Top

تصنيف لاكتشافات علمية عظيمة

ألقى الكاتب والفيزيائي البارز آلان لايتمان كلمة عن الروّاد أحيا فيها ذكرى أعظم علماء القرن العشرين، وذلك في إطار برنامج الإثراء في الربيع.

​​
​ألقى الكاتب والفيزيائي البارز آلان لايتمان كلمة عن الروّاد أحيا فيها ذكرى أعظم علماء القرن العشرين، وذلك في إطار برنامج الإثراء في الربيع.

وفي كلمته التثقيفية، تحدث الأستاذ الممارس في العلوم الإنسانية في معهد ماساتشوستس للتقنية، ومؤلف كتابي "أحلام إينشتاين" و"التشخيص"، وهما من أكثر الكتب مبيعاً في العالم، عن أهم 25 عالماً واكتشافاً علمياً في عصرنا الحالي، أي الاكتشافات التي غيّرت مفاهيمنا عن العالم وموقعنا فيه تغييراً جذرياً.

وغطى عرضه التقديمي، الذي حمل عنوان "الاكتشافات: إنجازات علمية عظيمة في القرن العشرين"، ابتداءً بالنظرية النسبية وانتهاءً بوضع خارطة بنية الحمض النووي، وذلك استناداً إلى كتابه "الاكتشافات" الذي ألّفه في 2005.

الاكتشافات العلمية العظيمة في عصرنا

تناول لايتمان، الذي نشرت مواده ومقالاته الأدبية في "أتلانتيك" و"غرانتا" و"هاربرز" و"نيويوركر" وفي "نيويورك ريفيو أوف بوكس" على سبيل المثال لا الحصر، بعض العلماء العظماء واختراعاتهم، وذلك ابتداءً من عام 1021 للميلاد حتى 1972. وتطرق في كلمته إلى أعمال العالم المسلم العظيم ابن الهيثم وفهمه للرؤية والبصريات والضوء (1021 للميلاد)؛ وماكس بلانك على اختراعه نظرية الكم (1900)؛ وإرنست ستارلنغ ووليام بايليس على أبحاثهما في مجال الهرمونات (1902)؛ وألبرت إينشتاين لتوضيح وشرح الطبيعة الجسيمية للضوء (1905)؛ وإرنست رذرفورد على أبحاثه في مجال نواة الذرة (1911)؛ وماكس فون لاوي على قياس الكون (1912)؛ ونيلز بور على ميكانيك الكم في الذرة (1913)؛ وأوتو هان وليز ميتنر على الانصهار النووي (1939)؛ وفرانسيس كريك وجيمس واتسون على بنية الحمض النووي (1953)؛ وأبحاث بول بيرغ في مجال أبحاث الحمض النووي المعاد تركيبه في 1972.
وتناول بالتفصيل دراسة حالة عن اكتشاف مقياس المسافة الكونية في 1912 من قبل عالمة الفلك الأمريكية الرائدة هينرييتا ليفيت، التي أصبح اكتشافها للعلاقة بين اللمعان والتغاير الدوري في إضاءة النجوم، من ركائز العلم الحديث، وكان بمثابة تتويج لأعمالها.

وقال لايتمان: "عندما ننظر إلى السماء، لن نرى إلا صورة ثنائية الأبعاد. سنرى مجموعة من النجوم، دون أن نعلم إن كانت من مجرة أخرى، لأننا نجهل حجم مجرتنا. لقد أسهمت نظرية ليفيت في تحديد المسافة بين مجرتنا والمجرات الأخرى". وأضاف: "ولسوء الحظ، فقد فارقت ليفيت الحياة بصورة مفاجئة في عمر مبكر في 1921 قبل أن تنال الأستاذية أو أي جائزة كبيرة خلال حياتها".
وأشار لايتمان إلى أن النساء لم يحصلن على الفرص نفسها التي نالها الرجال على الرغم من الاكتشافات والمساهمات العلمية الكثيرة لهن عبر التاريخ. وشدّد على أن هذا يمثل اتجاهاً ينبغي تغييره في المستقبل. وهذا ما دفعه إلى تأسيس مؤسسة هاربسويل التي تسعى لتمكين جيل جديد من النساء الرائدات في جنوب شرق آسيا. وقال: "ينبغي تشجيع النساء في مجال العلوم. فالنساء في العالم بأسره لا يحصلن إلا على نصف ما يناله الرجال من تشجيع على دخول معترك الميدان العلمي، وذلك شيء ينبغي أن نعمل على إصلاحه".

"تصنيف" للاكتشافات العلمية

ناقش لايتمان، الذي حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من معهد كاليفورنيا للتقنية، ما وصفه بأنه "تصنيف" للاكتشافات العلمية، وكيف يمكن تطبيقه على العلماء الذين تناولهم في كلمته.
وقال: "تنطوي الاكتشافات بمعظمها على نوع من وضع الحلول. وغالباً ما تأتي هذه الاكتشافات بعد فترات من الاستعصاء. ويستطيع العلماء أحياناً إيجاد ما يبحثون عنه من خلال عدم البحث على الإطلاق".

وأسدى لايتمان، الذي يتمتع بخبرة واسعة في الأبحاث والتحقيقات العلمية، بعض النصائح للطلاب والباحثين الحاليين ولعلماء المستقبل، الذين قد تصل أبحاثهم ونتائجهم إلى حائط مسدود.
وقال: "لا تسمحوا لليأس بأن يتسرب إليكم عندما تصلون إلى حائط مسدود. وفي الحقيقة، أنا أشجعكم (أيها الطلبة والباحثين) على الوقوع في مأزق. فهذا يمنحكم وقتاً للتفكير: فقد تكونون على شفا حفرة من اكتشاف عظيم. فالاكتشافات العظيمة تأتي عادة في أعقاب فترات من الصعوبات".
كما ناشد الكتاب والطلبة والباحثين الصاعدين بألا يشعروا بالخوف من انتقاد العلوم التي يستند إليها اختصاصهم والميدان الذي اختاروه.

وأضاف: "لا تنظروا إلى العلم نظرة مثالية. ولا تتهيبوا انتقاده. فجزء كبير من العالم، وخاصة في عصرنا هذا، علمي وعالي التقنية. وينبغي أن نفكر بصورة ناقدة بالعلوم التي تكمن وراء الاكتشافات، التي قد لا يكون معظمها أخلاقياً أو يستخدم مبادئ ملائمة. ولا حاجة بنا في الميدان العلمي إلى تدريب مجموعة من المهللّين، بل نرغب في تدريب من يستطيعون وضع العلم في سياق ومكان".

 

العقل المستعد

التزاماً منه بموضوع هذا العام من برنامج الإثراء في الربيع، اختتم لايتمان، الذي تضعه أبحاثه في مجال النسبية العامة وعمليات الإشعاع والديناميات النجمية، إلى جانب مؤهلاته الأدبية، في مصاف رواد العلم الحقيقيين، اختتم كلمته بتسليط الضوء على اهتماماته العلمية وكيف تثري نشاطه اليومي.
وأكد لايتمان قائلاً: "تعزز العلوم كتابتي. وأنا أستند إلى الموضوع المطروح والثقافة والروح المعنوية. وبخلاف الفنانين، يعمل العلماء على مسائل لها حل في نهاية المطاف. وقد يستغرق إيجاد الحل عشر سنوات أو أكثر، ولكن الحل موجود. وإذا التزم العلماء بالاكتشافات، سيحققون إنجازات في نهاية المطاف".

وانتهى في حديثه قائلاً: "لا أعتقد أن وقتاً كافياً قد انقضى كي نحدد الاكتشاف الأفضل في القرن العشرين. ولا بد من مضي فترة كافية من الوقت لمعرفة أهمية الاكتشاف. ولم يحقق أي هاوٍ أي اكتشاف علمي عظيم برأيي، فقد تحققت كافة الاكتشافات الرائعة على يدي علماء من أصحاب "العقول المستعدة"، فقد درسوا مواضيعهم، وأتقنوا حرفتهم، وكانوا من أصحاب المهارة العالية، أي كانوا هم الخبراء".