Top

كاوست تعزز الذكاء الاصطناعي القابل للتوسع عبر التعاون العالمي

مع تزايد حجم وتعقيد أنظمة الذكاء الاصطناعي، لم تعد التحديات التي تواجه الباحثين تقتصر على تطوير خوارزميات أكثر ذكاءً فحسب، بل تشمل أيضًا تدريب هذه الأنظمة وتشغيلها بكفاءة على شبكات واسعة من المعالجات. ولتحقيق أهدافها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي، تستثمر المملكة العربية السعودية بقوة في التقنيات المتقدمة من خلال برامج علمية وتعليمية رائدة، مع اعتماد كبير على مواصلة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) نموّها كمركز بحثي رائد في ابتكارات الذكاء الاصطناعي. 

ولمواصلة دعمها لأبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، تستضيف الجامعة ورشة عمل  بعنوان " التدريب الموزع في عصر النماذج الضخمة" خلال الفترة من 24 إلى 26 نوفمبر 2025. وسينظم هذه الورشة  كلاً من البروفيسور بيتر ريشتارِك  من كاوست وزميله البروفيسور ماركو كانيني ، وستجمع خبراء دوليين في الحوسبة والرياضيات والذكاء الاصطناعي لمناقشة كيفية توسيع نطاق تدريب النماذج الضخمة مثل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) ونماذج الرؤية المحوَّلة (ViTs)  . 

توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي كأولوية وطنية  

تسعى رؤية السعودية 2030 إلى وضع المملكة ضمن أفضل عشر دول عالميًا في أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتشير المؤشرات الحديثة إلى تقدم ملموس، حيث أصبحت المملكة من بين أفضل 20 دولة عالميًا من حيث كثافة المواهب في الذكاء الاصطناعي، كما من المتوقع أن يسهم القطاع بـ 235 مليار دولار في الاقتصاد الوطني بحلول عام 2030. 

وقد حققت كاوست هذا العام أعلى تصنيف عالمي لها حتى الآن، وجاءت في المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط في استقطاب المواهب في الذكاء الاصطناعي وفق مؤشر التنافسية العالمية للذكاء الاصطناعي، وهو معيار دولي يقارن الدول في مستوى تنافسيتها في مجال الذكاء الاصطناعي. ويُعد مركز التميز في الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى جانب البرامج التعليمية المتخصصة التي تقدمها أكاديمية كاوست، من أبرز أمثلة التزام الجامعة المتنامي في هذا المجال. 

وقال ريشتارك  "توفر كاوست بيئة بحثية رائدة ومرافق عالمية المستوى، إضافة إلى نخبة من الباحثين الموهوبين والشغوفين لتوسيع آفاق المعرفة. وهذا يجعلها إحدى أفضل المؤسسات الأكاديمية في العالم للعمل في مجالات تحسين الخوارزميات وتقنيات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي".  

حل الاختناقات التقنية في الذكاء الاصطناعي  

يركز بحث ريشتارك على الأسس الرياضية التي تجعل الذكاء الاصطناعي واسع النطاق ممكنًا. وقد نجح مؤخرًا مع فريقه — ومنهم ألكسندر تيرين وآرتافازد مارانجيان — في حل معضلة عمرها 75 عامًا في مجال التحسين غير المتزامن، عبر تطوير خوارزميات متميزة تتيح تدريب النماذج على عدة معالجات تعمل بسرعات مختلفة. وتُسهم هذه النتائج في تجاوز إحدى أبرز العقبات في توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي، والمتمثلة في الحاجة إلى مزامنة ملايين العمليات المتوازية. كما تسرّع هذه الخوارزميات عمليات التدريب وتحسّن موثوقيتها، وتدعم تطبيقات التعلم الموزع والتعلم الفيدرالي الذي يُعد أساسًا لحماية الخصوصية عبر تمكين النماذج من التعلم دون الحاجة إلى نقل البيانات من الأجهزة المحلية.  

وبالتعاون مع طالبة الدكتوراه كاجا غرونتكوسكا، الحاصلة على أول زمالة دكتوراه من غوغل في دول مجلس التعاون الخليجي، طوّر ريشتارك إطارًا خوارزميًا جديدًا يُعرف باسم (طريقة النقطة القريبة غير الإقليدية)، والذي يمثل نهجًا هندسيًا مبتكرًا لتصميم جيل جديد من خوارزميات تحسين التعلم العميق.  

من جهته، يتناول كانيني تحديات التوسع من منظور الأنظمة، حيث تركز أبحاثه على التعلم العميق الموزع — وهي عملية تدريب النماذج الضخمة عبر عدد كبير من المعالجات لتجاوز قيود الأجهزة. ويشمل عمله موازنة أحمال المعالجة وتقليل اختناقات الاتصال وتحسين استخدام الذاكرة، وهي عناصر أساسية لضمان استمرار تطوير النماذج الضخمة، دون أن تقيدها البنية التقنية. 

مستقبل الذكاء الاصطناعي في كاوست 

يعكس التعاون بين ريشتارك وكانيني نهج كاوست في الذكاء الاصطناعي الذي يتضمن معالجة الأسس العلمية والهندسية التي تحدد مدى قدرة هذا المجال على التوسع. ومع استمرار نمو أحجام النماذج وتنوع تطبيقاتها، تعمل فرق الجامعة على تطوير أدوات رياضية وحاسوبية وهندسية تجعل الذكاء الاصطناعي واسع النطاق عمليًا وذا أثر تحولي. 

ومن خلال جمع نخبة من الخبراء الدوليين في شهر نوفمبر من هذا العام، تُسهم كاوست في صياغة المرحلة المقبلة من الذكاء الاصطناعي وتأكيد ريادة المملكة العربية السعودية عالميًا في أبحاث وابتكار ات الذكاء الاصطناعي.