التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
بالنسبة للدكتور طارق التركستاني، خريج كاوست وأحد الشخصيات البارزة في نمو "ساعي"، كانت الجامعة محطة محورية في تطوره الأكاديمي والريادي، وأسهمت في صقل قدراته في مجال الأعمال التجارية.
يقول طارق "كانت كاوست بيئة ملهمة وإيجابية بالنسبة لي"، مضيفًا أن رحلته مع الجامعة بدأت عام 2008 حين اُخْتِير ضمن برنامج جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للطلبة الموهوبين (KGSP)، والذي أتاح له فرصة الدراسة في جامعة ولاية بنسلفانيا لمدة أربع سنوات للحصول على درجة البكالوريوس في علوم الحاسب الآلي - وهو التخصص الذي واصل دراسته في كاوست لدرجة الماجستير (2013 - 2014) ودرجة الدكتوراه (2015-2020).
خلال دراسته في كاوست، تعلّم التركستاني الكثير على يد نخبة من أعضاء هيئة التدريس، ومنهم البروفيسور معتز النزهي، عميد قسم العلوم والهندسة الحاسوبية والكهربائية والحسابية (CEMSE) آنذاك، الذي غرس فيه الانضباط البحثي. كما كانت النصائح والدعم المتواصل من مشرفه الأكاديمي، البروفيسور ديفيد كيز، ذات أثر بالغ حين بدأ استكشاف عالم ريادة الأعمال.
ساهم الدكتور طارق التركستاني، الذي تخرج من كاوست، وهو أيضاً المؤسس المشارك لشركة ساعي، في تحويل مشروع جامعي إلى شركة ناشئة متخصصة في الخدمات اللوجستية معترف بها على المستوى الوطني
في عام 2016، انضم صديقه من جدة، إيهاب نصير، إلى مسرعة "تسعة أعشار"، وهي مبادرة من صندوق تنمية الموارد البشرية استضافتها كاوست قبل إطلاقها برنامجها الخاص "تقدّم" لتسريع الشركات الناشئة. وكانت فكرته آنذاك تطبيقًا للمشاركة في التوصيل مخصص للنساء العاملات في السعودية، وكان يبحث عن شريك تقني مؤسس. وعلى الرغم من أن أبحاث التركستاني كانت آنذاك تركز على قطاع الطاقة، إلا أنه انجذب للفكرة وقرر خوض التجربة. ومع دعم أولي من برامج كاوست، تحولت الفكرة إلى شركة ناشئة سرعان ما تطورت وتوسعت.
غير أن المشروع اضطر لتغيير مساره بعد صدور الأمر الملكي في 2017 الذي سمح للنساء بقيادة السيارات في السعودية. ولكن مع النمو المتسارع في التجارة الإلكترونية في البلاد، برزت فرصة جديدة لشركة لوجستية تعتمد على شبكة من السائقين المستقلين. وعلّق التركستاني قائلًا "لاحظنا وجود فجوة في خدمات توصيل الطرود، فعملنا على سدّها عبر تحسين عمليات التوصيل وزيادة كفاءتها ".
خلال فترة دراسته للدكتوراه في كاوست، شغل التركستاني منصب الرئيس التنفيذي للتقنية في "ساعي"، فيما كان نصير يعمل محاضرًا في جامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة قبل أن يتولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة. ونجح الثنائي في تأسيس مستودع لوجستي في جدة، إلى جانب مكتب تقني في إسلام آباد في باكستان. وعلى الرغم من المنافسة، استطاعت الشركة استكمال ثلاث جولات استثمارية بحلول عام 2020، جمعت خلالها ما يقارب ثلاثة ملايين دولار أمريكي.
ثم جاءت جائحة كورونا "كوفيد-19"، لتؤدي إلى طفرة كبيرة في الطلب، يقول التركستاني "خلال فترة الجائحة، توسعنا من ثلاثة إلى 14 مستودعًا خلال 18 شهرًا، وارتفع حجم الشحنات الشهرية إلى 100 ألف طرد. وفي ذروة عملياتنا، كان لدينا نحو 150 موظفًا بدوام كامل، بالإضافة إلى ما يقارب 500 سائق مستقل يغطون 80% من مناطق المملكة".
وقد ساهم هذا النمو بشكل مباشر في خلق فرص العمل وتعزيز قطاع الخدمات اللوجستية في المملكة.
وكان من ثمار الإغلاق الشامل الذي فرضته جائحة فيروس كورونا أيضًا أن استطاع التركستاني إتمام أطروحة لدرجة الدكتوراه، وتخرّج من كاوست في عام 2020. بعد ذلك، انتقل إلى جدة، وتسلّم منصب الرئيس التنفيذي المشارك، ثم أصبح الرئيس التنفيذي الوحيد بعد عامين. وفي تلك المرحلة، خضعت الشركة لتحول استراتيجي كبير عبر التعاقد مع الخطوط الجوية السعودية لتقديم خدمات توصيل الأمتعة المتأخرة، وتوسعت عملياتها لتشمل أربع مطارات رئيسية: جدة، الرياض، الدمام، والمدينة المنورة.
ويضيف التركستاني "حصلنا على منحة من خلال مبادرة 'Connect' ضمن البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات، والتي تهدف إلى ربط الشركات الصغيرة والمتوسطة المبتكرة بالشركات الكبرى، وذلك لعرض حلّنا اللوجستي لتوصيل الأمتعة المتأخرة للخطوط الجوية السعودية ".
وخلال جهود جمع التمويل الخاصة بمشروع خدمات المطارات، تلقّى التركستاني عرضًا من شركة "أرزاق بلس" -وهي شركة مختصة في سلاسل التوريد للضيافة تخدم الفنادق والمطاعم والمقاهي - والتي تدعم المنشآت الصغيرة في تقليل التكاليف من خلال الشراء الجماعي. وبفضل التكامل في الأهداف، وافق التركستاني على عملية الاندماج في أواخر عام 2024.
وتعمل "أرزاق" حاليًا بالشراكة مع شركة "فودكس" على دمج خدمات الطلبات ضمن أجهزة نقاط البيع، ما يمثل فرصة جديدة واعدة لـ"ساعي"، يقول التركستاني "وحدنا العمليات تحت مظلة شركة قابضة جديدة تملك كلاً من أرزاق وساعي، ونحن بصدد إطلاق ذراع تمويل سلاسل الإمداد ضمن المجموعة — لتكتمل الحلقة من الشراء والتوصيل إلى التمويل".
يؤكد الدكتور طارق التركستاني أن كاوست وفّرت بيئة فريدة تمزج بين التقنية العميقة وريادة الأعمال، ما يمكّن الباحثين من تحويل معرفتهم الأكاديمية إلى حلول قابلة للتطبيق في السوق. وينظر إلى المستقبل بتفاؤل، مشددًا على أهمية مضاعفة جهود الجامعة في تحويل البحث العلمي إلى ابتكارات قابلة للتسويق، من خلال الدمج بين البحث والتطوير (R&D) ومهارات الأعمال مثل إعداد الميزانيات، والتوسع، والتسويق — وهي خطوات محورية في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030.
ويقول "تمثل الأبحاث العلمية فقط نصف المهمة، أما النصف الآخر، فيتمثل في العمل التجاري البحت – من تحديد الأسعار، والتوسع، وإيصال المنتج إلى العملاء"، مضيفًا أن الموارد والدعم المتاح في كاوست يمنحان الباحثين الجادين فرصة لتحويل الأفكار إلى منتجات وحلول قابلة للتسويق محليًا وتصديرها عالميًا.
وفي ظل الزخم الذي تشهده كاوست، يرى التركستاني أن الفرص تتسارع في مجالات حيوية مثل صحة الإنسان - وهي من أولويات المملكة في المستقبل. ويُبدي حماسه الخاص لاختيار كاوست مؤخرًا كمركز معتمد لتقديم اللقاحات، ويتخيل مستقبلاً تُسهم فيه أبحاث الجامعة البيولوجية في إنتاج اللقاحات محليًا داخل المملكة العربية السعودية.
ويختم قائلًا "أنتجت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ثروة من الأبحاث الرائدة التي تنتظر فقط ترجمتها إلى تقنيات جاهزة للسوق".
إن مسيرة "ساعي" ما هي إلا واحدة من بين العديد من القصص التي توضح كيف تُسهم الشركات الناشئة المدعومة من كاوست في تحويل البحث العلمي إلى أثر ملموس وقابل للتوسع – دعمًا للاقتصاد الوطني القائم على الابتكار.