Top

المرض في طبق مخبري

يستخدم مختبر الخلايا الجذعية والأمراض في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، حيث يجري أبحاثه البروفيسور أنطونيو أدامو، الأستاذ المساعد في العلوم الحيوية، الخلايا الجذعية المستحدثّة والمتعددة القدرات لنمذجة الأمراض، وللمساعدة على تطوير الطب التجديدي. الصورة بعدسة سارة منشي.

بقلم سونياتوروسينسكي، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

يعمل البروفيسور أنطونيو أدامو، الأستاذ المساعد في العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، والباحث الرئيسي في مختبر الخلايا الجذعية والأمراض في الجامعة، على دراسة تطور الأمراض الأيضية كداء السكري مخبرياً، باستخدام الخلايا الجذعية. وتمتلك الخلايا الجذعية ميزة كونها ذات نوعية متماثلة، وهو ما يعرف باسم "تعدد القدرات"، أي القدرة على التطور إلى أي من الطبقات الجرثومية الثلاث التي تشكل خلايا الجسم.

ويستخدم أدامو الخلايا الجذعية الجنينية التي جرى التبرع بها للبحث، والتي تسببها الخلايا الجذعية المحفّزة متعدّدة القدرات (iPSCs). وخلايا iPSCs هذه، هي خلايا جذعية لا تأتي من جنين. وباستخدام تقنية إعادة برمجة مبتكرة، يحضّر أدامو خلايا iPSCs في المختبر عن طريق أخذ الأرومات الليفية (عبر خزعة الجلد) من المرضى، وتوجيهها إلى مرحلة متعددة القدرات في المختبر- ما يمنحه القدرة على العودة إلى الوراء في الزمن ودراسة أسس بناء الخلايا المستقبلية.

من خلال العودة بخلايا المرضى المصابين بأمراض مثل السكري إلى نقطة تكونها، يمكن للعلماء في المختبر ملاحظة ما يحدث للخلايا مع تقدم المرض، الأمر الذي يسميه أدامو "دراسة المرض في طبق مخبري". كما يمكن للباحثين دراسة كيف أدّت الآليات الجينيّة إلى ظهور المرض وتطوره. ويستهدف آدمو في بحثه الإنزيمات تحديداً، وهي فئة من البروتينات، بسبب قابليتها للعلاج في التطبيقات العلاجية.

تخرج إليزابيتا فياسكو، زميلة ما بعد الدكتوراة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والعضو في مجموعة أبحاث البروفيسور أنطونيو أدامو، مخزونات الخلايا المجمدة من خزان بخار النيتروجين المستخدم لتخزين الخلايا على المدى الطويل. الصورة بعدسة أشرف عبدالرحمن.

 ​
وبتوسيع الجانب الوظيفي لنمذجة المرض، يعمل أدامو أيضاً على تطوير بروتوكولات للطب التجديدي باستخدام المعرفة المكتسبة من خلال دراسة مقاومة الأنسولين ومرض السكري "في طبق مخبري".

يقول أدامو: "تُجرى حالياً تجارب على الإنسان في مرحلتها الثانية، حيث تدرس علاجات جديدة لداء السكري، من خلال زرع كبسولات ميكروية تحت الجلد. وتحمل الكبسولات خلايا "بيتا" متمايزة عن خلايا iPSCs لدى المريض، وتطلق الأنسولين عند تحفيز الغلوكوز. ويمنح تصميم الكبسولة المسامي الأنسولين بكفاءة، لكنه بالإضافة إلى ذلك يحمي الكبسولة ذاتها من الخلايا المناعية التي تحاول الوصول إليها، ما يزيل خطر الرفض وتشكّل الأورام". ويضيف أدامو: "لا تزال هذه الكبسولات قيد التحسين، ولكنني أعتقد أن النمط الأول من مرض السكري، سيغدو قابلاً للعلاج بالكامل في غضون السنوات العشر المقبلة".

مريم العويسي، طالبة الدكتوراه في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، تأخذ خلايا جذعية بشرية محفزة من حاضنة استنبات في المختبر. الصورة بعدسة أشرف عبدالرحمن.

وفي الوقت الذي حقق فيه هذا الحقل قفزات كبيرة في الآونة الأخيرة، لا تزال أبحاث الخلايا الجذعية تواجه تحديين مهمّين: التباين والتكرار في ظروف الكائنات الحيّة. وفي هذا السياق يشرح أدامو قائلاً: "حتى المستنسخات المختلفة لخلايا iPSCs نفسها تكون ذات تباينات طفيفة، لأن لكل خلية ليفية قصةً خاصّة بها، وخلفية "تخلّق جيني" تميّزها عن سواها. والطريقة التي نحاول بها التخفيف من ذلك التباين هي زيادة عدد العينات، ولكن أبحاث الخلايا الجذعية هي واحدة من أغلى حقول الأبحاث في العالم، ومواردنا محدودة في هذا الشأن من حيث القوة العاملة والتكلفة. يوجد لدينا لكل مريض ثلاثة مستنسخات مستقلة وما لا يقل عن أربعة إلى خمسة مرضى، وكذلك ضوابط بيولوجية لكل تجربة. نحن نحاول استخدام ضوابط بيولوجية من العائلة نفسها بهدف التحكم في التباين الوراثي".

إنّ تحقيق نتائج قوية يتطلّب من الباحثين أيضاً أن يستهدفوا تكرار ظروف الكائنات الحية مخبرياً. وأحد الاختلافات الرئيسية بين تمايز الخلايا في المختبر وفي الكائن الحي، هو أبعاد النمو. ويوضح أدامو: "يمكننا الآن التفريق بين خلايا iPSCs باستخدام طرائق استنبات ذات تنظيم ذاتي، تعزز تشكيل هياكل العضويات، وتشبه مخبرياً التنظيم الفسيولوجي ثلاثي الأبعاد للأنسجة في الكائن البشري الحي. ولتكرار هذا الأمر مخبرياً، نستخدم مفاعلات حيوية تحاكي حركة مجرى الدم من خلال الاهتزاز، الأمر الذي يعد تقدماً كبيراً، نجاح عملية التمايز في إنتاج والخلايا الناتجة أكثر وظيفية".