Top

التفوق الوظيفي في مجال متعدد التخصصات

البروفيسور زين غاو، أستاذ علوم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، رئيس مجموعة المعلومات الحيوية الهيكلية والوظيفية، المدير المساعد لمركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية، ونائب مدير مبادرة الصحة الذكية المنشأة في كاوست.

من المعتقدات السائدة في الساحة العلمية أن أساس التفوق الوظيفي الأكاديمي هو السعي لتحقيق التميّز في مجال أو تخصص واحد ومحدد، وهذا بالطبع لا يقلل من أهمية الأبحاث متعدد التخصصات والتي ينظر اليها في الغالب على أنها تعاون مثمر بين كيانات متخصصة أو خبراء في مجالات معينة، وفي هذا السياق يقدم لنا البروفيسور زين غاو، أستاذ علوم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، منظورًا فريدًا من خلال مسيرته المهنية والبحثية.

يشغل غاو منصب رئيس مجموعة المعلومات الحيوية الهيكلية والوظيفية، والمدير المساعد لمركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية، ونائب مدير مبادرة الصحة الذكية المنشأة حديثًا في كاوست، ومجال أبحاثه هو الذكاء الاصطناعي والمعلوماتية الحيوية، وهو مجال يجسد بالتأكيد مفهوم التخصصات المتعددة حيث يدمج علم الأحياء وعلوم الحاسب الآلي، ويستخدم التقنية الحاسوبية لفهم الحياة بشكل أفضل.

تدرب غاو رسميًا كعالم حاسب آلي، وحصل على درجة الدكتوراه في علوم الحاسب الآلي من جامعة واترلو الكندية، واختار التركيز في مسيرته العلمية والبحثية على دراسة مجال تطبيقات علم الأحياء وتحديداً المعلوماتية الحيوية.

مجال متعدد التخصصات

درس البروفيسور زين غاو علم الأحياء والطب الحيوي بشكل مستقل أثناء وجوده في جامعة واترلو ثم انتقل بعد ذلك لجامعة كارنيغي ميلون الامريكية حيث عمل زميل ما بعد الدكتوراه، وتمكن من صقل خبرته بفضل الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها عائلة من المتبرعين لتحسين أبحاث السرطان في مركز لين للبيولوجيا الحاسوبية ، التابع لكلية علوم الحاسب الآلي، ويصف غاو تلك الفترة قائلاً: "أتاح لي ذلك فرصة الوصول إلى الكثير من البيانات البيولوجية ، ولكن الأهم من ذلك ، دراسة الذكاء الاصطناعي، وتولدت لدي في تلك الفترة قناعة راسخة مفادها أنه كي أتمكن من إحداث تأثير كبير وإحراز تقدم علمي متعدد التخصصات، يجب أن أكتسب الخبرة والمعرفة في كلا المجالين".

البروفيسور زين غاو يشارك في تقديم سلسلة محاضرات بايونيرز (Pioneers)

يركز معظم علماء المعلوماتية الحيوية أو علم الأحياء الحاسوبي على جانب واحد من المشكلة، لذلك كان غاو يحاول إقامة توازن بين أبحاث علوم الحاسب الآلي الأساسية، تحديداً مجال تعلم الآلة، وتطبيق نوع من الأبحاث الموجهة لحل المشاكل في مجال المعلوماتية الحيوية أو المعلوماتية الطبية الحيوية.

وعلى الرغم من إدراكه الكامل من محدودية وقته وطاقته وأن تقسيم جهوده البحثية بين تخصصين هو مسعى شاق وقد يؤدي الى أن يعتبر مفتقراً للعمق الكافي والخبرة البحثية في أي من المجالين - كان مع ذلك مصممًا على متابعة هدفه، يقول غاو:" كنت مؤمن بقدراتي وكان لدي اعتقاد وثيق أنني سأستفيد كثيراً من ذلك في المستقبل، وهو ما أراه الآن".

بناء التاريخ والتعاون في كاوست

تمكن غاو بمجرد انضمامه إلى كاوست، من اضافة ثروة من المعرفة والخبرات في مجال المعلوماتية الحيوية وتعليم الآلة والذكاء الاصطناعي ، يقول :" مزامنة الأبحاث بين هذه التخصصات هو أمر صعب للغاية ، خاصة بالنسبة لباحث جديد في مهنة جديدة ، وكنت حينها أستاذ مساعد في الجامعة، وقد بذلت قدرًا هائلاً من الجهد والوقت والطاقة من أجل هذا المسعى متعدد التخصصات، وكنت على يقين أنه اذا قمت بذلك بشكل صحيح ، فسوف أحقق تأثيراً كبيراً يمهد الطريق لاكتشافات جديدة "،  وأضاف : "كنت محظوظاً باختيار كاوست لأنها مؤسسة أكاديمية تمتلك بيئة بحثية فريدة تضع النهج متعددة التخصصات في أولوياتها، وهي بذلك تعتبر مكاناً مثاليًا للقيام بذلك"

استمع إلى البروفيسور زين غاو يتحدث عن تشغيل الذكاء الاصطناعي أثناء جائحة كوفيد-19

انضم جاو إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في أكتوبر 2010 بعد أن عينه البروفيسور ديفيد كيز مباشرة من زمالة ما بعد الدكتوراه في جامعة كارنيغي ميلون، وكان قد تلقى العديد من عروض العمل الا أنه في نهاية المطاف اختار كاوست، يقول:" أعجبت كثيرًا بالحرم الجامعي بالإضافة إلى البنية التحتية، ولكن الأهم من ذلك هو تأثري بالنظرة المستقبلية للجامعة".

نصحه البروفيسور كيز أن يشارك في صنع تاريخ الجامعة وأن يكون جزءًا منه، يقول غاو :" انبهرت جداً برؤية الملك عبدالله (رحمه الله)  في ذلك الوقت، وكان من المثير رؤية القيادة التي تدير هذه الجامعة الجديدة كجامعة بحثية رفيعة المستوى وبأسمى المعايير العالمية، لذلك قررت الانضمام إلى كاوست لأكون جزءًا من ذلك التاريخ".

يفخر غاو بكونه أحد أعضاء هيئة التدريس في كاوست الذين لديهم أكبر قدر من المشاريع والأبحاث التعاونية، حيث يتعاون حاليًا مع عشرة أساتذة في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية  (BESE)، وخمس مجموعات في قسم العلوم والهندسة الحاسوبية والكهربائية والحسابية (CEMSE) ومجموعتين في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية (PSE)، كما تعمل مجموعته أيضًا مع ثلاث مختبرات أساسية مختلفة في كاوست، وهو من أكثر مستخدمي مختبر الحوسبة الفائقة الأساسي والمختبر الأساسي للعلوم البيولوجية في الجامعة.

إحداث التأثير

يصف غاو نفسه بأنه باحث متعدد التخصصات من الدرجة الأولى، وكان يشجع طلبته على تبني فلسفته على مر السنين، ولديه أكبر مجموعة بحثية في علوم الحاسب الآلي، والتي تضم حوالي 30 شخصًا، ويحظى خريجوه بمناصب جيدة، وقد قام بتدريب عشرة أساتذة، بالإضافة إلى العديد من علماء الصناعة الذين ذهبوا للعمل في شركات مثل غوغل، ومختبر تينسينت للذكاء الاصطناعي، وعلي بابا وهواوي.  

ويَنسب غاو نجاح مجموعة المعلوماتية الحيوية الهيكلية والوظيفية التي يرأسها في كاوست إلى نهجها الذي يجمع بين البحث الذي يحركه الفضول من ناحية، والأبحاث القائمة على البيانات أو الأبحاث الموجهة (المعلوماتية الحيوية والمعلوماتية الطبية الحيوية) من ناحية أخرى، يوضح جاو قائلاً: "وجّهت بأن تكون الأبحاث الصادرة من هذه المجموعة مبتكرة حاسوبياً، وذات أهمية وتأثير بيولوجي، وهو منهج لا يستطيع العمل به سوى عدد قليل من مجموعات المعلوماتية الحيوية في جميع أنحاء العالم".

أسس غاو هذه المجموعة فور انضمامه لكاوست، ولا يزال فخورًا جدًا بمخرجاتها، سواء من حيث المنشورات أو الأبحاث التعاونية.

مناصب جديدة

تم في العام الماضي، تعين البروفيسور زين غاو مديرًا مساعدًا لمركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية (CBRC)، بقيادة الأستاذ المتميز تاكاشي غوجوبوري ، فضلاً عن تعيينه نائبًا لمدير مبادرة الصحة الذكية الجديدة في كاوست، بقيادة الأستاذ المتميز بيير ماجستريتى.

إن تولي المناصب الإدارية والأدوار التنظيمية سمح لـغاو بتوسيع خبرته العلمية إلى منظور أكاديمي أوسع، يقول :"أنا مهتم جدًا باكتساب المعرفة وفي المساهمة في تقدم ونجاح الجامعة".