Top

سعياً لتحقيق الأمن الغذائي في العالم

علماء كاوست يدرسون دور العوامل الحيوية وأثارها في زيادة المحاصيل في جميع أنحاء العالم

 -بقلم عبدالله الحمدان, من أخبار جامعة الملك عبدالله

يشغل ماجد محمد عبدالحليم سعد، حالياً وظيفة عالم أبحاث في مبادرة الزراعة الصحراوية التابع لقسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في جامعة الملك عبد الله عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست).

وفي حديثه عن ذكريات رحلته الدراسية، يقول الدكتور ماجد " أتممت دراسه البكالوريوس والماجستير في الكيمياء الحيوية في كلية العلوم في جامعة عين شمس، في مصر. وحصلت على درجة الدكتوراة في علم الأحياء الجزيئية من كليه العلوم من جامعة جنيف، في سويسرا. واتممت عدد من دراسات ما بعد الدكتوراة (Postdoctoral) في عدد من  المعاهد والجامعات البحثية في كل من المانيا، والمملكة المتحدة وفرنسا و أخيرها في سويسرا.

وعن انضمامه إلى كاوست، يقول ماجد: "يرجع اختياري للإنضمام إلى كاوست لعدة اسباب. فعلى المستوي الشخصي،  كنت ابحث عن بيئه مناسبة لي ولأسرتي، والعيش في مجتمع متحضر محب للبيئة ومتنوع وغني بالإرث الثقافي والحضاري. أما على المستوى المهني، فكنت أبحث عن مكان يمكن أن يساعدني على الإستفادة وتطبيق أبحاثي العلمية والعملية في مجال الزراعة. وهذا ما وجدته في كاوست". 

الدكتور ماجد سعد يعمل في إحدى مختبرات جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. الصورة مقدمة من الدكتور ماجد

التركيز على جانب الأمن الغذائي العالمي 

ويقول ماجد: "في الحقيقة، هناك سبب جوهري لتركيزي على إستحداث طرق غير تقليدية  لتوفير الغذاء الآمن للعالم، ألا وهو أنه بالرغم من كل التقدم المذهل التي حققته البشرية في معظم مجالات العلم والتكنولوجيا، إلا أن الكثير من سكان الأرض لا يزالوا يعانون من الجوع والفقر. ففي العام الماضي، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن عدد الجياع في العالم قد ارتفع بمقدار 38 مليون، وذلك لعدة أسباب منها، أهمها التغير المناخي الذي أدى بدوره إلى خسائر في الحصاد بلغت 60 ٪ تقريبا من إجمالي الإنتاجية.

الدكتور ماجد هو  باحث رائد  في الفريق البحثي للاستاذ هيربرت هيرت ( كاوست ) ويشرح الدكتور ماجد أن أبحاثه العلمية تتمحور حول ثلاثة مجالات رئيسية هي: علم الوراثة الميكروبية. التكيف البكتيري مع الظروف البيئية المختلفة ؛ والعلاقة بين الكائنات الحية الدقيقة والكائنات الحية ، ولا سيما العلاقة بين البكتيريا والنباتات والحوار الجزيئي بينهما.

يأمل الباحثون في كاوست أن تساهم أبحاثهم في زيادة الإنتاج الزراعي من خلال إستخدام سلالات مختارة من البكتيريا. مصدر الصورة Shutterstock.


ميكروبات (ريزوسفير) و تأثيرها على النباتات

وفي تعريفه لميكروبات الريزوسفير، يقول الدكتور ماجد: "إن الريزوسفير هي المنطقة الملاصقة لجذور النباتات، وفيها تنمو ميكروبات التربة، حيث تلعب الميكروبات دوراً إيجابياً في دورة حياة النبات من خلال إذابة وتجهيز العناصر المعدنية للنباتات، وزيادة مناعتها ضد البكتيريا والفطريات الممرضة.

ويوضح  الدكتور ماجد عن بحثه المتعلق في دور العوامل الحيوية في تحمل النباتات للإجهاد، وكيف يساعد هذا في زيادة المحاصيل في جميع أنحاء العالم، قائلاً: " في هذه الدراسة، تم عزل وتعريف إحدى سلالات البكتيريا -إنتروبكتر SA187-من داخل العقد الجذرية لنبات النيلة الصحرواي - -Indigofera argentea. والجدير بالذكر ان هذا النبات ينمو في منطقة جيزان الجنوبية ومناطق اخرى في شبه الجزيرة العربية، ووجدنا ان استخدام هذه البكتيريا تحت ظروف الزراعة الصحراوية يزيد من انتاجيه المحاصيل الحقلية. وإستخدام الميكروبات الريزوسفير يعد ثورة جديدة في الزراعة الآمنة، إذ أنها سوف تمثل طرقاً غير مكلفه وصديقة للبيئة، وستساعد المزارع الفقير في أنحاء العالم على تحسين الزراعة".

الحلول و الأبحاث

ويشير الدكتور ماجد على مدى السنوات الأربع الماضية ، جمع البروفسير هيرت في المشروع البحثي DARWIN21 ، سلالات بكتيرية من جذور النباتات الصحراوية المختلفة في شبه الجزيرة العربية ومن بعض البلدان المجاورة في الشرق الأوسط. و الجدير بالذكر ان الفريق البحثي يمتلك الآن أكبر مكتبة بكتيرية متخصصة معزوله من نباتات صحراوية والتي  تضم أكثر من 2500 سلالة مختلفة.

وقد توفر هذه المكتبة حلولاً لتحسين نمو وإنتاجية النباتات المزروعة في ظل ظروف الزراعة الصحراوية ، و اكتشاف  مضادات حيوية جديدة و اكتشاف المسارات الأيضية ذات الأهمية الصناعية. قام فريق البحث بتحديد وتصنيف واختبار السلالات بكتيرية تجاه مساعدة النباتات على تحمل الظروف المختبرية المجهدة من أجل اختيار الأفضل.

تحويل التكنولوجيا إلى منتج

يشرح الدكتور ماجد عن أن نقل هذه التكنولوجيا إلى منتج، يحتاج إلى عدة محاور، ويقول: "أولها حماية حق الملكية الفكرية في استخدام هذه السلالات، و إعداد النموذج المبدئي للمنتج، ثم إختبار النموذج على أرض الواقع بواسطة مزارعين في السعودية، وأخيراً تسويق المنتج عن طريق تكوين شركة مبتدئة".

وتشير النتائج الحالية، التي تمت في المملكة، إلى أنه يمكن المساهمة في زياده الانتاج الزراعي من خلال إستخدام السلالات البكتيريا المنتخبة، الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الرقعة الزراعية، مما ينعكس على الناتج المحلي. الأمر الذي يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في ترشيد إستخدام مصادر المياة الجوفية للري، وإستحداث طرق جديدة لزيادة الإنتاج الزراعي.

ويوضح الدكتور ماجد "في بداية هذا العام، تم التواصل مع أكثر من شركة زارعية في المملكة لمعرفة متتطلبات والمشاكل التي تواجه المزارع السعودي من ناحية المياة والتربة والأمراض الموسمية للنباتات، وقد  تم عقد إتفاق بين الكاوست و مع إحدى الشركات الزراعيه  لعمل عدة تجارب ميدانية لبعض السلالات البكتريا على عدد من المحاصيل الزراعية ".

وإختتم الدكتور حديثه، قائلاً " كباحثين، نحن دائماً مدفوعون بفضولنا، ونتائج التجارب تقدم لنا الإجابات - سواء إيجابية أو سلبية -  وقد تكون غير نهائية، إلا أنها دائما تؤدي إلى المزيد من الأسئلة التي توسع بحثنا للإجابة عليها".