Top

تطوير أداة فحص بالحمض النووي الريبي (RNA) تُحسّن من تشخيص الأمراض الوراثية

ساهم تسلسل الجينوم الكامل إلى تغيير جذري في المشهد الصحي في العالم، خصوصًا في مجال تشخيص الأمراض الوراثية. فأصبح من الممكن تشخيص حاملي الأمراض الوراثية المحتملين، الأمر الذي قد يحسن من إدارة الأمراض وتوفير الخدمات الوقائية اللازمة. 

ولكن حتى في ظل التقنيات المتطورة اليوم، فإن تشخيص الأمراض الوراثية ليس بالأمر الهيّن. وفي هذا السياق يوضح البروفيسور شين غاو، رئيس مركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) "يمكن إرجاع أقل من 50 في المائة من الأمراض إلى مسببات في التركيبة الجزيئية الأساسية. لذا، فنحن بحاجة إلى زيادة الوعي وتبسيط عملية التشخيص والتعرف على هذه الأمراض".

تعمل مجموعة غاو على تطوير حلول جديدة تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لتحسين تشخيص الأمراض الوراثية. ومن خلال العمل مع الدكتور فوزان الكريّع، رئيس علم الجينوم المتعدية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، استطاعوا الاستفادة من التسلسل الجينومي لتطوير أداة تسلسل الحمض النووي الريبي (RNA). يجمع هذا التعاون بين موارد مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث من البيانات السريرية والتاريخ الطويل من الأبحاث حول الأمراض الوراثية مع البنية التحتية الحاسوبية القوية لكاوست وخبرتها التقنية في علوم البيانات الضخمة. 

يقول الكريع "إنه توافق طبيعي بين المجموعتين. لقد كان تعاوننا على مر السنين مثمرًا للغاية، وإذا تمكنا من المضي قدمًا في تسلسل الجينوم ومعرفة ما يحدث على مستوى الحمض النووي الريبي، بلا شك سيكون لذلك أثر كبير على تحسين معدل تشخيص الأمراض".  

ويضيف "نعمل على تطوير مورد من البيانات السريرية باستخدام الحمض النووي الريبي لفهم المتغيرات التي نراها على مستوى الحمض النووي وتصنيفها على أنها إما مسببة للأمراض أو حميدة". 

يقول غاو "لقد طورنا خوارزميات جديدة لتحليل البيانات للعثور على النسخ والطفرات الشاذة داخلها، وأرسلنا تنبؤاتنا مجددًا إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لاختبارها والتحقق من صحة النتائج".  

لقد قام الفريق بالفعل بمعالجة الحالات التي لم يكن من الممكن حلها عن طريق الحمض النووي وحده. على سبيل المثال، إحدى الحالات كانت لطفل صغير يعاني تلفاً في الدماغ، في حين أن تسلسل الجينوم الكامل أظهر نتائج سلبية، تبين من التشخيص المعتمد على الحمض النووي الريبي وجود طفرة جينية متنحية تسببت في هذا المرض، وسلطت الضوء على الحالات المستقبلية ذات الأعراض المماثلة. 

يقول غاو "لقد أحدث ذلك فرقًا كبيرًا بالنسبة للعائلة التي كانت في أمس الحاجة إلى إجابات بعد سنوات من فشل الفحوصات في تحديد سبب مرض طفلها. وعلى الرغم من أن التشخيص لم يقد إلى علاج مباشر للحالة، إلا أنه يمكن للعائلة الآن فهم التاريخ الطبيعي لمرض طفلها بشكل أفضل، ويمكن تقديم الخدمات الوقائية لها، مثل التشخيص قبل الولادة وغيرها".  

يساهم هذا العمل في دعم أولويات البحث الوطنية للمملكة العربية السعودية المتعلقة بصحة الإنسان، بهدف تحسين جودة حياة الناس وتعزيز نمط حياة صحي من خلال مواجهة التحديات الطبية السائدة. 

يقول الدكتور الكريع "يمتلك علم الجينوم إمكانات هائلة لتحسين صحة الناس ورفاهيتهم، حتى الأمراض الشائعة في المجتمع، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، ستُصَنَّف جينيًا في المستقبل القريب".