Top

شراكة لتعزيز التنبؤ بجودة الهواء وعلوم البيئة في المملكة العربية السعودية

أكد الدكتور محمد عبد القادر خبير الإحصاء والنمذجة في المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي (NCEC) أهمية الشراكة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وتوسيع نطاقها لتلبية الطلب المتزايد على الأبحاث التي تهدف لمواجهة التحديات البيئية الحرجة. وشدد على أن هذه الشراكة ضرورية لإدارة حالات الطوارئ المتعلقة بجودة الهواء في مختلف مناطق المملكة، وقال "نستعد للتعاون في مشاريع متعددة تهدف إلى إيجاد حلول لتحديات بيئية محددة تتطلب بيانات عالية الجودة وتحليلاً متخصصاً، مثل التنبؤ بجودة الهواء"، مشيراً إلى الجهود المشتركة الأخيرة بين كاوست والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي لتطوير نظام متقدم للتنبؤ بجودة الهواء في المملكة العربية السعودية، وأضاف "نخطط للاستفادة من الحاسوب العملاق شاهين 3 في كاوست لتوفير تنبؤات دقيقة للغاية حول جودة الهواء في جميع مناطق المملكة".  

ويتضمن أحد المشاريع المقترحة تعزيز موثوقية أنظمة الاتصال الخاصة بالمركز، لضمان نقل بيانات جودة الهواء على نحو آمن عبر الشبكة الوطنية، لا سيما في المناطق التي تفتقر إليها الوسائل التقليدية.  

ويقوم المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي بمراقبة جودة الهواء في جميع أنحاء البلاد من خلال تشغيل شبكة تضم 240 محطة رصد، إلى جانب جمع بيانات الأقمار الاصطناعية، وإجراء تقييمات للانبعاثات والأثر البيئي. ويؤدي المركز دوراً محورياً في دعم المشاريع الوطنية، وتوجيه السياسات الصحية العامة، وتوفير بيانات حيوية للتخطيط الاستراتيجي. 

ويوضح الدكتور عبد القادر أن مساهمة كاوست تعزز من قدرات المركز في مجال الرصد البيئي، يقول "من خلال الاستفادة من مختبرات كاوست وخبراتها العلمية، يمكننا تفادي ازدواجية الموارد وتطبيق أحدث الأبحاث العلمية في حل مشكلات بيئية واقعية، مما يسهم في تعزيز كفاءة الإنفاق. تُعتبر هذه الشراكة مثالاً يُحتذى به في التعاون بين المؤسسات البحثية والقطاعات الحكومية، بهدف تطوير حلول فعالة ومستدامة للمستقبل". 

يشار  إلى أن الدكتور محمد عبد القادر، هو أحد خريجي كاوست، وعمل سابقاً على تطوير نموذج لتفاعلات الرماد البركاني مع كيمياء الستراتوسفير (2017–2023)، واعتبر تجربة الدراسة في كاوست عاملاً أساسياً في مسيرته المهنية الحالية، مؤكداً على دور الجامعة الحيوي في إعداد الكفاءات العلمية الوطنية. 

وأضاف "أن تركيز كاوست على الأبحاث متعددة التخصصات والتقنيات المتقدمة يعد أمراً بالغ الأهمية لمعالجة التحديات البيئية على مستوى المملكة. وإذا كانت المملكة تسعى لتكون رائدة في مجال العلوم البيئية والتقنية، فعلينا الاستثمار في تطوير الكفاءات، وكاوست تؤدي دوراً جوهرياً في هذا المسعى".  

مؤتمر ACAP المؤثر  

وخلال مؤتمر كاوست لأبحاث كيمياء الغلاف الجوي وتلوث الهواء (ACAP)، قدّم عبد القادر عرضاً عن البرنامج الوطني لإدارة جودة الهواء، الذي يُنسق كافة الأنشطة المتعلقة بجودة الهواء في المملكة تحت إطار شامل، يشمل إدارة الشبكات، ومعالجة البيانات، والاستجابة للطوارئ، والبحث العلمي، والتخطيط الاستراتيجي. 

وقد أتاح له المؤتمر فرصاً للتواصل مع علماء من كاوست، ومن مختلف أنحاء العالم، كما سلط الضوء على ريادة المركز الوطني في مراقبة جودة الهواء وخططه الطموحة. وقال "كانت هذه فرصة ممتازة لإبراز جهود المملكة في مراقبة وإدارة جودة الهواء، وتوضيح الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه كاوست في دعم هذه المبادرات، خصوصاً في مجال البحث والتطوير التقني". 

وأكد البروفيسور تشاك تشان، عميد قسم العلوم والهندسة الفيزيائية في كاوست ورئيس المؤتمر، على أهمية هذا العمل قائلاً "يمكن للناس اختيار الماء الذي يشربونه، لكنهم لا يستطيعون اختيار الهواء الذي يتنفسونه". ولفت إلى أن جودة الهواء أساسية لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 في الحد من التلوث، وضمان الاستدامة البيئية طويلة الأمد، وهو ما يدفع توجهات كاوست البحثية. وأضاف "نطمح لأن نكون محفزاً للتنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي للمملكة والعالم".  

وخلال المؤتمر، استعرض تشان أبحاث كاوست حول آثار حرق الكتل الحيوية – الذي يُعد مصدراً رئيسياً للملوثات الجوية، والمتوقع أن يزداد بفعل تغير المناخ العالمي. وشرح كيف يمكن لهذه الممارسة أن تساهم في تفاعلات كيميائية، مثل تكوين الكبريتات من ثاني أكسيد الكبريت. وقال إن فهم هذه العمليات ضروري لتقييم جودة الهواء ووضع استراتيجيات للتخفيف من التلوث وآثاره الصحية. 

وأضاف "نهدف بشكل عام إلى التعرف على مصادر الملوثات المختلفة وقياسها، بالإضافة إلى فهم طرق تكوّنها، وذلك لنتمكن من تقديم توصيات مدروسة لصانعي القرار لتحسين جودة الهواء".  

تعاون جوهري 

من جهته، أشار البروفيسور عماد غالوزي، أستاذ علوم الحياة ورئيس مركز التميّز للصحة الذكية في كاوست، إلى أنه يعمل مع تشان وزملاء آخرين في كاوست لفهم تأثير الملوثات البيئية -بما فيها تلوث الهواء-على العمليات الخلوية والجزيئية، خاصة فيما يتعلق بالتعبير الجيني واستجابات الإجهاد.  

وتستكشف أبحاث غلوزي كيف يؤثر التعرض المطول للملوثات على سلوك الخلايا، بما في ذلك دور الخلايا الشائخة في إفراز جزيئات ضارة. وأكد أن كاوست تسعى لتطوير أدوات أكثر دقة لدراسة التعرض للملوثات في الواقع باستخدام تقنيات متقدمة، مما يسهم في تعزيز فهم تأثير التلوث على الصحة العامة، وقال "إنه مفهوم شامل ومتكامل. ولتحقيقه، نحتاج إلى نهج بحثي متعدد التخصصات". 

وتتمتع كاوست بموقع ريادي أكاديمي في مجال أبحاث جودة الهواء في المنطقة، ويرى عبد القادر فرصاً أوسع للتعاون المستقبلي مع المركز الوطني، بما في ذلك الأبحاث المتعلقة بتأثير الهباء الجوي على صحة الإنسان – وهو مجال يلقى اهتماماً متزايداً في المملكة، وعلى مستوى العالم. 

وأضاف "عمِلنا مع باحثي كاوست لمراقبة المناطق الساحلية وتقييم تلوث المياه. هذا التعاون الشامل في مجالات الهواء والماء والتربة يوضح أن شراكتنا مع كاوست تتجاوز مجالاً واحداً، بل تشمل جوانب متعددة من العلوم البيئية".