التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
تعمل وحدة الاستخلاص المبرد للكربون التجريبية التابعة لكاوست في محطة الشركة السعودية للكهرباء للطاقة في رابغ، ضمن جهود التحقق الميداني المستمرة.
تواصل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، في معركتها لكبح جماح التغير المناخي، تمضي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) العمل على تطوير حلول مبتكرة للحد من الانبعاثات الصناعية، من خلال تقنية الاستخلاص المُبرّد للكربون (CCC). ويواكب هذا التوجه سعي الجامعة إلى توسيع نطاق تطبيق هذه التقنية ليشمل القطاع البحري، وهو ما أثار اهتماماً متزايداً على الصعيد الدولي.
صرح الدكتور ساي شرينيفاس سريدهاران، المدير التقني لمبادرة الاستخلاص المبرد للكربون في "كاوست"، قائلًا: "لقد طورنا مفهومًا ذكياً يحاكي مكعبات الليغو يتمثل في كبائن محمولة على هيئة حاويات لاستخلاص الكربون. ويمكن تكديس هذه الوحدات على متن السفن لالتقاط ثاني أكسيد الكربون (CO₂) بالتوازي مع ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) طوال مدة الرحلة البحرية، التي تمتد عادة من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، على أن تُستكمل عمليات التنقية والمعالجة اللاحقة على اليابسة.
وأضاف قائلًا: "ويحقق هذا النهج فائدة مزدوجة تتمثل في تقليص المساحة المطلوبة لنظام استخلاص ثاني أكسيد الكربون، والاستغناء عن أجهزة التنظيف الكيميائية (السكروبرز) في السفن التي تعمل بزيت الوقود الثقيل، وهو الوقود البحري الأكثر شيوعًا"، مشيرًا إلى أن النظام يتكون من وحدات متراصة قابلة للتركيب معًا، بحيث يتم تنقية ثاني أكسيد الكربون المستخلص وضغطه وتجهيزه للتخزين أو إعادة الاستخدام. ويعتمد هذا النظام على نموذج المركز والأطراف، حيث تُركّز عمليات المعالجة في منشأة مركزية واحدة، بينما تُوزّع وحدات الالتقاط في مواقع متعددة لالتقاط الانبعاثات من مصادرها المختلفة.
"لقد حظي المشروع باهتمام كبير عندما شاركنا في قمة تمكين عصر الذكاء 2025 في كوالالمبور، التي نظمها مركز الثورة الصناعية الرابعة الماليزي بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي."
وتواصل الجامعة جهودها الحثيثة في مجال الاستخلاص المبرد للكربون منذ عام 2020. وأوضح سريدهاران أنه في نوفمبر 2024، أطلقت جامعة كاوست، بالشراكة مع الشركة السعودية للكهرباء، مشروعًا بحثيًا استعراضيًا، لتقديم تقنية التجميد الأولى من نوعها عالميًا، لاحتجاز ملوثات متعددة وغازات الدفيئة في آن واحد.
"تحظى كاوست، بما لديها من بنية تحتية متقدمة ونخبة من الكفاءات، بموقع متميز يؤهلها للانخراط في تطوير التقنيات، ثم إخراجها من المختبرات إلى الواقع العملي لإحداث تأثير حقيقي. ويتمثل أحد المسارات في تعاون الجامعة مع جهات خارجية استراتيجية لدعم تسويق التقنية تجاريًا.
على صعيد مقياس النضج، تصف مستويات الجاهزية التقنية مدى التقدم الذي أحرزته أي تقنية، انطلاقًا من المستوى الأول الذي يمثل مرحلة المفهوم المبدئي، وصولًا إلى المستوى العاشر الذي يعني أن التقنية باتت جاهزة للتطبيق الفعلي في أرض الواقع. ويشير سريدهاران إلى أنه منذ إطلاق المشروع التجريبي للاستخلاص المُبرّد للكربون واعتماد المستوى السادس من الجاهزية التقنية في محطة رابغ للطاقة، استفادت كاوست من خبرات تشغيلية قيّمة أسهمت في تطوير التقنية وتحويلها إلى حل متكامل جرى تطويره داخليًا بالكامل، ما أتاح للجامعة بناء محفظة جديدة من الملكية الفكرية الخاصة بها.
ويُعد النموذج التجريبي الحالي الآن منصة لتطوير الملكية الفكرية والتحقق من صحتها، مع التخطيط لإعادة اعتماد المستوى السادس من الجاهزية التقنية في المستقبل القريب. وقد أصبحت التقنية اليوم مهيأة للانتشار التجاري على المستوى المحلي. وبالاستناد إلى هذا التقدم، تتمثل المحطة الرئيسة التالية في إثبات الجاهزية التجارية الكاملة، وذلك من خلال تسليم كاوست نظامًا رياديًا قادرًا على احتجاز نحو 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون يوميًا في إحدى محطات توليد الكهرباء التابعة للشركة السعودية للكهرباء.
وذكر سريدهاران، "تعاونا مع شركاء يساعدوننا في رسم خطة لضمان وصولنا إلى الأهداف الصحيحة من حيث التكلفة." "لهذا السبب بادرنا بالتواصل المبكر مع شركاء رائدين داخل المملكة لدعم دراسة اختيار التقنية وضمان نتائج تنافسية من حيث التكلفة."
على الصعيد الدولي، تواصل المنظمة البحرية الدولية، إحدى وكالات الأمم المتحدة، جهودها لصياغة إطار عمل يهدف إلى تمكين قطاع النقل البحري من الوصول إلى الحياد الصفري للانبعاثات.
ويساهم أحد خبراء فريق الاستخلاص المُبرّد للكربون في كاوست، عالم الأبحاث الأول الدكتور ديوراس برابهودهاروادكار، بصفته عضوًا في اللجنة الاستشارية العلمية للمنظمة، في تقديم الإرشادات العلمية المتعلقة بالقياس الدقيق لانبعاثات غازات الدفيئة عبر دورة الحياة الكاملة، سواء في وجود أنظمة احتجاز الكربون على متن السفن أو في غيابها، ومع مختلف أنواع الوقود البديل.
وهذا يعكس الخبرة العميقة التي تمتلكها كاوست في هذا المجال. وأوضح سريدهاران أن نموذجًا أوليًا مخصصًا للتطبيقات البحرية قيد التصنيع حاليًا، ومن المتوقع أن تبدأ الاختبارات خلال الفترة المقبلة.
"نتطلع إلى اختبار هذا النموذج الأولي في البيئة البحرية قريبًا. وستركز المرحلة التالية على التفاعل مع أصحاب المصلحة والمستثمرين المهتمين بحلول استخلاص الكربون البحري واحتجاز الملوثات المتعددة، وذلك من خلال المنتديات ذات الصلة التي تقودها المنظمة البحرية الدولية، وفعاليات مبادرة السعودية الخضراء، والمنصات الصناعية المتخصصة."
وأضاف قائلًا: "صُمم النظام المخصص للتطبيقات البحرية ليكون حلاً جاهزًا للتركيب والتشغيل الفوري، حيث يتم توصيل العادم مباشرة بوحدة مدمجة لاستخلاص الملوثات المتعددة، بحيث يتم التقاط جميع الملوثات القابلة للتكثيف وتخزينها في صورة صلبة. وهذا يُقلّص بشكل كبير المساحة المطلوبة على متن السفينة، وهو أمر بالغ الأهمية في التطبيقات البحرية حيث ترتبط المساحة ارتباطًا مباشرًا بالإيرادات، بينما يمكن إجراء عمليات المعالجة اللاحقة على اليابسة."
تُبرز كاوست استراتيجيتها المدفوعة بالهدف، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الشركات الناشئة، وتستقطب التمويل الخارجي عبر معهد التحول الوطني، وتعزز مكانة الجامعة والمملكة في مجال حيوي للاستدامة البيئية انسجامًا مع رؤية السعودية 2030، من خلال تطوير الملكية الفكرية لتقنية الاستخلاص المبرد للكربون داخليًا.
وأوضح سريدهاران قائلًا، "اتخذنا قرارًا بتطوير نظامنا الخاص، ونتطلع إلى التحقق من أدائه قريبًا من خلال شراكة متجددة مع محطات الطاقة السعودية المجاورة"، مضيفًا أن داعمي تقنية الاستخلاص المبرد للكربون يساندون أيضًا اقتصاد الكربون الدائري، ويدخلون في مشاريع ذات مسارات لإعادة استخدام ثاني أكسيد الكربون.
"إذا استطعنا تمكين استخلاص ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى من عوادم السفن ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية القائمة، وإعادة تدويرها بكفاءة اقتصادية ومع الحد الأدنى من التأثير على البنية التحتية الحالية، فسيكون بإمكاننا تضييق الفجوة الانتقالية نحو أنواع وقود أنظف، مع تحقيق خفض ملموس في البصمة الانبعاثية للعمليات الجارية."
تعمل تقنية الاستخلاص المبرد للكربون في كاوست على تبريد غازات المداخن — وهي العوادم المنبعثة من عمليات الاحتراق الصناعي — إلى درجات حرارة شديدة الانخفاض، ما يُؤدي إلى تجميد ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى لفصلها بكفاءة عالية. وقد طوّرت الجامعة نظامًا بحجم مناسب للمقطورات، خضع لاختبارات مكثفة قبل تشغيله لمدة ستة أشهر في محطة رابغ للطاقة التابعة للشركة السعودية للكهرباء. ويتوافق المشروع مع طموحات المملكة العربية السعودية للوصول إلى الحياد الكربوني والمتطلبات الوطنية التي تُلزم محطات الطاقة الجديدة بتضمين قدرات استخلاص الكربون.
رسّخت كاوست مكانتها الرائدة في تطوير حلول قابلة للتوسع لاستخلاص الكربون ضمن مسار تحول الطاقة، حيث أشار سريدهاران إلى أن مبادرة الاستخلاص المُبرّد للكربون، بالشراكة مع الشركة السعودية للكهرباء، حظيت بتقدير دولي بحصولها على جائزتين في عام 2025، من بينهما تكريم استثنائي من جائزة الإمارات للطاقة، وجائزة "أفضل مشروع للبحث والتطوير للعام" من جوائز آسيا للطاقة في كوالالمبور.
وقال: "منحت هذه الجوائز مكانة دولية بارزة"، موضحًا أن هذا التقدير انعكس في تلقي كاوست عددًا من الطلبات المحلية لتنظيم عروض توضيحية لمحطة الاستخلاص المُبرّد للكربون. وأضاف: "إن الاهتمام المتزايد بحضور هذه العروض يعزز قناعتنا بوجود طلب حقيقي وواعد على هذه التقنية في التطبيقات العملية."
ابتكرت كاوست، بالتعاون مع شركائها، نظامًا مدمجًا محمولًا على مقطورة للاستخلاص المبرد لملوثات متعددة، مصممًا لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى القابلة للتكثيف بطاقة أولية تبلغ حوالي ربع طن من ثاني أكسيد الكربون يوميًا.
ويُجسّد هذا النظام المتنقل منصة عملية ومدروسة لدعم التوسع بثقة، حيث تجمع كاوست بين الابتكار العلمي والتقنية الأساسية، مستفيدةً من الخبرات التشغيلية العميقة وأولويات خفض الانبعاثات لدى الشركة السعودية للكهرباء. ومن المنتظر أن يُسهم النجاح الذي تحققه التجربة الميدانية في تشكيل أساس راسخ لقرارات الاستثمار المستقبلية المتعلقة بتطوير التقنية ونشرها على نطاق أوسع.
وخلال المشروع التجريبي في رابغ، نجحت منظومة كاوست في استخلاص أكثر من 95 بالمئة من ثاني أكسيد الكربون بشكل موثوق وفعّال خلال عمليات صناعية متواصلة لساعات متعددة. وتُظهر دراسات كاوست أن تقنية الاستخلاص المبرد للكربون تتفوق مقارنة بالأساليب الأخرى، خاصة في التطبيقات ذات التركيزات المنخفضة من ثاني أكسيد الكربون، وفي تيارات العوادم التي تحتوي على ثاني أكسيد الكبريت وملوثات مصاحبة أخرى قد تُشكّل تحديًا للأنظمة التقليدية.
وتُنتج هذه العملية ثاني أكسيد كربون سائلًا عالي النقاء، ما يفتح المجال أمام استخدامه في صناعات البتروكيماويات، أو في الحقن الجيولوجي، أو ضمن دورات الطاقة القائمة على ثاني أكسيد الكربون فائق الحرجة. وفي هذا الإطار، يواصل باحثو كاوست عملهم لتحقيق أعلى درجات النقاء الممكنة، إلى جانب الفصل الفعّال لثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين من غازات المداخن.
وأوضح سريدهاران أن كاوست وشركاءها عملوا، منذ انطلاق المشروع التجريبي، على تطوير التقنية وصقلها بشكل متواصل اعتمادًا على الخبرة التشغيلية المكتسبة، بما يدعم مسارات نشر منسجمة مع مستهدفات المملكة للوصول إلى الحياد الصفري للانبعاثات بحلول عام 2060، ويُسهم في تحقيق تخفيضات ملموسة في الانبعاثات قبل ذلك بسنوات.