Top

تقنية الإضاءة بالليزر في الاتصالات الضوئية

البروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والحاصل على زمالة جمعية البصريات الأمريكية (OSA).

-بقلم كيتلن كلارك, من أخبار جامعة الملك عبدالله

وقع البروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في عام 2014، اتفاقية مع فريق البروفيسور شوجي ناكامورا من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا (UCSB) والحائز على جائزة نوبل، وباحثين من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (KACST)، للعمل معاً على تقنية الإضاءة بالليزر والمعروفة بـ (SSL)، وهي تقنية إضاءة جديدة يمكنها أن توفر طاقة أكثر من تقنية إضاءة الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) المستخدمة اليوم، كما أن لها تطبيقات مستقبلية واعدة في مجالي الاتصالات الضوئية المرئية (VLC) والاتصالات تحت الماء.

البروفيسور شوجي ناكامورا من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا (UCSB) والحائز على جائزة نوبل (يساراً)، والبروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (يميناً)، في حرم الجامعة.

تعتمد تقنية الإضاءة بالليزر (SSL) على استخدام أشباه الموصلات كمصدر للإضاءة تماماً مثل تقنية (LED) التي تعتبر أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنةً بالمصابيح التقليدية الأخرى – كمصابيح الهالوجين. يقول البروفيسور بون أوي : "الخطوة القادمة لتطوير تقنية إضاءة (LED) هي باستخدام ليزر أشباه الموصلات لتوليد الضوء الأبيض في تطبيقات الإنارة نظراً لأن الضوء الناتج عن الصمامات الثنائية الليزرية أكثر توهجاً، ولا يستهلك طاقة كبيرة بالمقارنة مع مصابيح (LED). فعلى سبيل المثال، يمكن لتقنية الإضاءة بالليزر(SSL) توفير 80 بالمائة من الطاقة مقارنة بالمصابيح التقليدية."

ويقوم البروفيسور ناكامورا وفريقه حالياً بتطوير هياكل المواد الليزرية من مركب نيتريد الغاليوم (GaN) عالي الجودة ومواد أخرى ذات الصلة وفقًا للتصميم الذي قدمه علماء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.  وفي هذا السياق يتحدث البروفسور بون أوي عن دور فريقه في هذا البحث التعاوني: "نقوم في المختبرات الأساسية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بتطبيق تقنيات التصنيع النانوي على رقاقة الليزر التي تم تصميمها في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا وذلك لتحويلها إلى أجهزة ليزر أشباه الموصلات ذات أداء فائق."

الفروقات بين تقنيتي (Li-Fi) والإضاءة بالليزر

البروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أثناء عمله مع اثنين من طلبته.

تعتمد الاتصالات الضوئية المرئية (VLC) اليوم على تقنية (Li-Fi) التي تستخدم الضوء المرئي من مصابيح (LED) لنقل البيانات في شكل ومضات سريع للغاية. وتختلف هذه الطريقة عن التقنية المستخدمة في نظام نقل البيانات الشهير (Wi-Fi) والذي يعتمد على موجات الراديو. ويقوم البروفيسور بون أوي وفريقه بدراسة استخدام أشباه الموصلات المصنوعة من مركب نيتريد إنديوم الغاليوم (InGaN) ومركب نيتريد الغاليوم (GaN) في الاتصالات الضوئية المرئية. واستطاعوا إثبات أن هذه الطريقة أسرع بـ 20 مرة من تقنية (Li-Fi). يقول البروفيسور بون أوي: "يمكن لمصابيح (LED) توليد ضوء أبيض مناسب للإنارة وفي نفس الوقت توفير الكثير من الطاقة مقارنة بالمصابيح التقليدية، ولكن باستخدام الليزر، فإننا نوفر المزيد من الطاقة فضلاً عن إمكانية إرسال البيانات بشكل أسرع".

الاتصالات تحت الماء

كما عمل البروفسور بون أوي وفريقه مع فريق أبحاث البروفيسور محمد سليم العلويني في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، لتطوير تقنيتهم وتوظيفها في مجال الاتصالات تحت الماء وهي مشكلة تقدمت بها شركة أرامكو السعودية. حيث تريد أرامكو حلاً لمشكلة إرسال واستقبال إشارات الفيديو في الوقت الفعلي بين غواصات صغيرة تابعة لها مسؤولة عن تحليل بيانات قاع البحر ومن ثم إرسال هذه البيانات إلى قارب على سطح الماء.

ويرى البروفيسور بون أوي أن نظام الاتصالات الضوئية المرئية باستخدام الليزر يمكنه بسهولة إرسال الإشارات من قاع البحر مباشرة إلى قارب على السطح في الوقت الفعلي. ليس هذا فحسب، بل يمكنه القيام بالعديد من المهام الأخرى، فعلى سبيل المثال يمكن لأرامكو استخدام هذا النظام لمراقبة خطوط أنابيب النفط تحت الماء. يقول البروفيسور بون أوي: "تحتاج أرامكو إلى مراقبة خطوط أنابيب النفط تحت الماء بصورة مستمرة بحثاً عن أعراض التآكل والتسربات التي قد تسبب كوارث بيئية. وهي في الوقت الحالي تستخدم الغواصين لفحص خطوط الأنابيب، وهذا أمر صعب جداً ومكلف نظراً لطول هذه الأنابيب البحرية. ومن العملي جداً إرسال إنسان آلي قادر على الغوص وإجراء مسح لخطوط الأنابيب باستمرار ومن ثم إرسال المعلومات عبر الاتصالات تحت الماء."

ولا يزال العمل جارياً بين فريقي البروفيسور بون أوي والبروفيسور محمد سليم العلويني لتطوير الاتصالات تحت الماء في المختبر، ويأملون في البدء باختبار تقنيتهم في البحر الأحمر بنهاية عام 2018. يقول البروفيسور بون أوي: "لا يزال أمامنا الكثير لنقوم به قبل أن تصبح التقنية نظامًا حقيقيًا قابلاً للتطبيق في الغواصات أو الاتصالات مع الغواصين، لكننا واثقون جداً من إتمام المشروع في المستقبل وتحسينه في البيئة الحقيقية."

الابتكار وريادة الأعمال في تقنية الاتصالات الضوئية   

البروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية يعمل مع فريق بحثي دولي في مجال استخدام أشعة الليزر في الاتصالات الضوئية المرئية (VLC).

قام فريق الأبحاث التابع للبروفيسور بون أوي بتأسيس شركة ناشئة تسمى سانور، تعني "الضوء السعودي"، وهي شركة متخصصة في تطبيقات الاتصالات الضوئية المرئية باستخدام الليزر في الإضاءة الخارجية عالية الطاقة وفي المصابيح الأمامية للسيارات. يقول البروفيسور بون أوي: "تستخدم معظم السيارات الفاخرة مصابيح أمامية بتقنية (LED) ، إلا أن بعض شركات تصنيع السيارات الألمانية مثل أودي وبي إم دبليو بدأت بإضافة تقنية الليزر في المصابيح الأمامية نظراً لقدرتها الفائقة على إنارة مساحات كبيرة تزيد عن 600 متر وهو أمر مهم عند القيادة في المناطق الريفية ضعيفة الإنارة. ولكن طموحنا في هذا المشروع هو تطوير مصابيح ليزر تستطيع إنارة مساحة أكبر تصل إلى كيلومتر واحد. "

ومن التطبيقات الأخرى لتقنية الليزر في الاتصالات الضوئية المرئية لمصابيح السيارات الأمامية والخلفية هو إمكانية استخدامها للتواصل مع السيارات الأخرى في الطريق أو حتى مع أضواء الشارع. ويشرح البروفيسور بون أوي ذلك: "هذا النوع من التواصل مثالي من ناحية السلامة، فعلى سبيل المثال، إذا تعرضت سيارة لحادث مفاجىء في الطريق، يمكنها في نفس اللحظة التواصل مع السيارات أمامها وخلفها لإعلامهم بالحادث وأخذ الحيطة. كما يمكن أن يتكامل هذا النظام مع أنظمة الحاسب الآلي في السيارات وبالتالي التحكم بسرعة السيارة حسب ظروف السير، أو التواصل مع أضواء الشوارع وغيرها من البنى التحتية لتنبيه الشرطة لأي حادث."


البروفيسور بون أوي وجمعية البصريات الأمريكية


البروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية مع طلبته في مختبر أبحاث الضوئيات في الحرم الجامعي.

قامت جمعية البصريات الأمريكية (OSA)، وهي جمعية علمية متخصصة في تطوير دراسة الضوء (البصريات والفوتونات) نظرياً وتطبيقياً، عبر الأبحاث في جميع أنحاء العالم، قامت بترشيح البروفيسور بون أوي لزمالة الجمعية في 18 سبتمبر 2017. وتسلم البروفيسور الجائزة في 12 مارس 2018 خلال مؤتمر ومعرض الشبكات والاتصالات الضوئية (OFC) 2018 في سان دييجو، بولاية كاليفورنيا، وهو أكبر مؤتمر للاتصالات البصرية في العالم. وعبّر البروفيسور عن سعادته بهذه الجائزة وقال: "يشرفني الحصول على هذه الجائزة وهذا التكريم لقاء إنجازاتي في مجال الإضاءة الليزرية وفي الاتصالات الضوئية المرئية، وهي بالنسبة لي محطة فارقة في مسيرتي العلمية والمهنية، والتي لم أكن لأصل اليها لولا جهود فريقي من الطلبة وزملاء ما بعد الدكتوراه والباحثين المتعاونين".

مستقبل تقنية الاتصالات الضوئية المرئية


البروفسور بون أوي، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية يتطلع للعمل مع زملائه الباحثين لتطوير أجهزة ليزر أشباه موصلات بالأشعة فوق البنفسجية (UV).

يعتزم البروفيسور بون أوي مواصلة الشراكة بين فريقه وفريق البروفيسور شوجي ناكامورا من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا وباحثي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والتي يصفها "بالشراكة الصحية، حيث تقوم جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا بإرسال طلبتها لاختبار أجهزتهم في مختبراتنا المتطورة. كما ترسل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مهندسيها لتلقي التدريب في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وإكمال دراساتهم العليا لدرجة الدكتوراه. "

كما يبحث البروفيسور بون أوي مع فريقه تطوير ابتكارات جديدة في مجالات أخرى، مثل استخدام الأشعة فوق البنفسجية (UV) لتوليد الضوء الأبيض. ويشرح البروفيسور بون أوي ذلك: "لا توجد حتى الآن أجهزة ليزر أشباه موصلات بالأشعة فوق البنفسجية، لذا فإن أول شيء سنعمل عليه هو إنتاج أشباه موصلات للأشعة فوق البنفسجية. وسوف يفتح هذا المشروع مجالات وتطبيقات مستقبلية كبيرة. ونحن نسعى إلى الريادة في هذا المجال تحديدًا."