Top

د. كاي فو-لي يلقي محاضرة في كاوست حول النهوض بالذكاء الاصطناعي

ألقى د. كاي فو-لي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة سينوفيشن فينتشرز (Sinovation Ventures) ورئيس معهد الذكاء الاصطناعي التابع لنفس الشركة، محاضرة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، يوم الاثنين 28 مارس 2022، بعنوان " كيف سيغير الذكاء الاصطناعي العالم".

وتطرق د. لي الى أهمية الذكاء الاصطناعي في وقتنا الحالي باعتباره في قمة هرم التقنيات الثورية للقرن الحادي والعشرين حتى الآن. كما تحدث عن دور هذه التقنية المستقبلي في كل جانب من جوانب حياتنا، خصوصاً أنها غيرت الطريقة التي نعمل ونعيش بها في جميع أنحاء العالم. وساهمت في إحداث ثورة في مجالات حيوية مهمة كالطب والتعليم، وإنشاء أشكال جديدة تمامًا من الاتصالات والترفيه.

كما أشاد د. لي بالدور الكبير الذي تقوم به مبادرة الذكاء الاصطناعي الرائدة في كاوست بقيادة البروفيسور يورغن شميدهوبر، يقول:" يورغن هو أحد المفكرين الرواد في مجال الذكاء الاصطناعي، ومثال رئيسي على التزام دول مجلس التعاون الخليجي باستقطاب المواهب والخبرات المتميزة من أوروبا والولايات المتحدة. وأنا متأكد من أن يورغن نفسه محظوظ جداً هنا. فقد زرت العديد من الجامعات ذات التقاليد القديمة، ولكن كاوست متميزة فعلاً ليس فقط بهندستها المعمارية ومرافقها وتقاليدها، بل ببيئتها الداعمة للأبحاث. إنني معجب جدًا بحقيقة أن أعضاء هيئة التدريس في كاوست يتمتعون بتمويل سخي دون الحاجة إلى إضاعة وقتهم الثمين في الإجراءات البيروقراطية، والتي تحدث غالبًا في البلدان الأخرى".

د. كاي فو-لي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة سينوفيشن فينتشرز (Sinovation Ventures) ورئيس معهد الذكاء الاصطناعي التابع لنفس الشركة.

وأضاف: "أنتم في مكان يلهم القدرة الفكرية على الازدهار، ويشجع الباحثين على التحلي بالجرأة والحلم بتغيير العالم، وجذب المزيد من الأشخاص الأذكياء الذين بدورهم سيجذبون أشخاصاً أذكياء أخرين".

الذكاء الاصطناعي والثورة التقنية جديدة

عمل د. لي في مجال أبحاث تقنية الذكاء الاصطناعي وتطويرها والاستثمار فيها لأكثر من 30 عامًا. وخلال هذه المسيرة المهنية الطويلة استطاع أن يبني علاقات تواصل كثيرة ومهمة وأن يؤثر في أعداد هائلة من الأشخاص. فعلى سبيل المثال، لديه في مدونته في الصين أكثر من 50 مليون متابع.

ويعتقد د. لي أننا على أعتاب موجة من الاختراعات والابتكارات التي ستعيد تشكيل مستقبل المجتمع البشري. حيث قارن بين موجة التقدم التقني الحالية بتلك التي كانت في أوائل القرن العشرين، عندما مهدت الكهرباء ومحرك الاحتراق وموجات الراديو الطريق للصناعات الاساسية التي تؤثر في حياتنا اليوم. وقد أشار الى ذلك في كتابه الجديد، بعنوان " الذكاء الاصطناعي 2041" والذي سلط الضوء فيه على 20 تقنية ثورية، الا أنه خص تقنية الذكاء الاصطناعي بأنها من التقنيات القليلة التي سيكون لها تأثيرات تحويلة هائلة على العالم.

"نحن حريصون جدًا على أن تصبح بيانات الذكاء الاصطناعي متوازنة ونظيفة، ولضمان ابتكار خوارزميات ذكاء اصطناعي جديدة لتقليل الانحياز الثقافي". د. كاي فو-لي

يقول د. لي:" لقد أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً منّا في نواحٍ عديدة. وهذا أمر لا يستهان به. فلم تكن الإنسانية حتى وقت قريب قادرة على قول ذلك. وهذا هو السبب في أن الأتمتة ستستحوذ قريبًا على أكثر من نصف الوظائف الحالية، لذلك سيتعين علينا التحرر من العمل الروتيني والارتقاء بأنفسنا للقيام بما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به. وستكون بنية الحوسبة الجديدة أسرع منا بتريليونات المرات، وقادرة على حساب أشياء لا يمكننا تصورها. وسيسمح علم الحياة للناس لأول مرة على عمل تعديلات جينية مفيدة، سواء كان ذلك يعني تحويل دودة إلى سماد، أو صنع طعام جديد لنا، أو جعلنا أكثر صحة من خلال ابتكار عقاقير جديدة. كما سينشئ الذكاء الاصطناعي أيضًا خوارزميات آلية قادرة على صنع بطاريات جديدة أكثر فاعلية من خلال المحاكاة، باستخدام الهيدروجين مثلاً ".

رئيس كاوست البروفيسور توني تشان و د. كاي فو-لي خلال فقرة الأسئلة والأجوبة بعد المحاضرة.

وذهب د. لي خلال محاضرته عن الذكاء الاصطناعي إلى أبعد من ذلك، حيث وضح كيف سيؤدي دمج الذكاء الاصطناعي والتقنيات الآلية إلى خفض تكلفة السلع اليومية إلى النقطة التي ستظهر فيها فرصة للقضاء على الجوع في العالم. وهو مؤمن بتحقيق ذلك من خلال دعم المسؤولين في المؤسسات البحثية النشطة مثل كاوست، والتي تتماشى أهدفها وأنشطتها المبتكرة مع الطموحات التنموية الأوسع للدولة في شكل رؤية المملكة 2030، يقول: "أعتقد أن رؤية 2030 تخدم غرضًا هائلاً فيما يتعلق بالحياة المستقبلية والتغييرات التي يمكن أن نتوقع رؤيتها في المملكة العربية السعودية، وكيف يمكن استخدام البيانات لصالحنا، وكيف سنتمكن من تغيير الرعاية الصحية والنهوض بها، وكيف ستصبح المملكة رائدة عالمياً في التقنية وأن تنتقل الى موارد طاقة جديدة. وأنا أرى أنه ينبغي على كل دولة أن تسعى جاهدة لتبني مثل هذه الرؤية الطموحة، لكن القليل جدًا لديهم مثل هذا التوجه".

امتلاك الذكاء الاصطناعي وتخصيصه إقليمياً

فيما يتعلق بالاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي على المستوى الإقليمي، يشير د. لي إلى ضرورة امتلاك التقنية وتخصيصها كخطوة تالية حاسمة. ويرجح ذلك، في رأيه، إلى أن القوى المهيمنة الحالية في الذكاء الاصطناعي تأتي من وادي السيليكون في الولايات المتحدة وأن معظم الدول العربية لا تمتلك هذه التقنية وبالتالي لا تتمتع بالمزايا الكبيرة التي تقدمها.

سلط د. لي في كتابه بعنوان " الذكاء الاصطناعي 2041" على التقنيات الثورية التي سيكون لها تأثيرات تحويلة هائلة على العالم.

ويفيد لي أنه بدلاً من الاعتماد على التقنيات المملوكة للشركات الأمريكية، ينبغي لدول عربية مثل دول مجلس التعاون الخليجي أن تحذو حذو الصين، وطنه الأم، التي استطاعت بناء حلولها وتقنياتها الخاصة بعد أن وجدت نفسها عند مفترق طرق مماثل قبل 15 عامًا. وبالطبع، مفتاح ذلك هو استقطاب المواهب والعقول المتميزة وتنميتها، يقول:" سبق أن عملت في وادي السيليكون، إنه نظام بيئي متكامل عضوياً ولا يمكن محاكاته، حيث يضم الساحل الغربي الأمريكي بطقسه الرائع ونمط المعيشة الراقي، وأيضًا الجامعات المذهلة مثل ستانفورد، وبيركلي، وشركات رائدة مثل شلمبرجير وإنتل وآبل. أعتقد أن ما تحاول المملكة العربية السعودية فعله هو تسريع نظامها البيئي للابتكار دون الحاجة إلى الانتظار 30 عامًا حتى يتطور عضوياً. والصين هي حقًا الدولة الوحيدة التي فعلت ذلك. لذا، حتى لو أرادت المملكة أن تسير في هذا الطريق بمفردها، فإن الصين نموذج مثالي يستحق الدراسة".

ومن خلال ما لمسه أثناء زيارته للمملكة حتى الآن، يعتقد د. لي أن اللبنة الأساسية للمواهب المحلية موجود بالفعل. وأن المملكة ماضية بخطى ثابته في بناء بيئة مواتية للابتكار، مستشهداً بنجاح كاوست التي تؤسس لبيئة ابتكار ديناميكية مستدامة تريد الاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى لبناء المستقبل وتشكيله، وأختتم قائلاً: "في كل مرة أزور الجامعة، أرى شباباً واعداً ومتحمساً لمستقبل وطنه، وهو ما يجعلني أتطلع دوماً للعودة الى هنا ورؤية المزيد من الانجازات كل عام".