التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
يمثل الانتقال من التجارب المختبرية إلى التطبيقات في الميدان ثم إلى مرحلة التسويق تحديًا كبيرًا لعلماء النباتات. يسعى مركز التميّز في الأمن الغذائي المستدام (CoE-SFS) في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تسريع هذا الانتقال من خلال تقديم الدعم للباحثين لتوسيع مشاريعهم وتكوين شراكات على الصعيدين المحلي والدولي.
يسعى المركز إلى ضمان أن تتحول التطورات البحثية إلى أثر ملموس في المملكة والمنطقة والعالم. فخلال عام واحد فقط من انطلاقه، أطلق 12 مشروعًا تطبيقيًا يركّز على نمو النباتات وأمن المياه، كما أبرم شراكات مع جهات عامة وخاصة. يقول البروفيسور مارك تيستر، رئيس المركز "نحتاج إلى إحداث تغييرات سريعة في طرقنا لزراعة المحاصيل في عالم أكثر حرارة، أكثر تقلبًا مناخيًا، ومع موارد مائية أقل".
ويُفضّل تيستر التحدث عن "التغيّر البيئي" عوضا عن "التغيّر المناخي"، موضحًا أن التحديات الزراعية تشمل زيادة استخدام الأسمدة، وضرورة رفع كفاءة هذه الأسمدة، بالإضافة إلى محدودية موارد المياه بشكل متسارع في كثير من المناطق التي تؤمّن الغذاء لمليارات البشر.
وعلى الجانب الإيجابي، أشاد تيستر بتسارع استجابة الباحثين لتحديات تغير المناخ عبر تكثيف الدراسات التي ترفع من قدرة النباتات على التكيف، فضلًا عن جهود المزارعين في هذا الصدد من خلال تغيير نوع المحاصيل أو الأصناف التي يزرعونها وتطوير طرق الزراعة.
ومن خلال بحوثه في تحمّل النباتات للملوحة، توصّل تيستر إلى اكتشاف مهم "جاء تقريبًا بالصدفة". فقد طور وفريقه جذور قوية من سلالات المحاصيل البرية، تمتاز بجذور ضخمة قادرة على التعمق في التربة لاستخراج المياه. وتُطَعّم هذه الجذور على أصناف شائعة من الطماطم ومحاصيل عالية القيمة مثل الخيار والبطيخ والباذنجان والفلفل، ما يجعلها أكثر قدرة على النمو في الظروف الحارة والجافة مع زيادة الإنتاجية وتقليل استهلاك الموارد.
يقول تيستر "كانت فكرتي هي إيجاد مسار سريع إلى للتسويق التجاري عبر تطوير أصول الجذور من هذه السلالات البرية، ثم تطعيم الجزء العلوي من النبات المرغوب استهلاكه عليها". ومن خلال شركته الناشئة أيرس (Iyris)، يجري تيستر وفريقه الآن تجارب ميدانية تجارية بالتعاون مع كبرى شركات إنتاج الأطعمة وزراعة الطماطم في أكثر من 12 دولة.
لا يقتصر أثر تغيّر المناخ على دفع الزراعة نحو ظروف أكثر حرارة وجفافًا، بل يزيد أيضًا من تفشّي الآفات والأمراض النباتية. يقول البروفيسور براندول وولف، الرئيس المشارك للمركز "المناخ المتغيّر يتيح للآفات والأمراض النباتية الانتشار إلى أماكن لم تصلها من قبل، مما يجعل المحاصيل هناك غير محمية وغير مهيّأة وراثيًا لمقاومتها".
ويُفقد نحو 20% من الإنتاج العالمي للقمح سنويًا بسبب الآفات والأمراض الزراعية، وتُعد زراعة الأصناف المقاومة للأمراض من أكثر الحلول الاقتصادية والصديقة للبيئة.
لقد مكّنت التطورات في تقنيات التسلسل الجينومي خلال العقد الماضي الباحثين من تحديد الجينات المقاومة للأمراض بسرعة. وتمكّن فريق وولف من استنساخ العديد من هذه الجينات من سلالات القمح البرية باستخدام أحدث تقنيات تسلسل الحمض النووي.
وفي أحد المشاريع الناجحة، حدّدوا جين مقاومة لآفة "صدأ الساق" في نبات بري يُدعى الدوسر الشاروني (Aegilops sharonensis)، ثم نقلوه إلى قمح الخبز. وأظهرت السلالات الناتجة مستويات عالية من المقاومة للمرض. حيث يؤكد وولف "السلالات البرية المقاربة للقمح تُشكّل مخزونًا غنيًا بالتنوّع الجيني لتحسين المحاصيل. التطورات في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية تفتح آفاقًا واسعة لاكتشاف واستنساخ جينات مقاومة الأمراض، وهو ما يتيح فرصًا واعدة لإدخال مقاومة شاملة ومستدامة في نبات القمح".
توضح هذه الجينات إمكانية دمجها في "حزم جينية متعددة" لتعزيز المقاومة بشكل قوي. ويقول "ستكون هذه الحزم صعبة للغاية على مسببات الأمراض للتغلب عليها، وقد تحول القمح إلى نبات محصن ضد تلك الأمراض المدمرة". ومع ذلك، يشير أيضًا إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه المزارعين هو المعارضة الواسعة للمحاصيل المعدلة وراثيًا في العديد من الدول.
يوضح وولف أن العالم لا يستطيع مجابهة أزمة الأمن الغذائي بالطرق التقليدية وحدها؛ بل إن تبني التقنيات الحديثة أصبح ضرورة، وإلا فإننا سنواجه المستقبل بقدرات منقوصة لا ترقى لحجم التحدي.