التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
طواقم عمل تبدأ حفر بئر اختبار للطاقة الحرارية الجوفية في كاوست في أوائل عام 2024.
تهدف جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تعزيز الاستفادة الكاملة من الطاقة الحرارية الجوفية في المملكة العربية السعودية، كونها واحدة من مصادر الطاقة المتجددة الواعدة. ويتماشى هذا مع الأهداف "الخضراء" لرؤية السعودية 2030، من خلال تطوير الأبحاث العلمية والتعاون مع الجهات المعنية لوضع إطار عمل وطني، وتعزيز الأبحاث التجريبية، وتوجيه السياسات التنظيمية في هذا المجال.
وقال البروفيسور توماس فينكباينر، أستاذ أبحاث موارد الطاقة وهندسة البترول في كاوست "لدينا قناعة راسخة بأن كاوست يمكنها أن تؤدي دورًا رياديًا في مساعدة المملكة على تطوير هذا المورد الطبيعي والمتجدد". وأشار إلى أن الطاقة الحرارية الجوفية توفر مصدرًا مستقرًا للطاقة الأساسية، وهو أمر لا تستطيع المصادر المتجددة الأخرى توفيره، كما أنها بديل فعّال للهيدروكربونات في تطبيقات مثل تحلية المياه والتبريد المباشر، لا سيما في المناطق الساحلية. وأكد "الطاقة الحرارية الجوفية هي مورد طاقة مطلوب بشدة".
توفر الطاقة الحرارية الجوفية طاقة مستقرة لا تعتمد على الطقس أو ضوء الشمس، وبأثر بيئي محدود. ومع الطلب الكبير على التبريد وتحلية المياه، خاصة خلال فصل الصيف في المملكة، يرى فينكباينر أن تحويل - ولو جزء بسيط من هذا الطلب- إلى الطاقة الحرارية الجوفية يمكن أن يُخفض الانبعاثات إلى حد بعيد، ويعزز الكفاءة الاقتصادية. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى أبحاث تعاونية ومتكاملة في هذا المجال.
ويُعد مشروع كاوست لاستكشاف الطاقة الحرارية الجوفية (K-GEP) نموذجًا لتطوير مثل هذه المشاريع. ويؤمن القائمون عليه بأن استخدام الطاقة الحرارية الجوفية على مستوى محلي يُعد واعدًا للغاية، خاصة في المناطق الحارة والجافة. ويقود المشروع عدد من أعضاء هيئة التدريس في كاوست، من بينهم البروفيسور فينكباينر، والبروفيسور مارتن ماي من قسم هندسة وعلوم الأرض، والبروفيسور فولكر فاهرنكامب من قسم موارد الطاقة وهندسة البترول.
في أوائل عام 2024، دخلت كاوست في شراكة مع "طاقة جيوثيرمال" السعودية، لحفر بئر تجريبية بعمق 400 متر في حرم الجامعة، بهدف الرصد والاستكشاف المبدئي لفرص استخراج الطاقة الحرارية الجوفية. وأوضح فينكباينر أن هذه البئر غير مخصصة للإنتاج، لكنها مزودة بأجهزة استشعار تجمع بيانات حول تركيبة الطبقات الجوفية وحرارتها، ما يعد أمرًا أساسيًا لتخطيط أعمال الحفر العميق مستقبلاً.
نظرة عن قرب على عمليات الحفر أثناء بدء حفر بئر اختبار الطاقة الحرارية الجوفية في حرم الجامعة في أوائل عام 2024.
وأضاف " يمكن لكاوست أن تكون منصة اختبار مثالية للطاقة الحرارية الجوفية في المملكة – كما هو الحال في الجامعات الأوروبية والأميركية. نحن في موقع يؤهلنا لتطوير التقنيات، وتخفيض المخاطر، وإثبات جدوى استخدام هذه الطاقة في الحرم الجامعي. والدروس المستفادة من هذه التجربة قد تسهم في تسريع نشر التقنية على مستوى وطني".
وتابع "كاوست تمتلك بالفعل معظم الخبرات والتقنيات – سواء في التطبيقات السطحية أو علم الجيولوجيا الجوفية. ولدينا الكوادر والخبرات اللازمة، وكل ما نحتاجه هو معدات الحفر والتمويل".
تحظى الطاقة الجوفية باهتمام واسع في الأوساط الحكومية والصناعية والأكاديمية، نظراً لقدرتها النظيفة والموثوقة. وخلال حلقة نقاش نظمها "مكتب الاستدامة" في كاوست ضمن فعاليات يوم الأرض، اجتمع ممثلو القطاعات المختلفة لمناقشة مسار المملكة نحو كفاءة طاقة منخفضة الكربون.
شارك في الحوار من كاوست البروفيسور فينكباينر، وانضم إليه ضيوف متميزون في هذا المجال، ومنهم مشاري العايد، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة جيوثيرمال؛ وجون أورن جونسن، مدير الطاقة الجوفية في شركة " إينووا /نيوم"؛ وستيف ليموان، الرئيس التنفيذي لشركة "دالكيا الشرق الأوسط"؛ وعبد الرحمن الشهيل، كبير تقنيي الجيوفيزياء في مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة في أرامكو السعودية؛ ونوف عبد الغني، مهندسة أولى في وزارة الطاقة السعودية.
وتناول المتحدثون التحديات الفنية والتشغيلية لتطوير الطاقة الحرارية الجوفية، من التنقيب الجيوفيزيائي إلى الحفر العميق في تضاريس باطنية غير مستكشفة، مؤكدين الحاجة إلى بيانات دقيقة لرسم خريطة للموارد الوطنية، معتبرين بئر كاوست التجريبية خطوة أولى نحو تقليل المخاطر وجذب الاستثمارات. ورغم الإمكانات الكبيرة، أشار فينكباينر إلى أن التنظيمات القانونية لا تزال ضرورية، وأن الوزارة تعمل حالياً على إعدادها.
وأضاف "شهدنا تنوعاً كبيراً في المشاركين، ما يعكس الاهتمام المتزايد من الجهات المعنية داخل المملكة"، مشيراً إلى ضرورة وجود أطر تنظيمية واضحة للملكية والتوزيع والمسؤولية، حيث تواصل شركات مثل "دالكيا" و"طاقة" بناء شراكات مثمرة في هذا المجال، كما تحتفظ أرامكو بقدر كبير من البيانات والأنشطة تحت سطح الأرض. وقال "من الإيجابي أن نراهم منخرطين في هذه الحوارات المهمة."
وأشار إلى أن من أبرز النقاط الأخرى في حلقة النقاش كان اتفاق المشاركين على مواصلة دراسة الموضوع بعد انتهاء الفعالية، وقال "لدينا خطة للمضي قدمًا، وربما نكون قد أوجدنا زخمًا قد يُسهم في تسريع التنمية في هذا المجال".
تسعى كاوست إلى ترسيخ دورها كمحفّز وطني لتطوير الطاقة الحرارية الجوفية، ليس فقط من خلال البحث العلمي، بل أيضاً من خلال عرض إمكانية تطبيق الطاقة الحرارية الجوفية في بيئات المملكة الساحلية والجافة.
وقال فينكباينر "كلما تعمقنا أكثر في باطن الأرض، ارتفعت درجات الحرارة. يمكننا استخدام هذه الحرارة، سواء كانت كافية لتوليد الكهرباء أم لا. فالأهم من ذلك هو إمكانية استغلال أي حرارة نجدها مباشرة في تطبيقات مثل التحلية، أو التبريد المركزي، أو حتى دعم أبحاث الطحالب من خلال توفير درجة حرارة مستقرة طوال العام لتحسين نموها".
وأشار إلى إمكانيات الدمج بين حرارة الطاقة الجوفية وتقنيات عزل الكربون وتخزينه، حيث يمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون فوق النقطة الحرجة (scCO2)، الذي يتمتع بخواص سائلة، كوسيط لنقل الحرارة، يقول "إحدى استراتيجيات خفض الكربون في الغلاف الجوي هو التقاط ثاني أكسيد الكربون وضخه في باطن الأرض. وهناك، يكتسب حرارة طبيعية من باطن الأرض، ويمكن استخراجه كـ"سائل ساخن" لاستخدامه في التطبيقات الجوفية، ثم يُعاد حقنه بعد استخراج الحرارة منه".
وأضاف أن كل هذا يوضح إمكانية إنشاء نظام طاقة شامل ومتكيف محليًا. أما بالنسبة لـ كاوست، يرى فينكباينر أن دورها لا يقتصر على تطوير التقنيات واختبارها، بل يشمل أيضًا دعم تطوير أطر جديدة لتبادل البيانات الجوفية ودعم السياسات والشراكات التي من شأنها توسيع نطاق استخدامات الطاقة الحرارية الجوفية في جميع أنحاء المملكة".