Top

من الجهاز إلى الدارة إلى المنظومة

(من اليمين لليسار) سالي أحمد، و البروفيسور حسين فاريبورزي، ورون لي، أعضاء الفريق الفائز بالمركز الثاني المركز الثاني في المسابقة الدولية لتصميم النظم الكهروميكانيكية الصغرى (MEMS) في 8 مايو 2018، في مدينة ميونيخ الألمانية.

ضمن حفل توزيع الجوائز النهائي في فعالية مؤتمر CDNLive EMEA 2018 في 8 مايو 2018، في مدينة ميونيخ الألمانية، فاز فريق من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بالمركز الثاني في المسابقة الدولية لتصميم النظم الكهروميكانيكية الصغرى (MEMS)، والتي تنظمها شبكة Cadence الأكاديمية مع شركة X-FAB وشركة Coventor وجامعة ريوتلنجن. وضم الفريق البروفيسور حسين فاريبورزي، الأستاذ المساعد في الهندسة الكهربائية، وطالبا الدكتوراه سالي أحمد ورين لي، والطالبة الزائرة زوسواي زو.

وتعدّ النظم الكهروميكانيكية الصغرى (MEMS) أجهزة ذات بنى ميكانيكية دقيقة يمكن استخدامها لبناء مختلف أجهزة الاستشعار والمشغّلات، وفي ترشيح التردد، والاستشعار الحيوي والغازي، واستشعار الضغط، وكشف التسارع وغيرها من التطبيقات. واستخدمت هذه الأجهزة في السنوات الأخيرة كلَبنات في بناء أنظمة الحاسبات الدقيقة الكهروميكانيكية الموفرة للطاقة.

صُمّم مشروع جهازُ البروفيسور فاريبورزي وفريقه الفائز لاستخدامه في الدارات الرقمية الكبيرة، ومستقبلاً في المعالجات الحاسوبية الدقيقة. والجهاز الحالي هو عبارة عن نسخة مطورة من الجهاز السابق الذي تم تصميمه وصنعه في المختبر الرئيسي لتصنيع النانو في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بالتعاون مع مجموعة البروفيسور محمد يونس. وإحدى الميزات الفريدة للجهاز هي أنه قابل لإعادة البرمجة خلال العمل، ما يعني أن بالإمكان تغيير وظيفة كل جهاز في الدارة أثناء عمله. وأوضح فاريبورزي: "لا يمكننا أبداً تغيير العتاد المصنَّع، لكن يمكننا الآن ضبطه بواسطة إشارات تحكم كهربائية وجعل الجهاز نفسه يقوم بمهام مختلفة حسب الحاجة".

أظهر فريق جامعة الملك عبدالله أنّ بمقدور مرنانين بنظام (MEMS) أن يحلا محل أكثر من 20 ترانزستور في بعض التطبيقات، كما في الجوامع المنطقية الرقمية (دائرة الكرتونية رقمية تقوم بوظيفة جمع الأرقام)؛ ما يقلل كثيراً من تعقيد الدارات الرقمية. يقول فاريبورزي: "إن تبسيط الدوائر الرقمية القائمة على المرنان الدقيق يؤدي إلى تقليل عدد الأجهزة، والحدّ من استهلاك الطاقة، وتقليل حجم الشرائح، وانخفاض تكاليف التصنيع".

منحنى التعلم المتبادل

شكل المشروع جزءاً من أطروحة الدكتوراه للطالبة سالي خلال العامين الماضيين. وكانت فرصة بالنسبة إلى سالي وبقية أعضاء الفريق لتعلم وتطبيق مهارات وبرامج جديدة مثل MEMS+، وهو برنامج تصميم من شركة Coventor موجه خصوصاً إلى مصممي النظم الإلكتروميكانيكية الصغرى. وفي الجولة الثانية من المسابقة، التي جرت خلال ربيع 2017، تم اختيار المشروع كواحد من عشرة مشاريع وصلت إلى نصف النهائي، وتلقوا دعوة لحضور مؤاتمر CDNLive 2017 في ألمانيا، وتقديم أعمالهم شخصياً وحضور ورش العمل.

كان جهاز الفريق مختلفاً عن أجهزة المتسابقين الآخرين، فهو التصميم الوحيد الذي اقترح جهازاً قابلاً للتطوّر والبرمجة، قادراً على إجراء وظائف منطقية، وقابلاً للدمج مع أجهزة أخرى متعددة. شرح رين لي: "في مقابلة نصف النهائي، علّق ممثلو شركة Coventor على مقدار الجهد الذي بذلناه، وأشادوا بجهودنا لمحاكاة المنتج النهائي قدر الإمكان قبل التصنيع".

وأجابت سالي على سؤال عن نهجها في عملية التصميم قائلةً: "كان الخيار أمامي هو أن أنجز المشروع بكل إتقان وعلى أتم وجه، أو لا أنجزه على الإطلاق".

حسين فاريبورزي يناقش العرض النهائي للفريق قبل المشاركة في مسابقة تصميم النظم الكهروميكانيكية الصغرى (MEMS).

أوضح فاريبورزي والفريق أنهم فوجئوا بمدى التعاون والتعلم المتبادل بينهم وبين رعاة المسابقة، وأشار: "تتماشى اهتماماتنا على نحو متناغم مع اهتمامات المسابقة والرعاة، بحيث استطعنا استخدام خبراتهم في تعزيز أبحاثنا. كما أنهم استفادوا من ذكاء سالي وعملها الجاد. لقد كان عملاً جماعياً في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية".

مثّلت المسابقة فرصة لشركة X-FAB، إحدى أبرز مصنّعي أشباه الموصلات المتقدمة، وكذلك لشركة Coventor وشبكة Cadence، اللتين تقدمان أدوات تصميم بمساعدة الكمبيوتر، لتوطيد علاقاتها مع الأوساط الأكاديمية واختبار منتجاتها وعملها بمساعدة مشاريع الأبحاث الجارية.

وأضاف فاريبورزي: "يسأل رعاة المسابقة سالي عمّا إذا كان بإمكانهم استخدام تصميمها وبياناتها في تطوير منتجاتهم. والواقع فإنّ البيانات التي حصلنا عليها من اختباراتنا ستساعدهم على بناء وتحسين أدواتهم الخاصة بتصميم النماذج بمساعدة الكمبيوتر".

من الجهاز إلى الدارة إلى المنظومة

بمجرد تصميم جهاز ذي منظومة إلكتروميكانيكية صغرى، وتصنيعه وتحديد مزاياه ومواصفاته، فإنه يجب دمجه مع أجهزة أخرى لتشكيل دارة يتم دمجها في منظومة أكبر كالمعالجات الدقيقة. يقول فاريبورزي: "إنّ القفزة من الجهاز إلى الدارة إلى المنظومة هي حقاً قفزة كبيرة. فهناك فرق كبير بين مصممي الدارات ومصممي المنظومات. وما ينقصنا في النظم الإلكتروميكانيكية الصغرى هو أدوات محاكاة موثوق بها يمكنها التعامل مع المنظومات التي تضم عدّة نظم إلكتروميكانيكية صغرى، وهو أمر تم تطويره منذ فترة طويلة بالنسبة للترانزستورات". وأضاف: "سيكون ذلك بمثابة خطوة كبيرة نحو الدمج الناجح لهذه الأجهزة في الدارات والمنظومات والتطبيقات".

وأوضحت سالي: "نحن في بداية الطريق فقط. لذلك فنحن بحاجة إلى إجراء محاكاة على مستوى الدارات والمنظومات، وهذا ما يمكن للمسابقة أن تساعدنا في تحقيقه".

(من اليمين لليسار) البروفيسور حسين فاريبورزي، وسالي أحمد، ورون لي مع عرض لتصميمهم الفائز في المسابقة الدولية لتصميم النظم الكهروميكانيكية الصغرى (MEMS).

تعزيز مدن المستقبل الذكية

أحد التحديات التي تواجهها النظم الإلكتروميكانيكية الصغرى هي صعوبة تصنيع الأجهزة بحجوم أصغر. حتى الجامعات التي تمتلك منشآت بحثية متطوّرة، مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لا تزال غير قادرة على مضاهاة عمليات التصنيع على مستوى الصناعة. وبالإضافة إلى ميزة تقاسم المعرفة في المسابقة، يحصل الفريق الفائز أيضاً على فرصة تصنيع تصميمه من قبل شركة XFAB.

مع الاتجاه نحو الإلكترونيات الأصغر والأكثر قوة، تنتقل الصناعة من النظم الإلكتروميكانيكية الدقيقة (MEMS) إلى النظم الإلكتروميكانيكية النانوية(NEMS). ويلاحظ فاريبورزي أن التحول إلى أجهزة أصغر فأصغر، يواجه التحديات المعروفة في طباعة الدوائر الكهربائية، فضلاً عن مشاكل زيادة كثافة الطاقة والحرارة.

واختتم فاريبورزي قائلاً: "ما من شك في أن مدن المستقبل ستحتوي على الملايين من أجهزة الاستشعار الذكية والتقنيات الإلكترونية؛ والأجهزة التي تعتمد على البطاريات ووحدات جمع الطاقة ذات السعة المحدودة. ولا بدّ من تغيير جذري في التوجه من تطوير أشباه الموصلات لتطوير دوائر كهربائية ومنظومات ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة."