Top

الأسرار الوراثية للأرز تمهد الطريق للزراعة والحفاظ على المحاصيل في المستقبل

  • دراسة جديدة تقدم رؤية شاملة لجينومات أقارب الأرز البرية 

  • الجينات المكتشفة توفر استراتيجيات لحماية محاصيل الأرز من تغير المناخ وتدجين الأنواع البرية الأخرى منه لتصبح قادرة على النمو في بيئات غير صالحة لها حاليًا 

كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة نيتشر جينيتكس (Nature Genetics) وقادها باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في المملكة العربية السعودية، وجامعة فاخينينجن للأبحاث في هولندا، عن رؤى جديدة حول تطور الأرز، موضحةً كيف تغير الحمض النووي لهذا المحصول الحيوي عبر أنواعه المختلفة. ومن المتوقع أن تساهم هذه النتائج في تحسين إنتاجية الأرز، وإدخال زراعته إلى مناطق لا تزال غير صالحة حاليًا له. 

يُعد الأرز من أوائل المحاصيل التي دُجِّنَت قبل نحو 10,000 عام. وقد أدى الانتقاء الاصطناعي الذي قام به المزارعون من أجل التغذية والخصائص الأخرى التي تزيد الأرباح إلى تقليل تنوعه الجيني ومن ثم قدرته على التكيف مع الضغوط البيئية. 

في المقابل، شهدت الأنواع البرية المقربة من الأرز مثل (أوريزا) لما يقارب 15 مليون عام من التطور، مما منحها تنوعًا جينيًا مذهلًا عبر جينوماتها (أي كامل الحمض النووي في الكائن الحي)، ومن ثم قدرتها على التكيف مع مختلف الظروف البيئية مثل الحرارة والجفاف والملوحة. 

وأوضح البروفيسور رود وينغ من كاوست، الذي قاد الدراسة بالتعاون مع باحثة ما بعد الدكتوراه أليس فورناسييرو، قائلاً: "يضم جنس أوريزا مجموعة غنية للغاية من الجينومات. وتمكنا من شرح تأثيرات التطور على هذه الجينومات الجماعية للأرز وأقاربه البرية".  

على عكس البشر الذين يُعتبرون ثنائيي الصيغة الصبغية (أي يمتلكون مجموعتين من الكروموسومات، واحدة من كل والد)، فإن النباتات يمكن أن تكون متعددة الصيغ الصبغية، مما يعني حصولها على عدة مجموعات من الكروموسومات من الوالدين. وتساعد هذه المجموعات الإضافية على زيادة حجم الجينوم، مما يعزز قدرة النباتات على التكيف مع البيئات الجديدة أو القاسية، ويؤدي إلى ظهور صفات وأنواع جديدة. 

وقد شملت الدراسة تحليل تسعة أنواع برية رباعية الصيغة الصبغية ونوعين ثنائيي الصيغة الصبغية من أقارب الأرز. واكتشف الباحثون أن هذه الأنواع يمكن تمييزها من خلال مجموعات فرعية من الجينومات، ويرجع ذلك أساسًا إلى العناصر القابلة للنقل، أو ما يُعرف بالجينات القافزة، وهي تسلسلات حمض نووي تتحرك من موقع إلى آخر داخل الجينوم، وتُعد وسيلة طبيعية شائعة لإحداث التنوع الجيني. 

كما أدى وجود أنواع ثنائية ورباعية الصيغة الصبغية إلى اختلافات كبيرة في حجم الجينومات، حيث تجاوز حجم بعضها الضعف. وقد وُجدت داخل هذا الكم الهائل من الحمض النووي جيناتٌ تعزز من قدرة النباتات على مقاومة درجات الحرارة المرتفعة، والتربة الجافة والمالحة، وغيرها من الضغوط البيئية الشائعة في منطقة الشرق الأوسط والتي تتزايد عالميًا مع تغير المناخ. 

وتمكنت الدراسة أيضًا من تحديد شجرة التطور لأقارب الأرز البرية، موضحةً متى ظهرت الأنواع الجديدة. وتقدم هذه السجلات التاريخية أدلة على الفترات التي واجه فيها الأرز ضغوطًا بيئية كبيرة أدت إلى تغيرات جينومية مكّنته من الصمود. 

وقال البروفيسور إريك شرانز من جامعة فاخينينجن، المساهم في الدراسة "توفر تحليلات الجينوم في هذه الدراسة فهمًا شاملًا لكيفية تطور الأرز وأقاربه البرية المعقدة. ويُعد هذا العمل إطارًا أساسيًا للجهود المستقبلية الرامية إلى تطوير محاصيل أرز قوية قادرة على تحمل البيئات القاسية".  

ويُعد الأرز أحد أهم المحاصيل الغذائية في العالم، حيث يعتمد عليه أكثر من 3.5 مليار شخص كمصدر رئيسي لغذائهم.