Top

من صبي يعيش في البادية إلى وزير للبترول والثروة المعدنية: رحلة معالي الوزير علي بن إبراهيم النعيمي

معالي الوزير السابق علي بن إبراهيم النعيمي يتحدث عن حياته في محاضرة رئيسية في الجامعة ضمن فعاليات برنامج الإثراء الشتوي (ويب) لعام ٢٠١٧. تصوير ليلليت هوفانيسيان.

 
قامت شركة النفط الأمريكية أرامكو سابقاً (أرامكو السعودية حالياً) في منتصف الأربعينات الماضية، بافتتاح مدرسة الجبل في مدينة الظهران في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، كأول مدرسة خاصة بالشركة. وكان السبب من وراء إنشاء هذه المدرسة هو تثقيف وتعليم الصبية السعوديين دون سن 18 عاماً. ولم يكن يعلم مسؤولو هذه المدرسة أن أحد تلامذتها سيتخرج منها  ليصبح واحداً من أشهر الشخصيات والقيادات السعودية في المستقبل. كان هذا الطالب هو علي بن إبراهيم النعيمي، ابن التسع سنوات الذي نشأ وترعرع في البادية.

تقلد معالي الوزير عدة مناصب كبيرة خلال تاريخ حياته العملية الحافلة بالإنجازات. حيث شغل منصب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، وأصبح وزير البترول والثروة المعدنية في عام 1995. كما يشغل معالي الوزير منصب رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ويعتبر أحد القيادات المؤسسة لها منذ البداية.

التعلم من مدرسة الحياة

ألقى معالي الوزير علي النعيمي في الثامن من شهر يناير 2017 محاضرة رئيسية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ضمن فعاليات برنامج الإثراء الشتوي (ويب) لعام 2017 حيث تحدث إلى أعضاء هيئة التدريس والطلبة والموظفين وأفراد مجتمع الجامعة وضيوف البرنامج عن كتابه الذي صدر حديثاً بعنوان "من البادية إلى عالم النفط" ويتناول سيرته الذاتية وقصة حياته حيث قال: "ولدت في عام 1935 في المنطقة الشرقية، وكانت فرصتي الوحيدة لتلقي العلم هي من خلال مدرسة الحياة. وكنت في سن الرابعة أعمل راعياً لأغنام أسرتي. وعلى الرغم من ذلك، أجد نفسي محظوظاً، لأني ولدت في المكان والزمان المناسبين. حيث تغيرت حياتي مثلما تغيرت حياة الكثيرين بعد اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية."

التعلم والمثابرة

وتحدث الوزير علي النعيمي عن بداية التحاقه في المدرسة حيث كان أخوه الأكبر عبدالله يعمل موظفاً لدى أرامكو وفي أحد الأيام قال إنه سيأخذه إلى المدرسة. يقول النعيمي: "بالطبع لم أكن أعرف ما هي المدرسة أول الأمر ولكن ذلك بدا ممتعاً بالنسبة لي". درس النعيمي بعد ذلك في مدرسة الجبل لمدة سنتين ثم أصبح أحد موظفي أرامكو حيث كان يعمل كعامل مكتب، وبعد ذلك عرضت عليه أرامكو فرصة الابتعاث للدراسة في الولايات المتحدة حيث ذهب وأكمل دراسته الجامعية في جامعة ليهاي وجامعة ستانفورد. وبعد عودته شغل منصب نائب الرئيس لإنتاج وحقن المياه في أرامكو في عام 1975، وكان من أوائل السعوديين لشغل منصب مسؤول تنفيذي في شركة ارامكو. ثم أصبح رئيسا للشركة في عام 1984 والرئيس التنفيذي لها في عام 1988. وتحدث النعيمي للحضور في جامعة الملك عبدالله عن فضل العلم وأهميته حيث قال: "أجد أن هذه مناسبة مثالية لمشاركة مجتمع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن تجربتي مع التعليم. حيث كان للتعليم دوراً مهماً في حياتي، وتعلمت أثناء دراستي أن النجاح لا يتحقق الا بالعمل الجاد والمثابرة وهو درس حياة لن أنساه أبداً."

سر النجاح

واستطرد النعيمي قائلاً: "عندما كنت صغيراً، سألني أحدهم ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟ قلت أريد أن أكون رئيس شركة أرامكو، ولكني وقتها لم أكن أعرف ما يعنيه ذلك إلا أن وقعها كان جميلاً، وبفضل الله تمكنت من تحقيق ذلك. كنت أتطلع للتقاعد من منصبي في أرامكو في سن الستين، ثم طلب مني الملك فهد رحمه الله أن أصبح وزير البترول والثروة المعدنية فشغلت المنصب لمدة 20 عاماً. وعندما يسألني الناس ما سر نجاحي، أقول لهم لا يوجد سر، كل ما عليكم القيام به هو العمل الجاد فقط وهذه نصيحتي لكم جميعا هنا ".​

التعليم والمجتمع

وخلال المحاضرة تحدث الوزير علي النعيمي عن جامعة الملك عبدالله وبيئتها الفريدة حيث قال: "جامعة الملك عبدالله مثال ناجح على كيفية تسخير المواهب والطاقات البشرية في بيئة صغيرة. علينا دوماً أن نضع التعليم في الاعتبار كأول هدف نركز عليه في أي مجتمع. فالمجتمع دون تعليم راقي لن ينهض ولن يحقق شيئاً، التعليم الراقي والمتميز هو من يرفع الأمم. أرى جامعة الملك عبدالله تزخر بالعقول النيرة من جميع أنحاء العالم. هذه هي العقول التي ستساعد الجامعة على تحقيق رسالتها الطموحة لمعالجة التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية في الوقت الحالي. أنتم محظوظون جداً أن ولدتم في هذا الزمن الذي يشهد تطوراً غير مسبوق للإنسانية، حيث تستطيعون الاستفادة من قدراتكم الفكرية الفريدة وتجارب السابقين للنجاح من أجل مستقبل مشرق لسكان الارض والأجيال القادمة. اعملوا بجد وفكروا بتمعن ولا تخشوا مواجهة المستحيل ".

الاقتصاد المعرفي

كما ناقش الوزير علي النعيمي خطة المملكة الرامية لتحويل اقتصادها إلى الاقتصاد المعرفي. وقال في هذا السياق:" لدينا في المملكة العربية السعودية القدرة على تحقيق أشياء عظيمة، كل ما علينا القيام به هو العمل الجاد.  فقد حبا الله المملكة ثروات معدنية ونفط وغاز وشركات كبيرة وحكومة مستقرة. بعقول أبنائنا إذا استغلينا هذه المزايا، فالمستقبل واعد بإذن الله. "

وتحدث النعيمي عن دور القائد وأهمية العمل الجماعي والمشاركة حيث قال: "لا يمكن أن تبني المستقبل لوحدك لأنك تحتاج أشخاصاً لمساعدتك في القيام بذلك، وهنا ينبغي عليك كقائد أن تحترم هؤلاء الأشخاص. ولكي تكون قائداً جديراً ينبغي عليك احترام كل من يعمل تحت قيادتك."​