Top

التزام جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بحماية البيئة

سرطان الشبح الذي يسكن الساحل الرملي لغابات المنغروف في محطة ابن سينا للأبحاث الميدانية.


وافقت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على إنشاء محطة ابن سينا للأبحاث الميدانية ومحمية طبيعية بالقرب من معلم الملك عبدالله التذكاري، وذلك بعد اقتراح تقدم به مركز أبحاث البحر الأحمر وإدارة الصحة والسلامة والبيئة في الجامعة. ومن المقرر أن تغطي هذه المحمية منطقة ساحلية واسعة تشمل 152 هكتاراً من بداية ساحل غابات المنغروف في حي الصفاء، مقابل جزيرة الصفاء، وصولاً إلى معلم الملك عبدالله التذكاري.

ويتمثل دور إدارة حماية البيئة في الجامعة في تقييم ورصد الآثار الناجمة عن أنشطة التعليم والأبحاث وعمليات التوريد والتخطيط والبناء والتشغيل على البيئة الطبيعية في الجامعة. يقول الدكتور محمد عمر، مدير إدارة حماية البيئة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية: "أحد المبادىء التوجيهية لسياسة الإشراف البيئي في الجامعة هو تسهيل التعاون البيئي بين الأقسام الأكاديمية وإدارة حماية البيئة. حيث تقوم إدارتنا بوضع السياسات والإجراءات والمبادىء التوجيهية، وتقديم التدريب، وكذلك إجراء عمليات التفتيش والتدقيق. وبعبارة أخرى، نحن نعمل كهيئة رقابة بيئية داخلية تنظم العمليات داخل الجامعة".

ويعد مشروع محطة ابن سينا للأبحاث الميدانية وإنشاء المحمية الطبيعية في مياه جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، دعماً وتعزيزاً لثقافة التعاون بين الإدارات الأكاديمية والإدارية في الجامعة لتحقيق هدف مشترك وهو حماية البيئة البحرية الفريدة في المكان.

دراسة وحفظ غابات المنغروف الساحلية

أجريت في البداية دراسات بحرية موسعة للنظر في المنطقة الساحلية المحيطة بالجامعة، وتم خلال هذه الدراسات عمل تقييم شامل لجودة المياه، وحالة التربة والرواسب، وأنواع أشجار المنغروف والحيوانات التي تعيش ضمن النظام البيئي الساحلي لكاوست.

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي موطن لأكثر من 240 نوعاً من الطيور بما في ذلك عصفور هازجة الغاب المصرية (Clamorous Reed Warbler)، وهو طائر يقتات على الحشرات في أشجار المنغروف.


ويؤكد الدكتور محمد عمر أنه استناداً إلى هذا التقييم الشامل، تبين أن بيئة غابات المنغروف في جامعة الملك عبدالله صحية جداً وتنبض بالحياة ناهيك عن أنها موطن ثري لأنواع فريدة من الكائنات البحرية والطيور. وليس هذا فقط، بل إن أهميتها تمتد إلى الدور الكبير الذي تلعبه في عزل غاز ثاني أكسيد الكربون وحماية البيئة الساحلية من عوامل التعرية. ومن المثير للاهتمام، أن النظم البيئية لغابات المنغروف في السواحل العالمية تتعرض اليوم لتناقص مستمر، إلا أنها في نفس الوقت تزدهر فعلاً في جميع أنحاء البحر الأحمر. وقد أظهرت دراسات قامت بها إدارة الصحة والسلامة والبيئة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أن عدد أشجار المنغروف في الجامعة قد زاد بنحو 20٪ في السنوات العشر الأخيرة.

تخصيص 152 هكتاراً للأبحاث والمحميات الطبيعية

البروفيسور كارلوس دوارتي، مدير مركز أبحاث البحر الأحمر، هو أحد الخبراء في النظم البيئية لغابات المنغروف. حيث سبق أن أجرى مع فريقه العديد من الدراسات المماثلة والتي تطابقت نتائجها مع الدراسة البحرية التي أجرتها إدارة حماية البيئة التابعة لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وعلى ضوء ذلك وحقيقة أن بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعة كانوا أيضاً منخرطين في دراسة غابات المنغروف، تمت مناقشة فكرة إنشاء محطة أبحاث ميدانية في المنطقة. يقول البروفيسور كارلوس دوارتي: "تجرى في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أبحاث كبيرة على غابات المنغروف وأيضاً على بعض النظم البيئية الأخرى في مياهها الساحلية منذ فترة طويلة. حيث سبق أن نشرنا أكثر من اثني عشر ورقة بالفعل عن غابات المنغروف المنتشرة في شواطىء الجامعة. ولكن حتى الآن كان من الصعب نسبياً الوصول إليها بسبب اللوائح الأمنية في تلك المناطق الساحلية".

وتم الاتفاق بعدم بناء أي مبنى في المحمية الطبيعية للحد من آثار ذلك على البيئة. وسوف تمتد هذه المحمية الطبيعية بمساحة 152 هكتاراً وستكون معظمها مخصصة للأبحاث.

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تنشئ محمية طبيعية بمساحة 152 هكتاراً مخصصة للأبحاث الأمر الذي يعكس التزام الجامعة بحفظ وحماية البيئة.


ومن بين العلماء الذين يدرسون أيضاً أشجار المنغروف في جامعة الملك عبدالله، أستاذ العلوم البيولوجية وعضو هيئة التدريس البروفيسور دانييل دافونشيو. حيث تقوم مجموعته البحثية بدراسة الاضطرابات التي تسببها الحيوانات وخاصة السرطانات على الرمال المترسبة. تقوم سرطانات المنغروف بحفر جحور في الرمال المترسبة حول أشجار المنغروف مما يجعلها مفتوحة للهواء وبالتالي يرتفع تركيز الأكسجين فيها والذي يؤثر بدوره على النظام البيئي الشامل لغابات المنغروف. وقد قام البروفيسور دافونشيو وفريقه بتثبيت محطة لقياس أشعة الشمس الساقطة ودرجات الحرارة ودورات المد والجزر. ​

سرطان البحر الرملي يسكن غابات المنغروف في محطة ابن سينا للأبحاث.

 ​
ويشير البروفيسور دافونشيو إلى أنه على الرغم من قيامه بدراسات وأخذ عينات من معظم الأماكن الأخرى على طول البحر الأحمر مثل جازان وجزر فرسان، والتي تبين أن فيها آثاراً للتلوث وتجمع للمواد البلاستيكية، إلا أنه يرى أن المنطقة المحمية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ستكون ملائمة ومثالية لإنشاء محطة بحثية.

استخدام أجهزة متطورة لجمع البيانات


هذه المنطقة ستكون محمية بشكل كامل، الأمر الذي سيمكن علماء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من نشر أجهزة وأدوات باهظة الثمن ومعدات متطورة في المياه دون خطر إزالتها من قبل الصيادين. حيث ستستخدم هذه الأجهزة في جمع البيانات المفيدة في أبحاث دراسة الطحالب والعوالق والأعشاب البحرية في المياه الساحلية بالقرب من معلم الملك عبدالله التذكاري. وأحد الأمثلة على ذلك العوامة البحرية التي تعمل البروفيسورة سوزانا أغوستين من مركز أبحاث البحر الأحمر، على إطلاقها بالقرب من المَعْلَم والتي ستقوم بجمع عينات العوالق بصورة يومية أو كل ساعة وإرسال البيانات إلى المركز عبر الإنترنت.  وتقول البروفيسورة أغوستين: "تتطلب عملية أخذ العينات التقليدية الذهاب إلى البحر وجمع العينات ثم العودة إلى المختبر وفحص العينات تحت المجهر وغيره من الأجهزة الأخرى. وهذا يحول دون أخذ العينات بصورة سريعة والتي عادة ما تكون ضرورية جداً عند دراسة هذه الكائنات الحية التي تنمو بسرعة كبيرة. ولكن استخدام الأجهزة المتقدمة في العوامة سيمكننا من أخذ عينات من العوالق بصورة مستمرة الأمر الذي سيحفز الاكتشافات الجديدة".


جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي موطن لأكثر من 90 هكتاراً من غابات المنغروف التي ازداد عددها بنسبة 20 في المئة في العقد الماضي.

إنشاء منصة للأبحاث والعلوم في البحر الأحمر


تعدّ البيئة البحرية للبحر الأحمر غامضة في كثير من الجوانب على عكس البيئات البحرية الأخرى في العالم والتي حظيت بنصيب وافر من الدراسات العلمية. وتشرح أجوستين ذلك: "نخطط لرصد العوالق في جداول زمنية موثوقة، بحيث نتمكن من التنبؤ بالمتغيرات المستقبلية في البيئة". وأضافت: "سنكون رائدين في هذا النوع من البيانات عن البحر الأحمر". إن بيئة البحر الأحمر المتغيرة، تجعل من المياه الساحلية لجامعة الملك عبدالله مختبراً حياً لدراسة التغيرات البيئية والتنبؤ بكيفية تطور الكائنات الحية ليس فقط في بيئة المملكة العربية السعودية بل أيضاً في أماكن أخرى من العالم".

ويعتزم الفريق إشراك مجتمع الجامعة في هذا الجهد المؤسسي المهم لحماية البيئة. ويشمل ذلك تركيب كاميرات تسمح لسكان جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمراقبة البيئة البحرية من المنزل عبر الإنترنت.