Top

كاوست تطور "العودة" من هندسة الطحالب كبديل مستدام للمصادر الطبيعية

صورة جماعية للفريق البحثي: كايل لاورسن (الرابع من اليمين)، جيورجي سيكيلي (الثالث من اليمين) والفريق الذي طور طريقة مبتكرة وخضراء لإنتاج بعض من الروائح المعقدة لخشب العود باستخدام هندسة الطحالب.

طلق مسمى "العودة" على خشب الصمغ العطري لأشجار (Agarwood) التابعة لعائلة (Thymelaeaceae). ويشار إلى خشب الصمغ العطري أحيانًا باسم عطر الجزيرة العربية، وهو أحد أغلى مكونات العطور الخام في العالم كعطور العود والبخور. ويتم حرق هذا الخشب للبخور كما يستخدم صمغه الثمين في صنع العطور. وتوجد هذه الأشجار على نحو أساسي في غابات جنوب شرق آسيا والهند وبنجلاديش، لكن الطلب على خشب العود فاق بسرعة المعروض من المصادر الطبيعية البطيئة النمو، حتى إن أشجار العود باتت الآن من الأنواع المهددة بالانقراض.

تُعرف المركبات المسؤولة عن الروائح المعقدة لخشب العودة باسم (التربينات STPs)، وهي من المركبات التي يصعب إنتاجها كيميائيًا. إلا أن سيرجيو غوتيريز، طالب الدكتوراه في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وباحثون من مجموعة التقنية الحيوية المستدامة والاصطناعية بقيادة البروفيسور كايل لاورسن، ابتكروا حلًا اصطناعيًا أخضرًا لإعادة تكوين هذه المركبات العطرية جزئيًا لخشب العود باستخدام هندسة الطحالب، وبدعم كبير من المختبرات الأساسية في كاوست ومجموعة البروفيسور جورجي سيكيلي.

ساهم سيرجيو غوتيريز، طالب الدكتوراه في مجموعة البروفيسور كايل لاورسن في كاوست، في الدراسة التي سمحت بالحصول على مخاليط للتربينات العطرية من خلال طرق صناعية مستدامة وخضراء. .

استوحى الباحثون فكرة هذه الدراسة من زياراتهم السابقة للأسواق القديمة في منطقة البلد التراثية في جدة، حيث قاموا أولاً بفهرسة التنوع الكيميائي " للتربينات " الموجودة في 58 عينة من خشب العود (بخور وعودة) باستخدام تقنية قياس الطيف الكتلي. ووجدوا أن المئات منها مشتركة في كل عينات العود المختلفة، إلا أن كل عينة كانت فريدة من نوعها، حيث تمتلك بصمة كيميائية خاصة.

بعد ذلك، شرع فريق لاورسن في إعادة إنتاج بعض المركبات الكيميائية المعقدة للعودة في الطحالب باستخدام البيولوجيا الاصطناعية وتقنية الروبوتات، مما سمح لهم بإنتاج وفحص أعداد كبيرة من المركبات المصنوعة من الطحالب.   

وقد أظهر العديد من المهندسين الحيويين - بما في ذلك لاورسن - في السابق أنه يمكن استخدام الطحالب المهندسة جينيًا لإنتاج مواد كيميائية طبيعية، مثل الباتشولول من (عطر الباتشولي) وجزيئات الروائح العطرية الأخرى. وفي هذه الدراسة، استخدموا الطحالب الخضراء من نوع (Chlamydomonas Reinhardtii) لإنتاج تسع منتجات كيميائية متميزة من "التربينات" العطرية الموجودة على نطاق واسع في خشب العود. ثم جمعوا هذه الجزيئات من الطحالب باستخدام مذيب متوافق حيويًا، وهي عملية تعرف كيميائيًا باسم "الحلب الميكروبي". 

بعد ذلك، تمكن علماء الكيمياء في مجموعة سيكيلي من إنتاج أكثر من 100 من "التربينات" من خلال عملية تفاعل مستدامة باستخدام الطحالب. يقول غوتيريز "تمثل هذه العملية الحيوية الإجمالية طريقة مستدامة للحصول على خليط من التربينات العطرية مقارنة بمحصول الأشجار المهددة بالانقراض". 

ندرة خشب العود، وهو مكون عطري قيم، شجعت الباحثين على تطوير طريقة تصنيع خضراء لإنتاجه باستخدام الطحالب.

ولأن الطحالب تستهلك بالفعل ثاني أكسيد الكربون، فإن هذه العملية تعتبر أيضًا وسيلة فعالة وخضراء لتحويل نفايات الكربون إلى مواد قيّمة. ولجعل العملية أكثر استدامة، يمكن زراعة الطحالب في مياه الصرف الصحي. يقول البروفيسور لاورسن "إن استخدام الطحالب كمنصة للهندسة الحيوية يمكن أن يسهل تحويل الموارد المفقودة في مياه الصرف إلى منتجات قيمة. ويمكن زراعتها بسهولة في مياه الصرف الصحي لإنتاج عطر الباتشولول على سبيل المثال، فضلًا عن المركبات القيمة الأخرى".

ويعتقد لاورسن أن هناك مجالًا واسعًا لإنتاج مجموعات أخرى من "التربينات" العطرية باستخدام الهندسة الميكروبية والكيمياء الاصطناعية لإنتاج مخاليط عطرية متعددة، ويقول: "يُظهر هذا العمل إمكانية الجمع بين البيولوجيا التركيبية، وتصميم العمليات الحيوية المستدامة، والكيمياء الخضراء لتوفير مصدر تكميلي للتربينات الكيميائية. ويمكن أن يخفف هذا الابتكار من بعض الضغوطات على موارد العودة في الطبيعة، ويمكن استخدامه أيضًا في تطبيقات أخرى، مثل إنتاج الأدوية".