Top

اكتشاف وتتبع فيروس كورونا (كوفيد-19)

الأستاذ المشارك والمتخصص في العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، البروفيسور سمير حمدان.

لازالت جائحة فيروس كورونا معضلة تؤرق جميع دول العالم محدثة خسائر بشرية واجتماعية واقتصادية كبيرة. وعلى الرغم من اشتداد ضراوة هذه الجائحة في الآونة الأخيرة الا أنها لم تثني العلماء والباحثين في جميع انحاء العالم عن محاولة تطوير حلول ناجعة تضع حداً لها، حيث أصبحوا يسابقون الوقت في تتبع أو احتواء أو معالجة أو منع انتشار الفيروس وتطوير لقاح فعال ومقاوم له، ومن بين نخبة هؤلاء العلماء الأستاذ المشارك والمتخصص في العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، البروفيسور سمير حمدان، الذي يعمل مع زملاؤه في فريق الاستجابة البحثية السريعة في الجامعة (R3T) لمكافحة هذه الجائحة مستعيناً بخبرته الطويلة والإمكانات والمرافق المتفوقة في كاوست.

أجرينا حواراً مع البروفيسور حمدان مؤخرًا حيث أخبرنا عن الجهود التي يبذلها مع زملائه الباحثين في الجامعة والمتعلقة بدراسة فيروس كورونا (كوفيد-19).  

فريق أخبار كاوست:

ما الذي نعرفه في هذه المرحلة عن فيروس كورونا (كوفيد-19) ومسبباته وطرق انتشاره؟

البروفيسور سمير حمدان

تلعب بيئة الفيروس دوراً كبيراً في كيفية انتشاره، على سبيل المثال نعلم أن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا (كوفيد-19) لا تظهر عليهم أعراض المرض على الفور، ويمكنهم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي من عدة أيام إلى أسابيع دون أن يدركوا أنهم مصابون بالفيروس مما يرفع من احتمالية انتشاره جراء المخالطة الاجتماعية.

نعلم أيضًا أن الفيروس ينتشر عبر الرذاذ الموجودة في الهواء من خلال التنفس والسعال والعطاس، ولكننا لا نملك معلومات دقيقة عن مدة بقائه في الجو، ولكن من المرجح أنه ينتقل بصورة أسرع بين الأشخاص في الأماكن المغلقة أكثر من الأشخاص البعيدين جسديًا في الهواء الطلق كالشارع مثلاً، حيث يتحرك الهواء باستمرار.

كما تساعد النظافة الشخصية، والتعقيم، ومعدات الحماية الشخصية (الكمامات، القفازات...الخ) في احتواء الفيروس والتخفيف من انتشاره، إضافة للبقاء في المنزل وفرض التباعد الاجتماعي قدر الإمكان.

أخبار كاوست:

أين وصلت الجهود البحثية المتعلقة في الكشف عن الفيروس؟

البروفيسور سمير حمدان

يمكننا اكتشاف العديد من حالات الإصابة بفيروس كورونا من خلال الاعراض الشائعة له كارتفاع الحرارة أو الطفح الجلدي أو صعوبة التنفس. ولكن المعضلة هي في تحديد "الناشرين الصامتين" وهم المصابين الذين يحملون الفيروس وينشرونه دون أن يدركوا ذلك، وهو أمر يستدعي توسيع دائرة الفحوصات وزيادتها.

معظم الفحوصات المستخدمة تعتمد على الكشف عن الحمض النووي الريبي (RNA) لسلالة الفيروسات التاجية (SARS-CoV-2) في الأشخاص المشتبه بإصابتهم أو المخالطين لمصابين أخرين. وتعمل المختبرات في الأوساط الأكاديمية والصناعية على تطوير هذه الفحوصات وتشغيلها لتغطي أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

قامت مجموعتنا أخيراً بتجميع وتجهيز تقنية فحص تفاعل البوليمراز المتسلسل للنسخ العكسي (RT-PCR) بصورة كاملة داخل مختبرات الجامعة، والذي يعد من الفحوصات القياسية لفيروس كورونا (كوفيد-19)، وعلى قدم المساواة مع الفحوصات الاخرى المعتمدة تجاريًا. كما يشارك فريق كاوست للاستجابة البحثية السريعة (R3T) في أبحاث تهدف لتطوير طرق فحص مخبرية تقدم نتائج أسرع وأكثر دقة ويمكن إجراؤها بسهولة داخل مراكز ونقاط الرعاية الصحية مثل الفحص الجزيئي القائم على تسلسلات (CRISPR) الذي تم تجميعه أخيراً في الجامعة، هذا بالإضافة الى دراسة طرق جديدة للاستفادة من قوة التسلسل الجيني في التشخيص وتحسين دقة الفحوصات الجزيئية.

الأستاذ المشارك والمتخصص في العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، البروفيسور سمير حمدان

 ​
ويجري فريقنا أيضًا أبحاثاً لتطوير فحوصات الأجسام المضادة، والتي يمكن أن تساعدنا في تحديد المصابين الفعليين بالفيروس بصورة سريعة جداً من خلال رصد الأجسام مضادة في الدم والناتجة عن الاصابة. وفي هذا السياق، قمنا بتطوير تقنيات لقراءة نتيجة الفحوصات كهربائيًا، واستخدام الذكاء الاصطناعي والتصوير المقطعي والفحوصات المناعية. وعلى الرغم من أن اكتشاف الأجسام المضادة يعد جزءًا مهمًا من أبحاث الفيروسات التاجية، إلا أننا لا نعرف حتى الآن على وجه اليقين ما إذا كانت هذه الأجسام المضادة ستمنح الحصانة من الفيروس، ولكنها بدون شك ستمكننا من فهم أسرار انتشاره المضطرد.

أخبار كاوست:

ما هي الدروس المستفادة من هذه الجائحة اليوم والتي قد تحمينا من وباء مشابه في المستقبل؟

البروفيسور سمير حمدان

فيروس كورونا (كوفيد-19) عطل معظم جوانب حياتنا وأخرج العالم عن مساره، ويعود ذلك لأنه وباء خفي وسريع الانتشار وخطير - وقد أذهلنا بالفعل. ولا نملك اليوم سوى أن نسخر كافة تقنياتنا وعلومنا لإيقافه ومنع عودته من جديد.

يجب أن نعي أنه ليست كل الفحوصات واللقاحات التي في قيد التطوير ستعتمد وتصل للمرضى بل أن معظمها سيظل بين جدران المختبرات. ولا شك أن التاريخ أخبرنا مراراً وتكرارً أن هذه لن تكون المرة الأخيرة التي يهدد وباء قاتل بقائنا على هذا الكوكب، ولكن هنالك بصيص أمل في كل تجربة جديدة، وبحث جديد نقوم به، ومواصلة البحث والتطوير هو الطريق الوحيد والأمثل وسلاحنا الفعال لمواجهة تحديات المستقبل.

ولا بد هنا من أن أشيد بالدور الكبير الذي تلعبه كاوست من خلال استثمارها في مبادرة فريق الاستجابة البحثية السريعة لمكافحة جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) وهو ما يضعها في مصاف المؤسسات البحثية والأكاديمية المؤثرة والقادرة على المساعدة في أزمات الوباء الحالية والمستقبلية.