التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
بعثة أوشن إكسبلورر تقوم برسم خرائط لقاع البحر قبالة ساحل سانتو أنتاو، قبل زيارة الرئيس خوسيه ماريا نيفيس، رئيس "كابو فيردي"
شهدت مشاركة طلبة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في أولى رحلات "أوشن كويست" حول القارة الإفريقية موجة من الاكتشافات العملية الملهمة. ومثّلت هذه الرحلة خطوة مهمة في توسيع مشاركة كاوست في أبحاث أعماق البحار، وذلك من خلال شراكتها مع مؤسسة "أوشن كويست" غير الربحية الهادفة إلى تسريع عمليات استكشاف أعماق المحيطات، ودعم الابتكارات التقنية وعقد شراكات تسهم في تطوير أبحاث المحيطات متعددة التخصصات بما يعود بالفائدة على البشرية، ويعزز الوعي العام الدولي بعالم المحيطات.
وقال علي الأبيض، طالب الدكتوراه في مختبر الميكروبيوم البحري تحت إشراف البروفيسورة راكيل بيكسوتو "كانت تجربة ملهمة أن نعيش ونعمل ونتعاون مع زملائنا من مختلف أنحاء إفريقيا". وأضاف "تعلمنا الكثير معًا، واكتسبنا خبرات متعددة في تخصصات علوم المحيطات المختلفة".
انطلقت الرحلة في يناير 2025، حيث انضم ثلاثة من طلبة الدكتوراه في كاوست إلى علماء ناشئين من مختلف أنحاء العالم، مع التركيز على التمثيل الإفريقي، على متن سفينة الأبحاث المتطورة (RV OceanXplorer). ونُظمت الرحلة بالشراكة مع "أوشن إكس"، وهي أول رحلة استكشافية لأعماق البحار من "أوشن كويست" تجمع بين البحث العلمي والتدريب العملي والتواصل العلمي. وقادت "أوشن كويست" هذه المبادرة بدعم من كاوست، تجسيدًا للالتزام المشترك بتطوير الكفاءات الشابة والنهوض بعلوم المحيطات بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.
انطلقت المرحلة الأولى من البعثة من "موروني" بجزر القمر، واستكشفت المحيط الهندي جنوبًا حتى "كيب تاون" بجنوب إفريقيا، مع التركيز على تقييم التنوع البيولوجي عبر العديد من الجبال البحرية. أما المرحلة الثانية، المخصصة للمهنيين الناشئين في علوم المحيطات، فاستمرت شمالاً إلى خليج "والفيس" في ناميبيا ثم إلى "مينديلو" في كابو فيردي، حيث أنجزت المرحلة الأخيرة من العمل العلمي. ومن هناك، أبحرت السفينة مع مجموعة جديدة من العلماء الناشئين نحو "لاس بالماس" في جزر الكناري، معلنة نهاية الرحلة.
وأكد الدكتور نيكو أوغستين، مدير الأبحاث والبعثات في "أوشن كويست"، إن هذه الرحلة الأولى الاستكشافية أتاحت لطلبة كاوست "تدريب عملي في البحر"، شمل استخدام المعدات البحرية وجمع العينات، مشيرًا إلى أنه على عكس التعلم في الفصول الدراسية، فإن بيئة المحيطات التي لا يمكن التنبؤ بها تتطلب القدرة على التكيف وبناء الثقة، مما يوفر خبرة واقعية ضرورية لعلماء البحار ستنعكس على مسيرتهم العلمية والمهنية.
انضم مرتضى المال الله، طالب الدكتوراه في هندسة وعلوم الأرض تحت إشراف البروفيسورة فريكجي فان دير زوان، إلى المرحلة الأولى من الرحلة كجيولوجي، حيث تعلم تقنيات رسم خرائط أعماق المحيط وجمع عينات من الصخور البركانية لدراسة نشأة الجبال البحرية في جنوب غرب المحيط الهندي، وقال "من خلال دراسة تكوّن الجبال البحرية هناك، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل الجبال البحرية الموجودة في المملكة العربية السعودية".
شارك في المرحلة الثانية من الرحلة كل من الأبيض وزميله أحمد السقاف، وكلاهما من طلبة الدكتوراه في كاوست تحت إشراف البروفيسورة بيكسوتو. وأوضح السقاف أن الأسابيع الثلاثة التي قضاها على متن سفينة الأبحاث تضمنت استكشاف الكائنات البحرية، وتحديد أنواع الكائنات الحية في الأعماق، وجمع عينات مياه لتحليل التسلسل الجيني، وقياس كيمياء الكربون في عمود الماء لتقييم تأثير تحمض المحيطات في المنطقة.
وكان من المقرر أن يغادر الطالبان السفينة في وقت مبكر، غير أن "أوشن كويست" وجهت لهما دعوة إلى البقاء والمشاركة في مهمة علمية إضافية في "كابو فيردي"، بعد توفر أماكن إضافية نتيجة اعتذار بعض الباحثين عن الانضمام.
وأضاف السقاف "بصفتي عالم بحار مهتم بمجال حماية الشعاب المرجانية والحفاظ عليها، تمكنت من رؤية كيف يمكن للشعاب المرجانية المختلفة أن تعيش في ظل الضغوطات العالمية وكيفية بنائها للشعاب والمجتمعات تحت الماء". وتابع "خضت تجارب بحثية ميدانية جديدة لم أتعرض لها من قبل — وهي تجارب أطمح لترجمتها إلى عملي البحثي في درجة الدكتوراه".
يشار إلى أن "أوشن كويست" هي مؤسسة سعودية غير ربحية، أنشئت بهدف دفع عجلة الاكتشاف والابتكار والتعاون العالمي في مجال أبحاث أعماق المحيطات دعمًا لرؤية 2030. ورغم أن الرحلة الأولى قد اكتملت عمليًا، فإنها ستُختتم رسميًا مع وصول السفينة إلى مدينة "نيس" الفرنسية للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، الذي سيُعقد في الفترة من 9 إلى 13 يونيو.
كان التدريب الإعلامي أحد المكونات الأساسية لرحلة "أوشن كويست – أوشن إكس"، حيث حصل المشاركون على خبرة عملية في التواصل العلمي، وإنتاج المحتوى، والتفاعل مع الجمهور في أثناء تواجدهم في البحر. وأوضح أوغستين أن أبحاث أعماق البحار غالبًا ما تفتقر إلى الظهور الإعلامي، رغم أهميتها البالغة لفهم كوكبنا. لذلك هدفت رحلة "حول إفريقيا" إلى تمكين العلماء الناشئين من مشاركة اكتشافاتهم وزيادة الوعي العام عبر مبادرات إعلامية مؤثرة.
وقد أدرك أحمد السقاف ومرتضى المال الله خلال الرحلة قوة السرد البصري في تبسيط العلوم وإثارة الفضول لدى الجمهور وربطهم بالعلوم. وأشار الأبيض إلى أن المهارات العملية التي اكتسبها في التصوير الفوتوغرافي وصناعة الفيديو من خلال عمله على ستة أفلام قصيرة قد وسعت إلى حد بعيد من رؤيته لأساليب التواصل العلمي، وقال "عُدت إلى كاوست، وأنا أحمل الكثير من الحماس والأفكار الإبداعية لمشاركة قصصي وأعمالي العلمية مع المجتمع دعماً لجهود حماية المحيطات".
استمرارًا لدعم كاوست للعلماء الشباب، وصف مرتضى المال الله "أوشن كويست" بأنها منصة حيوية للكفاءات السعودية لدفع حدود البحث العلمي وزيادة الوعي العالمي، سويا مع باحثين من مختلف أنحاء العالم، لا سيما من القارة الإفريقية. وأضاف " ساعدني تنوع الخبرات من تخصصات علمية وتقنية متعددة بشكل كبير على تطوير مهاراتي في حل المشكلات وتوسيع نظرتي الشاملة".
وأشار السقاف إلى أن مشاركته في رحلة "حول إفريقيا" لم تكن ممكنة لولا الدعم المشترك من أوشن كويست وكاوست — بدءًا من التعريف المبكر بالبرنامج عبر مشرفه البحثي، وصولًا إلى الدعم الفني الذي مكنه من المشاركة الكاملة — واصفًا الرحلة بأنها فرصة غيرت مسار حياته، وقال " كانت تجربة مذهلة ستظل راسخة في ذاكرتي للأبد".
من جهته، عبّر الأبيض عن امتنانه لكاوست، وأوشن كويست، وفريق البعثة بأكمله، على إتاحة هذه التجربة الفريدة والمليئة باللحظات المميزة في البحر، وأضاف "من خلال تركيزهما القوي على التعاون الدولي وبناء القدرات، تمكنت كاوست وأوشن كويست من إطلاق هذه الرحلة التحولية على متن إحدى أفضل سفن الأبحاث في العالم".
واختتم أوغستين بالقول إن "أوشن كويست "، التي تتخذ حاليًا من كاوست مقرًا لها، تتمتع بفرص قوية ومتنامية للتعاون مع الجامعة في مجال أبحاث أعماق البحار والتنوع البيولوجي البحري. وأعرب عن تفاؤله بمستقبل علوم المحيطات في كاوست وخارجها من خلال خطط لتوسيع البنية التحتية، ودعم الرحلات العلمية المنتظمة بقيادة أعضاء هيئة التدريس، وتعزيز الاستكشاف البحري بقيادة سعودية متميزة. مؤكدًا أن "هذه الرحلة مجرد بداية فقط".