Top

كاوست ومجموعة دولية تستكشف دور"التشبع الفائق للأكسجين" في البيئات البحرية

تنتج الأعشاب البحرية الموضحة هنا فقاعات من الأكسجين على أوراقها أثناء عملية التمثيل الضوئي. الصورة بعدسة الدكتور ماركو فوسي.

بقلم ديفيد ميرفي، اخبار كاوست

الأوكسجين عامل مهم جدا" في الحياة وتحديد نوعيتها، ويمثل انخفاض تركيز الأكسجين في الماء تهديداً متزايداً للنظم البيئية البحرية في جميع أنحاء العالم، وتحديداً على الكائنات البحرية التي تعيش في المحيطات مما قد يحدث اختلالا في وظائف أعضائها بحسب المتغيرات البيئية كارتفاع درجة الحرارة وزيادة الملوحة والتلوث.

وعلى الرغم من أن البحر الأحمر يعتبر من أكثر بحار العالم سخونة، إلا أن مياهه الزرقاء توفر بيئة مثالية للمخلوقات التي تعتمد على عملية التمثيل الضوئي لإنتاج الكثير من الأكسجين خلال النهار عندما تكون درجة الحرارة في ذروتها. وهذا يساعد الحيوانات البحرية الساحلية مثل سرطان البحر وخيار البحر والمحار على زيادة تحملها لدرجات الحرارة المرتفعة.

كائنات الطحالب تنتج الأكسجين بين أشجار المانغروف. الصورة بعدسة الدكتور ماركو فوسي.

وفي هذا السياق، يجري فريق بحثي مشترك ومتعدد التخصصات من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) وجامعة بادوفا (UNIPD) في إيطاليا، دراسة منذ العام الماضي عن تأثير زيادة تركيز الأكسجين المذاب في الماء على زيادة التحمل الحراري للكائنات البحرية.

ترأس فريق كاوست البروفيسور دانييلي دافونشيو مع عالم الأبحاث الزائر فولكو جيومي وزميل ما بعد الدكتوراة من مختبر الأحياء الدقيقة في الأنظمة القصوى (ESM)، الدكتور ماركو فوسي. كما شارك في هذه الدراسة بعض الأساتذة من كاوست كالبروفيسور كارلوس دوارتي والبروفيسورة سوزانا أغوستي من مركز أبحاث البحر الأحمر والدكتور ألبرتو باروس من جامعة بادوفا. وتم نشر هذه الدراسة أخيراً في ورقة بحثية في المجلة العلمية الشهيرة Science Advances.

قضى فريق البحث 12 شهراً في دراسة تأثير ارتفاع درجة حرارة البحر الأحمر على الكائنات البحرية فيه. ووجدوا أنه في البيئات الساحلية تعيش معظم الكائنات البحرية في ارتباط وثيق مع تلك التي تغذي البحر بالأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي، حيث يدعم التركيز المرتفع للأكسجين التفاعلات الأيضية لهذه للكائنات البحرية مما يجعلها قادرة على تحمل تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة المياه.

 يوضح الدكتور فوسي  بأن قلة توفر الأكسجين في البيئات المائية قد يمثل تهديدًا كبيرًا للكائنات خارجية الحرارة "ectothermic" - تلك التي تكون مصادرها العضوية الداخلية للحرارة صغيرة نسبياً - لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدراتها على تحمل الإجهاد الحراري في بيئتها، وبالتالي يؤثر على بقاءها. ويشير الى ان الورقة البحثية للفريق توضح دور الأكسجين في التحمل الحراري للكائنات لتي تعيش في المياه الساحلية، حيث تقوم الكائنات التي تعتمد على عملية التمثيل الضوئي، مثل الطحالب والشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والأعشاب البحرية، بإطلاق كمية كبيرة من الأكسجين بصورة يومية في مياه البحر. ويخلق هذا الاكسجين ما يشبه تأثير حُجرة المعالجة بالأكسجين عالي الضغط خلال الفترة التي تكون درجة الحارة في ذروتها مما يرفع المقاومة الحرارية للكائنات خارجية الحرارة. ويمكن أن يساعد هذا الاكتشاف في توضيح السبب في أن المياه الساحلية -حتى في أسخن بحر في العالم – تزخر بتنوع مزدهر للكائنات البحرية المختلفة كالأسماك، ونجم البحر، والرخويات، والقشريات وغيرها .

تتخذ الأسماك الصغيرة من الشعاب المرجانية مأوىً لها، وتقوم هذه الشعاب أيضاً بإطلاق الأكسجين في مياه البحر خلال النهار. الصورة بعدسة الدكتور ماركو فوسي.

نتائج الورقة البحثية

قام فريق كاوست بنمذجة درجة حرارة الماء وتركيز الأكسجين على مدار عام كامل. وتوقعوا أن التشبع الفائق للأكسجين الناتج عن عملية التمثيل الضوئي يلبي دائمًا الارتفاع في التفاعلات الأيضية للكائنات البحرية خارجية الحرارة الذي يحدث كردة فعل لظاهرة سخونة البحار والمحيطات ويرفع من قدرة هذه الكائنات على البقاء والتكاثر.

أظهر الباحثون باستخدام مجموعة فريدة من نظم المراقبة عالية التردد أن هذا التشبع الفائق للأكسجين في الماء والناتج عن عملية التمثيل الضوئي -يوازي ارتفاع درجة الحرارة في البيئات الساحلية للبحر الأحمر.

يقول الدكتور فوسي: " تعزز هذه الورقة من مفهومنا عن التغيرات اليومية لدرجة الحرارة وتركيز الأكسجين ــ وهو جانب غالباً ما يتم تجاهله في العديد من الأوراق البحثية التي تدرس أصناف الكائنات البحرية وتأثير تغيّر المناخ، حيث تعتمد معظمها على اختبار التغيّرات في درجات الحرارة، وتتجاهل دراسة نسبة تشبع وتركيز الأكسجين في الماء. هدفنا من خلال هذه الورقة هو أن نوضح مدى أهمية دارسة كافة العوامل البيئية ذات الصلة والتي من خلالها يمكن أن نخرج بتنبؤات أكثر كفاءة وموثوقية لتوقع سيناريوهات تغيّر المناخ بشكل فعال".

نظام بحري بيئي معقد يشمل جذور أشجار المنغروف والأعشاب البحرية والشعاب المرجانية التي تستضيف العديد الكائنات البحرية المختلفة. الصورة بعدسة الدكتور ماركو فوسي.

الاستفادة من "المختبر الطبيعي"

يعتقد الدكتور فوسي وزملاؤه الباحثون أن التشبع الفائق للأكسجين في الماء هو جانب مهم يجب أخذه في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالتنمية الساحلية المستدامة في المستقبل. كما أنهم يتوقعون أن تأثير هذه الآلية التي تم غالباً ما يتم تجاهلها له أهمية كبيرة على مستوى كافة المحيطات في العالم.

 ويختتم الدكتور فوسي:" أظهرت دراستنا أن النظم في البيئات الساحلية التي تعتمد على عملية التمثيل الضوئي لها دور مهم في حماية الكائنات البحرية. ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة لحماية هذه النظم البيئية في جميع أنحاء العالم قليلة وغير فعالة. نأمل من خلال هذه الدارسة، أن نساهم في التعريف بأهمية ابقاء البيئة الساحلية بصحة جيدة وتسليط الضوء على كيفية التخطيط السليم والإدارة الفاعلة للموارد الساحلية الطبيعية وزيادة استدامتها، مثل التي في البحر الأحمر".