التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
على الرغم من التطور السريع الذي يشهده قطاع الأمن السيبراني، إلا أنه يعاني نقصاً حاداً في المتخصصين المهرة. وقد أشار المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) في شهر يناير الماضي إلى هذه الحاجة الملحة، محذرًا من وجود فجوة عالمية في عدد المتخصصين في هذا المجال.
تسهم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في سد هذه الفجوة في المملكة العربية السعودية. ويُعدّ خريج كاوست جميل شويل، الذي يعمل في مجال الأمن السيبراني بأحد المشاريع العملاقة، نموذجًا للكفاءات السعودية التي تضمن بقاء الأمن الرقمي للمملكة متينًا ومواكبًا للمستقبل.
يقول جميل "هناك توجه لتوطين الأمن السيبراني لأسباب تتعلق بالأمن الوطني. حاليًا، لا يوجد عدد كافٍ من السعوديين المؤهلين لتلبية الطلب المتزايد، لذا يُسْتَعَان ببعض الكفاءات الدولية أو المستشارين. لكن على المدى البعيد، سيستمر هذا الطلب في النمو. ومع تسارع التحول الرقمي في المملكة، خاصة في الخدمات الحكومية، تزداد الحاجة إلى الأمن السيبراني".
وأضاف أن الأمن السيبراني يؤدي دورًا مهمًا في الحماية من بعض التهديدات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، لا سيما من خلال الحفاظ على المبادئ الأساسية للسرية والنزاهة وتوافر الأنظمة. فهذه المبادئ تحمي من محاولات البشر أو الأنظمة الآلية لتخريب البيانات أو تعطيل الأنظمة الحيوية، وهو أمر يزداد أهمية في الدول التي تتسارع فيها الرقمنة.
ويتابع "قبل عشر سنوات، كنا في مستويات متدنية من الرقمنة، أما اليوم فنحن من بين أكثر الدول رقمنة على الصعيد العالمي. ومع الذكاء الاصطناعي، يزداد عدد الأنظمة التي تحتاج إلى حماية. الذكاء الاصطناعي يمكنه المساعدة على اكتشاف التهديدات، لكنه لن يحل محل الإنسان في التحقق والاستجابة وإدارة الاختراقات، خصوصًا في الأنظمة المؤمنة والمعزولة عن الشبكات".
ووفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي «الآفاق العالمية للأمن السيبراني 2025»، فإن تعقيد البيئة الرقمية المتزايد يؤدي إلى تصاعد المخاطر السيبرانية، مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية، وسلاسل الإمداد المعقدة وغير الشفافة، والتقنيات الناشئة التي تخلق ثغرات جديدة، إلى جانب المتطلبات التنظيمية المتنامية التي تزيد أعباء الامتثال على المؤسسات. وفي ظل هذه العوامل، يشكّل اتساع فجوة المهارات تحديًا لقدرة الدول والمؤسسات على إدارة المخاطر بفعالية.
وفي هذا السياق، فإن كاوست تسهم في إعداد الكفاءات الرقمية القادرة على التعامل مع هذا المشهد المعقد. فعلى سبيل المثال، يوفّر برنامج الأمن السيبراني المتخصص في أكاديمية كاوست، بالشراكة مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، تدريبًا وتأهيلاً للطلبة والخريجين السعوديين لتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للتميز في هذا المجال.
ومع ذلك، فإن رحلة جميل شويل نحو مجال الأمن السيبراني لم تكن مباشرة، إذ يقول "لم أدرس الأمن السيبراني بشكل أكاديمي. صحيح أنني عملت في مجالات ذات صلة، لكن الأمن السيبراني ما يزال مجالًا حديثًا يمكن التخصص فيه بعمق الآن".
في عام 2011، حصل جميل على منحة برنامج جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للطلبة الموهوبين (KGSP)، وتخرج عام 2016 بدرجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية مع تخصص فرعي في علوم الحاسب من جامعة إلينوي في أوربانا شامبين. ثم واصل دراسته العليا في كاوست لدرجة الماجستير، مركزًا على اتصالات الجيل الخامس وتصميم مرشح جديد لتقنية الاتصالات 5G. ثم انضم بعد تخرجه إلى شركة NOMADD Desert Solar Solutions الناشئة من كاوست، حيث صمّم البرمجيات الخاصة بروبوتات تنظيف الألواح الشمسية ذاتيًا.
ثم عمل كمهندس خدمات ميدانية في شركة ثيرمو فيشر (Thermo Fisher Scientific)، وفي الوقت نفسه تولّى صيانة المجاهر الإلكترونية الماسحة في مختبرات كاوست الأساسية. وفي ديسمبر 2021، انتقل إلى أحد المشاريع العملاقة، حيث بدأ كمهندس مشاريع في مجال الإنشاءات قبل أن يتحول إلى مجال الأمن السيبراني.
استهوته طبيعة المجال التقنية والمتغيرة باستمرار، ورأى أن الأمن السيبراني يتماشى مع النهج متعدد التخصصات الذي تميزت به كاوست، والذي يعزز التفكير التحليلي وحل المشكلات — وهي مهارات ساعدته على التنقل بين مجالات متنوعة، من الروبوتات إلى الأجهزة الدقيقة. كما تسهم مبادرات مثل مجتمع الأمن والصمود السيبراني (CriSys) في كاوست في دفع المملكة نحو مستقبل رقمي سيادي وآمن ومزدهر.
ويقول جميل إن التفكير المنهجي الذي اكتسبه من خلال برنامج الهندسة الكهربائية في كاوست، إلى جانب انفتاحه على تخصصات متعددة، أعدّه جيدًا لمجال الأمن السيبراني. ويضيف "كانت كاوست مرحلة حاسمة في حياتي مكنتني من توسيع مداركي، وتبني أفكار جديدة ومبدعة".
ويتابع "أهم ما تعلمته هو السعي للفهم العميق، وهو ما يؤكده أساتذة كاوست دائمًا. حتى في المقررات التي لم أكملها، خرجت منها وأنا أمتلك القدرة على تصميم تجارب علمية بسيطة. هذا التركيز على الفهم، وليس فقط اجتياز الامتحانات، ساعدني كثيرًا، خاصة في البحث وحل المشكلات".
ظهر اسم شويل أكثر من مرة في كاوست؛ فعمّه، الدكتور أحمد شويل، هو أيضًا خريج كاوست وعميد كلية علوم وهندسة الحاسب الآلي في جامعة طيبة بالمدينة المنورة.
وعن سر تكرار هذا التأثير داخل العائلة الواحدة، يقول جميل شويل إن الفضل يعود إلى العقلية التي تُغرس في طلبة كاوست — وهي الإيمان بأن الإنسان قادر على إنجاز أي شيء إذا اجتهد وثابر.
ويضيف "قبل كاوست، كنت أظن أن عليّ الالتزام بمجالي في الهندسة الكهربائية فقط، لكن عندما عملت على مرشحات شبكة الجيل الخامس — وهو مجال لم أكن أركز عليه من قبل — أدركت أنه مع الجهد يمكن تعلم أي شيء جديد والنجاح فيه. واستفدت من هذه الفكرة طوال مسيرتي، معتمدًا على دراسة المفاهيم الأساسية والثقة بأن المهارات التقنية يمكن بناؤها بالمثابرة. كاوست جعلتني أؤمن أنني إذا عملت بجد، يمكنني التوسع في أي مجال".
يأتي تركيز جميل على الأمن السيبراني في توقيت مناسب تمامًا للمملكة، التي تولي هذا القطاع اهتمامًا متزايدًا. في يناير 2025، أعلن منتدى الاقتصادي العالمي ومنتدى الأمن السيبراني العالمي عن تأسيس ثلاثة مراكز جديدة للثورة الصناعية الرابعة، من بينها مركز اقتصاديات الأمن السيبراني في الرياض.
يقول جميل "لدى المملكة بنية تحتية صناعية كبيرة، لذا يُعد الأمن السيبراني أولوية وطنية. وتمتلك كاوست مختبرات لأنظمة التحكم الصناعية ضمن مركز الأمن السيبراني، ما يساعد الطلبة على فهم الأبعاد المادية للبرمجة، وهو أمر بالغ الأهمية خاصة لطلبة علوم الحاسب الذين يحتاجون إلى إدراك تأثير الشيفرة البرمجية في العالم الواقعي".
ويختتم قائلًا "أشجعك على دخول هذا المجال فقط في حال كنت تحب التعلم المستمر. الأمن السيبراني يتطور باستمرار، فإذا كنت متحمسًا لتعلم تقنيات جديدة حتى بعد التخرج، فهو مجال رائع. يمكنك أن تظل على المسار التقني، وتتطور من مهاراتك فيه لعقود قادمة".