Top

كاوست تجري أبحاثاً لتطوير جلد إلكتروني يفتح الطريق لتطبيقات أجهزة استشعار المستقبل

تُقدم المواد ثنائية الأبعاد، مثل (MXenes)، تطبيقات جديدة ومبتكرة لأجهزة الاستشعار التي تستخدم لرصد الإشارات الفسيولوجية والكيميائية الحيوية.


نشرت مجلة "Science Advances" العلمية بحثاً قام به علماء من كاوست لتطوير قدرة الجلد الالكتروني (E-skins) على محاكات جلد الانسان بفاعلية من خلال معالجة التحديات المتمثلة في فهم الوظائف الحيوية للجلد البشري مثل الاستشعار والتقييم والتمييز والتكيف والاستجابة للمحفزات الخارجية المتعددة.

وقاد هذا البحث الدكتور فنسنت تونغ ، الأستاذ المشارك في علوم المواد ومدير مختبر المواد ثنائية الأبعاد في مركز الحفز الكيميائي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) ، ويشين كاي، زميل ما بعد الدكتوراة في المختبر، وجي شين، زميل ما بعد الدكتوراة ، من مجموعة المواد الوظيفية ذات البنية النانوية في مركز الأغشية والمواد المسامية المتقدمة في كاوست، يقول تونغ: "عرض يشين وجي بحثهما على مجموعة المواد ثنائية الأبعاد في كاوست، وكان بحثاً رائعاً قدما من خلاله فكرة مبتكرة جداً، وأنا ممتن جداً لهذ المساهمة التي بفضلها استطعنا بناء فريق قوي ومبتكر."

الدكتور فنسنت تونغ، الأستاذ المشارك في علوم المواد.

المواد ثنائية الأبعاد وصناعة الإلكترونيات

سيطرت الأجهزة القائمة على السيليكون منذ الثورة الرقمية على صناعة الإلكترونيات بسبب انخفاض تكلفة المواد اللازمة لبنائها، الا أن متطلبات الجيل الجديد من الإلكترونيات اختلفت وتعقدت وأصبح التوجه اليوم نحو أنظمة الكترونية تقدم وظائف جديدة مؤثرة تكون أكثر استدامة ومرونة وكفاءة.

يقول تونغ: "هناك العديد من الخصائص الفريدة التي يمكن ان تقدمها لنا المواد ثنائية الأبعاد، وفي الواقع، يمكنك أن ترى المواد ثنائية الأبعاد كحلقة وصل لسد الفجوات الموجودة في العديد من المجالات، خاصة في الجيل القادم من الإلكترونيات، والإلكترونيات الضوئية، وأجهزة الاستشعار".

تتميز المواد ثنائية الأبعاد بخصائص تجعلها سهلة الضبط والتعديل من خلال التحكم في تركيبتها وهيكلها وأبعادها، وهذا يعني أن هناك حرية إضافية لخفض المكونات النشطة لها وجعلها عند سماكة الذرات - وهي وصفة فريدة لتحقيق أقصى مرونة للإلكترونيات، ويوضح الدكتور تونغ ذلك بقوله: "نتعامل عادةً مع مئات المايكروميترات من الرقائق التي تستخدم في تطبيقات العالم الحقيقي مثل الجلد الالكتروني، وإلكترونيات أشباه الموصلات ، وأجهزة الاستشعار، والمواد المحفزة"، ويضيف شين :"الفكرة الأساسية هنا هي أن المواد ثنائية الأبعاد مثل الجرافين وأكسيد الجرافين والماكسين يمكن تشتيتها في المذيبات ، مما يعني سهولة إنتاج هذه الأنواع من المواد على نطاق واسع".

يشين كاي، زميل ما بعد الدكتوراه، من مختبر المواد ثنائية الأبعاد للبروفيسور فينسينت تونغ، من مركز الحفز الكيميائي (KCC) في كاوست.

وكجزء من البحث المنشور، قام الفريق بتشتيت هذه المواد في الماء لصنع مساحة كبيرة من أغشية الهيدروجيل الرقيقة، والتي أظهرت خصائص إلكترونية ممتازة.

محاكاة خصائص جلد الإنسان

يتوقع أن تكون الرعاية الصحية على وجه الخصوص من بين الصناعات التي ستشهد طلباً كبيراً لهذه الهياكل المادية الجديدة، حيث يفتح ظهور المواد ثنائية الأبعاد، مثل مركب (MXenes)، طرقًا جديدة ومبتكرة لأجهزة الاستشعار المستخدمة في تحديد العلامات الفسيولوجية والكيميائية الحيوية، هذا بالإضافة الى مثالية الجلد الإلكتروني لمثل هذه التطبيقات كونه فائقة النحافة، ومصنوع من مواد ثنائية الأبعاد شفافة للغاية، يقول كاي: "بالنسبة للتطبيقات الإلكترونيات المرنة، يمكننا صنع بشرة إلكترونية شفافة يمكن تثبيتها بسهولة على جسم الانسان دون أي تشويه مرئي وقدرة على العمل لفترة طويلة".

ولمحاكاة خصائص جلد الإنسان، يستخدم فريق كاوست مادة الهيدروجيل المركبة من شبكة من سلاسل البوليمر المتشابكة التي لها القدرة على الانجذاب نحو الماء والارتباط مع جزيئاته عن طريق تشكيل روابط هيدروجينية، يقول كاي: "الهيدروجيل عبارة عن بوليمر يشكل الماء فيه نسبة 90 في المائة، وهو مرن للغاية بحيث يمكننا شده حتى 28 مرة ويمكنه التعافي بسرعة كبيرة من ذلك، إنه مشابه جداً لبشرتنا، ويمكن تثبيته بسهولة على جسمنا".


جي شين، زميل ما بعد الدكتوراه، من مجموعة المواد الوظيفية ذات البنية النانوية في مركز الأغشية والمواد المسامية المتقدمة في كاوست.

استطاع فريق الدكتور فنسنت تونغ الخروج بتصميم فريد للجلد الالكتروني من الهيدروجيل عبر دمج حزمة أسلاك نانوية أحادية الأبعاد من المركب العضوي (polypyrrole)  في طبقة الواجهة واستخدام المادة ثنائية الأبعاد (MXenes) كطبقة استشعار، وأظهر الجلد الإلكتروني الناتج قدرات رائعة لاستشعار الحواس المختلفة واكتشاف الإشارات أو المنبهات من اتجاهات مختلفة، على سبيل المثال ، يمكن للجلد الالكتروني اكتشاف التغيّر في ضغط الدم واستشعار الاجسام أو المحفزات الخارجية من مسافة قريبة.

ويأمل كاي أن يتم في المستقبل استخدام الهيدروجيل في المزيد من العمليات المتعلقة في الطب والرعاية الصحية مثل عملية توصيل الأدوية داخل جسم الانسان.

الاستشعار الكيميائي في التطبيقات الصناعية

 تتميز مادة (MXenes) ثنائية الابعاد بقدرات كبيرة لاستشعار المواد الكيميائية مثل السوائل أو الغازات السامة وهذا يجعلها مناسبة جداً في التطبيقات الصناعية المتعلقة بالاستشعار الكيميائي والوظائف الكيميائية، على سبيل المثال ، يمكن استخدام الجلد الإلكتروني كشريط إلكتروني يتم تثبيته حول الأنابيب داخل المصانع والمعامل لاكتشاف التشققات والتسريبات عن بعد، ويمكن للشركات الكبيرة مثل أرامكو السعودية استخدام الشبكات الالكترونية المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي لاستشعار الاضرار التي تلحق بالبنية التحتية الصناعية.

يقول تونغ: " لن يقتصر الجلد الالكتروني على تطبيقات الرعاية الصحية والاستشعار الكيميائي في المصانع بل يمكننا أن نتخيل المزيد من التطبيقات في المستقبل، مثل الكشف عن المواد الكيميائية الضارة في الجو وتحسين قدرة الروبوتات على اكتشاف المواد الخطيرة والمتفجرة في المطارات، والعديد من التطبيقات الأخرى، وبالنسبة لفريقنا فإن تطوير الجلد الإلكتروني هو مجرد الخطوة الأولى، ولدينا المزيد من المشاريع في هذا المجال والتي سنقوم بنشرها قريبًا، ونأمل أن يكون عام 2021 عامًا حافلاً بالإنجازات لمختبر المواد ثنائية الابعاد في كاوست".