار قائلاً: "أحاول شخصياً المساهمة عن طريق التنبؤ بالكيمياء. هناك دوافع عدة لكيمياء الأيونات. فاللهب يحوي أيونات موجبة وسالبة وإلكترونات يجري إنتاجها من خلال عملية تأيين كيميائية. لقد قضى الناس زمناً طويلاً وهم يراقبون اللهب، إلا أن سرعة هذه التفاعلات ما زالت غير معروفة جيداً". 

إعادة النظر في مفاهيم قديمة

شرح جوزيف شيبرد، أستاذ "سي. إل. كيلي جونسون" في علم الطيران والهندسة الميكانيكية في كالتيك أبحاثه عن تجارب اشتعال السطح الحار ونمذجته.
وقال شيبرد: "من غير الواضح دائماً ما هو الاشتعال، فقد قضينا آخر عشرين عاماً تقريباً ونحن ندرس الاشتعال وما يحدث في المرافق الصناعية على صعيد الاشتعال العرضي. ويمتاز مجال كيمياء درجات الحرارة المنخفضة بالأهمية، وغالباً ما تستخدم درجة الحرارة كمعيار للاشتعال الذاتي. ونحن بصدد دراسة معنى حدوث انتقال كبير جداً على مساحات واسعة. أنا أتحدث عن الاحتراق القديم، ولكنني أتمنى أن تظهر بعض المفاهيم الجديدة من إعادة النظر في هذه المفاهيم القديمة".​
 

قدرة على إدارة التحديات الحالية

شهد اليوم الثاني من المؤتمر كلمة لستافان لوندغرين من تقنية الشاحنات في مجموعة فولفو في السويد، شرح فيها أهمية استخدام محركات ديزل عالية الكفاءة في الشاحنات ذات مسافات السحب الطويلة. لقد ابتكر لوندغرين وفريقه نظام احتراق لشاحنة فائقة، يتصدى لتحديات الخدمة الشاقة في أوروبا، وشرح المجهود المتفاني المتواصل الذي بذله فريقه في دراسة أهمية أنواع الوقود البديلة واستخدامها في المستقبل، كأنواع الوقود الكهربائية والشمسية.

وقال لوندغرين: "لقد ابتكرنا شكلاً جديداً للمكبس والمحرك ثنائي الانضغاط/ التمدد. ونعمل على المحركات عالية الحمولة للتطبيقات البحرية، مثلاً، كما نعكف أيضاً على إنتاج محركات لشاحنات السباق. ومن الممكن تخفيض حجم المحرك من خلال تحسين الجوانب الأيروديناميكية وتخفيض مقاومة التدحرج".

وأضاف: "ينبغي إيجاد حل للتحكم بالانبعاثات، وأن تكون كميتها مقبولة. لقد بدأنا في الوقت الحالي بمرحلة الانبعاثات فائقة الانخفاض حتى بالنسبة للشاحنات. ويُعدّ هذا تحدياً، لأن تشغيل النظام عند درجات الحرارة المنخفضة ليس بالمهمة السهلة. ويفتح التطور السريع على صعيد تقنيات المحرك آفاقاً جديدة لرفع الكفاءة. وعلاوة على ذلك، فاختيار الوقود البديل الأفضل مهمة صعبة، وما زال أمامنا الكثير من العمل المثير الذي ينبغي إنجازه".
 

تطور التقنيات

حلل روبرت واغنر، مدير مركز أبحاث الوقود والمحركات والانبعاثات في مختبر أواك ريدج القومي الاحتراق المُمَكّن بتراتبية التفاعلية في كلمته في المؤتمر.
وقال واغنر: "لقد أثار النحو الذي تغيّرت فيه التقنية أثناء الأعوام العشرة الأخيرة اهتمامي حقاً. لقد تغيّرت المحركات كثيراً، وأحرز تقدم كبير في هذا الميدان، ناهيك عن أن التطورات التقنية دفعت باتجاه تصميم أنظمة تحكم أشدّ سرعةً ذكاءً. وعلى الرغم من هذه التطورات التقنية كلها، مازال لدينا مجالات جديدة يمكننا دراستها".

​​
وأضاف: "يوجد حالياً حساسات متطورة وطاقة حوسبة ذاتية متزايدة ومكونات أكثر مرونة. كما أثمرت الأشكال الهجينة أيضاً عن عدة فوائد غير المقصودة. لقد حدثت ثورة على صعيد ما يمكننا فعله".
وتابع واغنر حديثه لمناقشة الاحتراق منخفض درجة الحرارة وكيف يمزج بين أفضل خواص احتراق الديزل والاحتراق ذاتي الاشتعال لتحقيق كفاءة عالية وانبعاثات منخفضة في آنٍ معاً.
وقال: "يستفيد الاشتعال بالانضغاط المسيطر على تفاعليته من استخدام نوعين من الوقود، ويتيح هذا تحكماً مرناً بطور الاحتراق ومعدله، أي أن منهجية الوقود المتعدد توسع إمكانيات تراتبية التفاعلية. ومن شأن التطورات السريعة في تقنيات المحرك أن تتيح فرصاً جديدة لرفع الكفاءة".
 

الدور الرئيسي للاحتراق

افتتح شيريان إيديشيريا من "جنرال موتورز" اليوم الأخير من المؤتمر بتغطية اشتعال البلازما عند درجات الحرارة المنخفضة ومجال اختبارات اشتعال الهالة. وبعد ذلك، ناقش ديريك دن-رانكن من جامعة كاليفورنيا في إيرفين الجوانب الكهربائية للهب وحرق الهيدرات والمشعلات الصغيرة.

قال دن-رانكن: "لا تتشكل الهيدرات بسهولة، ولا يمكن أبداً أن نعرف ما الذي سنحصل عليه. ويستغرق الحصول على الهيدرات ما يتراوح بين 8 ساعات وعشرين ساعة، وهذه مشكلة نموذجية لإحباط التنوي".
وفي عرضه التقديمي "الاحتراق الذي يحلّق عالياً: إبقاء الطائرات بأمان"، وصف جيسون دامازو من شركة بوينغ الدور الحاسم الذي يلعبه الاحتراق في السفر والنقل الجوي في القرن الحادي والعشرين. وألقى الضوء أيضاً على مجالات أبحاث الاحتراق التي تهتم بها بوينغ، ومنها المحركات النفاثة والمحركات الصاروخية وتطوير الوقود والسلامة.

وشرح دامازو ذلك قائلاً: "نجري احتراق وتفاعل البنية ونتطلع إلى إثبات أن عدة أنواع من الاحتراق وتحميل الانفجار تمتاز بمستوى أعلى من الأمان. ونحن نثبت مدى فعالية مكونات السلامة المختلفة المرتبطة بالاحتراق".

وأشار إلى أن السفر جواً يعتبر وسيلة النقل والسفر الأكثر أماناً إلى حد بعيد قياساً بأشكال النقل القياسية الأخرى (يبلغ احتمال الوفاة من اصطدام طائرة 1 من كل 11 مليون مقابل 1 من كل 500 ألف في القطارات و1 من 8 آلاف في النقل بالسيارات).

وقال: "تمتاز الطائرات بسجل حافل، وهي مصنوعة لتنجو من حوادث الاصطدام. أما على صعيد تطوير نظام الوقود، فقد ذهبت أنظمة كثيرة إلى جعل الطائرات أكثر أماناً. ويتمثل النجاح الحقيقي في إيجاد تقنية جديدة قادرة على جعل الطائرات أكثر أماناً. فبناء اهتمام كمّي بالسلامة أمر صعب وممتع في آنٍ معاً".

"كي نثبت لإدارة الطيران الفيدرالية أن نظاماً ما آمن، فإننا نقارنه مع نظام قديم كان مستخدماً في الطيران لسنوات. وينبغي إثبات أن الطائرة الجديدة تحقق مستوى الأمان نفسه الذي كانت تتمتع به سابقاتها. كما ينبغي توفر طريقتين مستقلتين على الأقل لمنع الإخفاق الكارثي عندما تخفق الأنظمة الأخرى.

أضاف دامازو: "لقد كان تحسين أنظمة السلامة لدينا أحد قصص نجاحنا من وجهة نظر كميّة. فالتهديد الذي تمثله كافة مصادر الاشتعال غير متماثل، ونحن نبحث في أسباب الاشتعال وفقاً لمجموعة مختلفة من الآليات، علماً أن درجة الحرارة المطلوبة لحدوث الاشتعال تتغير بسرعة مع تغيّر حجم المصدر الحار. وتسعى بوينغ للحصول على فهم كمّي للاشتعال في ظل مجموعة من ظروف التشغيل".


وليام روبرتس، مدير مركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية​​​

مستقبل كهربائي؟

وفي معرض كلمته في المؤتمر، ناقش لوسين كوبمانس من جامعة فولفو وشالمرز في السويد نظام "يورو 7" لانبعاثات الديزل والاحتراق الذي يمتاز بضياعات تبريد منخفضة، وإن كانت المحركات الكهربائية ستحلّ محل محركات الاحتراق الداخلي في نهاية المطاف.

وقال: "تعترض سبيل المركبات الكهربائية عقبات كثيرة في الوقت الحالي. فالسيارات الكهربائية باهظة الثمن، ويبلغ ثمنها في أوروبا حوالي 76 ألف يورو قياساً بالسيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق التي يبلغ ثمنها حوالي 58 ألف يورو. إن كلفة المركبات الكهربائية مرتفعة جداً، ولذلك يجب أن نبقي على بعض محركات الاحتراق في المستقبل. ولكن عليكم أن تضعوا ذلك الحل التقني في الحسبان أيضاً".

وأضاف كوبمانس: "من الصعب جداً التنبؤ بالمستقبل، وتتفاوت حصة الكهربة تفاوتاً كبيراً في 2030 وفقاً لسيناريوهات مختلفة. وهناك اهتمام إعلامي كبير بالتخلص من محركات الاحتراق الداخلي، وخاصة في أوروبا. وعلينا أن نفعل شيئاً إزاء الانطباع السائد عن الآليات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، وينبغي أن نجعل هذه السيارات أفضل، وأن نضع نصب أعيننا رفع كفاءة المحرك إلى 50 بالمئة على مدار دورة القيادة بأكملها".

واختتم كلامه قائلاً: "علينا التفكير على مستوى النظام هنا، وأن نعتبر أن محرك الاحتراق الداخلي جزءاً من استهلاك/ أداء المركبة. وينبغي أن تصبح محركات الاحتراق الداخلي بديلاً للمحرك الكهربائي، وعند ذلك يغدو النجاح في المستقبل ممكناً".

وردّد وين إكيرل، نائب رئيس شركة كومينوس (الولايات المتحدة الأمريكية) لشؤون الأبحاث والتقنية صدى كلام كوبمانس، وتحدث عن الانتقال من الوقود الكربوني إلى طاقات متجددة نظيفة، ولكنه حذّر من أن هذا الانتقال يستغرق وقتاً طويلاً ويستلزم الكثير من الأبحاث والتطوير.

وقال إيكيرل: "لا تلوح أية أنواع وقود جديدة في الأفق، ولكن الكهربة قادمة، ولذلك نحن نتطلع إلى صناعة أنظمة وقود أخفض كلفة نظراً إلى أن الكهربة باتت نمط حياة".

اختتم وليام روبرتس، مدير مركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، مؤتمر مفاهيم الاحتراق الجديدة، بتقديم الشكر لجميع من ساعدوا على استضافة المؤتمر وتأسيسه، كما شكر الضيوف الدوليين على حضورهم وتعاونهم خلال أيام المؤتمر.

​​