Top

الفنون الذكية في برنامج الإثراء الشتوي لعام 2018

مارجريت ليفينجستون (بروفيسور البيولوجيا العصبية في كلية هارفارد للطب) تتحدث عن دور الفنون في تحرير قيود الأنشطة العميقة في العقل البشري.

-بقلم ديفيد مورفي, من أخبار جامعة الملك عبدالله

أدرك الفنانون منذ زمن بعيد أن الألوان والإضاءة تلعبان أدوارًا مستقلة في الإدراك البصري. فوضح بيكاسو ذات مرة أن "الألوان مجرد رموز، وتبرز الحقائق مع الإضاءة وحدها".

يتفق علماء الأعصاب مع بيكاسو؛ حيث يعتقدون أن مظهر الأجسام يتغير من لحظة لأخرى. ويقول الباحثون إن وظيفة القشرة الدماغية البصرية هي تمثيل الأجسام كما هي، وليس الاعتماد بشكل مطلق على البيانات المجردة التي تتدفق إلى أعيننا.

تحدثت البروفيسورة مارجريت ليفينجستون، أستاذة البيولوجيا العصبية في كلية هارفارد للطب، إلى مجتمع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الفنون في تحرير قيود الأنشطة العميقة للعقل البشري، وذلك خلال محاضرة رئيسية ألقتها يوم الاثنين الموافق 22 من يناير في إطار برنامج الإثراء الشتوي 2018.

يركز بحث مارجريت في هارفارد على الهرمونات والسلوك والتعلم وعسر القراءة والرؤية وكيف يمكن لعلم البصريات أن يستوعب عالَم الفنون البصرية ويصوغ كيانًا له. ولقد ساعد كتابها، "Vision and Art: The Biology of Seeing" الذي صدر في 2002، في الارتقاء بمكانتها في عالَم الفنون بوصفها عالِمة تربط الفن بالعلم وتعبر بحرية عن التداخل بينهما وكيف يمكن أن تؤثر الفنون على الدماغ البشري.

تقول مارجريت، "تجاهل الفنانون قوانين الفيزياء لقرون عديدة. إذا كنت تبحث عن لوحة يتجاهل الفنان فيها قوانين الفيزياء، فابحث عن لوحة لشخص ينظر إلى المرآة".

(بروفيسور البيولوجيا العصبية في كلية هارفارد للطب) تتحدث عن دور الفنون في تحرير قيود الأنشطة العميقة في العقل البشري.

 ​

وأضافت، "يدرك الفنانون أيضًا منذ فترة طويلة أن كلاً من الألوان والإضاءة يؤثران عليك تأثيرات مختلفة. وبدأ بيكاسو في إدراك حقيقة أن رؤية الشيء تختلف كثيرًا اعتمادًا على موقع الرؤية. وكان يعشق أندي وارول التلاعب بالإضاءة المتساوية في أعماله الفنية. وكانت الظلال في بعض لوحاته الشهيرة تعكس الضوء في الاتجاه المخالف".



 

رؤية أشهر الأعمال الفنية من منظور جديد

سلطت مارجريت الضوء على زهور الخشخاش وهي تتمايل مع النسيم في لوحة مونيه، "حقل الخشخاش"، وكيف كانت الصورة تومض في لوحة موندريان، "برودواي بوجي ووجي"، وكيف يبدو للعين المجردة نبض التيار الكهربائي في لوحة وارهول، "الكرسي الكهربائي الصغير".

ووصفت أيضًا وجه الاختلاف بين الرؤية المركزية والمحيطية، ووضحت كيف أن الفروق في درجة الوضوح في مجالنا البصري تجعل الشكل المرسوم يبدو مبتسمًا كما في شخصية لوحة "موناليزا"، التي تناور الناظر إليها بتعبيراتها المتغيرة باستمرار.


"هناك سبب وراء عشق الجميع للوحة "موناليزا"، وهو أن ابتسامتها وتعبير وجهها يتغيران على الدوام (بحسب الجهة التي تنظر إليها منها)".

عرضت مارجريت على الحضور والمشاهدين عبر الإنترنت أفكارًا مثيرة للاهتمام حول ما إذا كان هناك ارتباط مباشر بين صعوبات التعلم والقدرات والمهارات الفنية، والخدع البصرية الشائعة، والتقسيم الجزئي الوظيفي لنظام الرؤية في الإنسان، وكيفية معالجة العقل البشري للألوان والإضاءة.


فسرت مارجريت الأمر قائلة: "تعتمد قدرة الانسان على الرؤية على معالجة الصور باستمرار؛ حيث تحسب المسافة والعمق في مرحلة مبكرة في نظامك البصري. ويتمتع البشر بقدرة هائلة على معالجة الوجوه، وهم أفضل بكثير من الآلات".


أضافت مارجريت أن عمى الألوان أحد أهم مشكلات الرؤية، فإدراكنا للألوان متواضع جداً. ومع ذلك، وجّهت مارجريت الانتباه إلى حقيقة أن طريقة معالجتنا للأعمال الفنية والصور المتحركة وإدراكنا لها تختلف من شخص لآخر.