التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
تلعب المحفّزات الكيميائية دورًا أساسيًا في تسريع التفاعلات التي من شأنها أن تُحدث تحوّلًا في قطاع الكيميائيات في المملكة العربية السعودية. ومن خلال تعزيز الاستدامة البيئية والتطوير الصناعي عبر الابتكار في مجال الحفز الكيميائي، تدعم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أهداف رؤية السعودية 2030 في تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستدامة، مما يُسهم في تطوير عمليات أكثر كفاءة وفاعلية من حيث التكلفة، تعود بالنفع على العالم بأسره.
وفي هذا السياق، قال البروفيسور خافيير رويز مارتينيز، أستاذ الهندسة الكيميائية في كاوست " نجري أبحاثًا في كيفية جعل الصناعات دائرية ومستدامة. فعلى سبيل المثال، نستكشف طرقًا لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية كيميائيًا أو تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات ذات قيمة مثل الوقود أو المواد الكيميائية المتخصصة، وتعد هذه من أبرز مجالات البحث في كاوست".
وأشار رويز-مارتينيز، الذي يشغل منصب الرئيس المشارك لمؤتمر كاوست للأبحاث المعنون (تحفيز التحول في مجال الطاقة والكيمياء نحو الاقتصاد الدائري)، إلى أن نحو 85٪ من المواد الكيميائية المستخدمة حاليًا تمر بعملية حفز واحدة على الأقل، كما أن غالبية أنواع الوقود تعتمد على المفاعلات التحفيزية.
وفي كلمته أمام الحضور، أكد رئيس كاوست، البروفيسور إدوارد بيرن، أن المحفزات الكيميائية تمثل أحد الأمثلة على كيفية ريادة الجامعة في تسريع وتوسيع نطاق الابتكارات التحولية، وأضاف "تعمل كاوست على بناء منصات قوية لتسريع انتقال الابتكار من المختبر إلى السوق، بالتعاون مع العديد من الشركاء. نحن نركّز على العلوم التطبيقية والأنظمة البيئية للابتكار، وملتزمون بدورنا كمركز للمعرفة والموهبة والصناعة".
وأوضح بيرن أن الجامعة تدفع بعجلة تطوير تقنيات الهيدروجين واستخدام ثاني أكسيد الكربون من خلال الحفز الترادفي، والمسارات الكهروكيميائية، والابتكارات الحرارية التحفيزية، وجميعها مجالات تحظى باهتمام كبير داخل المملكة.
وأضاف "نحن نساعد في ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار في مجال الهيدروجين، ويتمثل دور كاوست في كونها مصدرًا للمعرفة وجسرًا نحو التطبيق العملي".
من جانبه، قال البروفيسور بيدرو كاستانيو، أستاذ الهندسة الكيميائية والرئيس المشارك للمؤتمر، إن الحفز الكيميائي يعد أساسًا لتحويل النفايات والمواد الخام إلى منتجات عالية القيمة ومستدامة، مما يعزز من مكانة المملكة كمُصدّر عالمي للطاقة النظيفة والمواد الكيميائية. وأكد "لدي قناعة راسخة بأن الحفز يؤدي دورًا حيويًا ليس فقط في تحديث البنية التحتية الحالية، بل أيضًا في تصميم عمليات جديدة تُمكّن من تحقيق انتقال مستدام".
وأوضح رويز-مارتينيز أن الحفز غير المتجانس يُعد بالغ الأهمية لإنتاج الوقود والمواد الكيميائية اللازمة للمجتمع الحديث، إذ تتيح المحفزات الصلبة مع المواد المتفاعلة الغازية أو السائلة سهولة عمليات الفصل الكيميائي وإعادة الاستخدام والتدوير، مما يحسن الكفاءة ويقلل التكاليف، لا سيما في التطبيقات الصناعية واسعة النطاق.
وأضاف "منذ تأسيسها، أدركت كاوست مبكرًا أهمية الحفز الكيميائي، ولهذا تم إنشاء مركز متخصص في هذا المجال، تطوّر لاحقًا ليصبح منصة متكاملة تضم عدة فرق بحثية تعمل في مجالات متنوعة تشمل الحفز الكيميائي غير المتجانس والمتجانس وغيرها".
ويتمثل الهدف الرئيسي لرويز-مارتينيز في تصميم محفزات جديدة قادرة على تحويل المواد الأولية المستدامة — مثل ثاني أكسيد الكربون أو النفايات — إلى مواد كيميائية ذات قيمة، مشيرًا إلى أن هذه المواد تختلف عن المواد التقليدية مثل النفط الخام أو الغاز الطبيعي، مما يتطلب إعادة التفكير بالكامل في تصميم المحفزات. وقال "نسعى لتطوير محفزات لا تقتصر فعاليتها على المختبر، بل تكون قابلة للتطبيقات الصناعية واسعة النطاق، وهو ما أركز عليه في أبحاثي".
وأضاف "الكثير من أبحاثنا تتمحور حول تحويل مصادر بديلة — مثل الكتلة الحيوية أو النفايات أو حتى ثاني أكسيد الكربون — إلى وقود ومواد كيميائية".
أما كاستانيو، فيركّز على التطبيق ورفع جاهزية التقنيات التحفيزية، حيث يعمل على اختبار المحفزات تحت ظروف صناعية حقيقية باستخدام مفاعلات تحاكي العمليات الفعلية، آخذًا في الاعتبار التحديات مثل الشوائب والملوثات. وقال "نهدف إلى فهم كافة الظواهر التي تحدث داخل المفاعلات الصناعية، وليس فقط الجوانب المتعلقة بالتحفيز. وهذا يساعدنا على تطوير الأدوات التي تحتاجها الصناعة لتوسيع نطاق هذه العمليات. كجامعة، نحن لا نبني أنظمة تحويل كاملة كما تفعل الشركات، ولكن يمكننا توفير البيانات والمنهجيات المهمة لدعم هذا التحول".
وأشار رويز-مارتينيز إلى وجود توجه قوي نحو التصنيع المحلي في المملكة، وتُسهم أبحاث كاوست في تطوير عمليات تحفيزية قابلة للتطبيق داخل المملكة، مستشهدًا بمشروع نيوم الذي يهدف إلى إنتاج الهيدروجين والمواد الكيميائية المستدامة مثل الأمونيا، حيث يلعب الحفز دورًا محوريًا.
وأضاف أن كاوست تعمل أيضًا مع الشركاء في قطاع الطاقة التقليدي لاستكشاف طرق جديدة لاستخدام الهيدروكربونات عبر تقنيات الحفز، قائلاً "تقليديًا، يُستخدم النفط لإنتاج الوقود الذي يتم حرقه، مما يطلق ثاني أكسيد الكربون. ولكن ماذا لو تم تحويل النفط إلى مواد كيميائية بدلاً من ذلك؟ يمكن إعادة تدوير هذه المواد الكيميائية، مما يُسهم في تقليل الانبعاثات، وهو أحد الطرق التي نُسهم بها في تطوير قطاع البتروكيماويات نحو نموذج أكثر استدامة".
وأكد كاستانيو أن مجموعة المحفزات "المذهلة" التي تم تطويرها في الوقت الحالي تشمل محفزات تقليدية وأخرى مستدامة بالكامل، تستخدم ثاني أكسيد الكربون أو الضوء أو غيرها، لكن الوصول بها إلى السوق يتطلب خطوات هندسية معقدة — وهي التحديات التي يتعامل معها فريقه البحثي.
وأكد رويز-مارتينيز أن كاوست تعمل على تطوير عمليات تحفيزية جديدة تركز على الاستدامة — وهو أحد المحاور الرئيسية للمؤتمر — مشيرًا إلى أن أبحاث الجامعة تُسهم في تحويل مصادر بديلة إلى وقود ومواد كيميائية، وهو أمر أساسي لتحقيق أهداف المملكة للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060. وقال "نحن بحاجة إلى مواد تحفيزية جديدة وتصاميم مبتكرة للمفاعلات لتحويل الموارد المستدامة إلى مواد كيميائية بكفاءة".
نظم رويز-مارتينيز وكاستانيو مؤتمر الحفز الكيميائي الذي استمر ثلاثة أيام، وجمع نخبة من الباحثين والخبراء الصناعيين من المملكة والعالم لمناقشة مستقبل الحفز والمفاعلات التحفيزية.
وعرض عدد من أعضاء هيئة التدريس في كاوست أبحاثهم خلال المؤتمر، حيث ناقش البروفيسور شو لو، أستاذ الهندسة الكيميائية، التحويل الكهروكيميائي لثاني أكسيد الكربون تحت ضغط عالٍ، مشددًا على ضرورة إيجاد حلول هندسية عملية ودمج علوم المواد في النماذج التطبيقية، كما أشار إلى استثمارات المملكة الكبيرة في عزل الكربون وأهمية جهود كاوست في الاستفادة منه بطريقة مستدامة واقتصادية.
وقدّم البروفيسور يوجي كوباياشي، أستاذ الكيمياء، عرضًا حول إدارة الإلكترونات والأيونات السالبة في الحالة الصلبة لأغراض الحفز، موضحًا أن أبحاثه تركز على مواد جديدة أو غير مدروسة سابقًا قد توفر آليات تحفيزية فريدة، كما ناقش تعاونه المستمر مع خبراء الحفز الكيميائي في كاوست في تفاعلات الأكسجين، مثل أكسدة الميثان.
بدوره، تناول البروفيسور كارلوس غراندي، أستاذ الهندسة الكيميائية، استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد كأداة تمكينية لتكثيف العمليات داخل المفاعلات، مشيرًا إلى إمكاناتها التحولية وضرورة اختيار التطبيقات المناسبة، مؤكدًا على أهمية إلمام المهندسين الكيميائيين بالجوانب الهندسية المعقدة للتصميم من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد.
كما سلط باحث كاوست الدكتور إنريكي راموس فرنانديز، الضوء على جهود الجامعة في تطوير محفزات ضوئية حرارية لتحقيق كيمياء مستدامة، حيث يتم تسخين المحفز بواسطة الضوء والتحكم في طوره النشط، مما يُسهم في تعزيز النشاط التحفيزي وتمكين التبديل الديناميكي للأطوار.
من جهته، أشار كاستانيو إلى أن التركيز على تحفيز التنمية المستدامة يأتي في وقت حاسم يتأثر بالتحولات السياسية والاستراتيجية العالمية، مضيفًا "بالطبع، نحن بحاجة إلى دفعة من الشركات، كما بدا واضحًا من التفاعل مع الزملاء الصناعيين المشاركين، لكننا بحاجة أيضًا إلى دعم صانعي السياسات"، مؤكدًا أهمية دور الباحثين في إثبات جاهزية الحلول التقنية للرأي العام. وشدد "بعض هذه العمليات تحتاج إلى دعم حكومي لإجراء التجارب الأولية على نطاق أوسع".
خبراء في مجال الحفز الكيميائي من جميع أنحاء العالم يجتمعون في كاوست لحضور مؤتمر كاوست للأبحاث: تحفيز التحول في مجال الطاقة والكيمياء نحو الاقتصاد الدائري، الذي عقد في الفترة ف من 28 إلى 30 أبريل.
على الرغم من أن المؤتمر ساهم في تعزيز الروابط المباشرة بين باحثي كاوست في مجال الحفز الكيميائي ونظرائهم من الجامعات والشركات حول العالم، إلا أن رويز-مارتينيز أشار إلى أن باحثي كاوست المتخصصين في مجال الحفز يعملون بالفعل مع جهات صناعية كبرى مثل BASF، داو كيميكال، توتال إنرجيز، يميكور، أرامكو، وسابك. وقال" نحن نشطون جدًا في التعاون — سواء داخل المملكة أو خارجها. فعلى سبيل المثال، يركّز بحثي على فهم المواد التحفيزية لتصميمها بطريقة مدروسة، ولهذا نتعاون مع مرافق سينكروترون دولية تتيح لنا إجراء تحليل متقدم للمواد". وأضاف "نتعاون مع مرفق Swiss Light Source في زيورخ، ومرفق الإشعاع السنكروتروني الأوروبي في غرونوبل، ومرافق السنكروترون في هيفاي في الصين. هذه الشراكات ضرورية لتعزيز فهمنا للمحفزات على المستوى الجزيئي".