التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
البروفيسور هيربيرت هيرت (يسار) من كاوست يعمل في الميدان مع أحد أعضاء فريقه لدراسة الميكروبات الصحراوية ومقاومة النباتات.
تقديرًا لأبحاثه الرائدة حول العلاقة بين الميكروبات وصحة النباتات، تم اختيار البروفيسور هيربيرت هيرت، أستاذ علوم النبات في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، عضو في الأكاديمية الأوروبية - وهي جهة علمية مرموقة على مستوى أوروبا تُعنى بتكريم التميز في مجالات العلوم الطبيعية والإنسانية والآداب.
ويعكس هذا التميز الأهمية العالمية لأعمال هيرت، كما يؤكد المستوى البحثي الرفيع الذي تقدمه كاوست لعلمائها.
وقال هيرت بهذه المناسبة "إنه تميّز رفيع المستوى - يحمّلنا مسؤولية تقديم شيء يعود بالنفع على المجتمع والصالح العام"، مشيرًا إلى أن هذا التقدير من الأكاديمية الأوروبية للعلوم يُعد شهادة على الدعم المؤسسي الذي تلقّاه في كاوست على مرّ السنوات. وأضاف "بالنسبة لي، هذا يشدد على أهمية إيصال المفاهيم والمعرفة العلمية إلى الجمهور العام."
ويرى هيرت أن اختياره لعضوية الأكاديمية الأوروبية يعكس مكانته البارزة في مجاله - ما يسلط الضوء بشكل أكبر على آرائه وإسهاماته، ويزيد ظهوره، ويشجعه على الانخراط على نطاق أوسع داخل المجتمع العلمي وخارجه. وأضاف " مثل هذا التكريم يجعل منك جزءاً مؤثرًا من منظومة العلم حول العالم".
يذكر أن البروفيسور هيرت انضم إلى كاوست في عام 2014، بدافع شغفه بدراسة كيفية مقاومة النباتات للضغوط البيئية القاسية - وخصوصًا في الصحاري التي يعتبرها "مختبره الطبيعي". وبصفته عالم وراثة، استحوذ على اهتمامه احتمال اكتشاف حلول طبيعية تقودها الميكروبات لمواجهة الحرارة والجفاف والملوحة. وتشمل الميكروبات الكائنات المجهرية مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات.
ويركز بحث هيرت على تحديد الجينات الميكروبية التي تعود بالفائدة على النباتات، والبحث عن ميكروبات محلية حول العالم تمتلك هذه الخصائص. وقد بيّنت أبحاثه أن الميكروبات جزء لا يتجزأ من حياة النبات - والتي توجد حتى في بذورها. وعلى مدى ملايين السنين، تطورت النباتات والميكروبات جنبًا إلى جنب، مكونة علاقة تكافلية تشبه تلك الموجودة في الميكروبيوم البشري في الأمعاء. وقال "في الواقع، يُعتبر هذا أيضًا أحد مصادر الميكروبيوم البشري لدينا."
لكن، بحسب هيرت، فإن ممارسات الزراعة الحديثة المعتمدة على المواد الكيميائية تُلحق الضرر بالحياة الميكروبية في التربة، وهي ضرورية لصحة النباتات. ومن دون هذه الميكروبات، تفقد المحاصيل قيمتها الغذائية، ما يسهم في مشكلات صحية عامة لدى البشر مرتبطة بالجهاز الهضمي. ويؤكد أن "الحل هو استبدال المواد الكيميائية بالحلول الميكروبية. فالميكروبات هي السبيل لحماية النباتات - وفي النهاية لحماية الإنسان أيضًا."
وقد أسفرت أبحاثه في كاوست عن إنشاء بنك حيوي ضخم للميكروبات الصحراوية، وأثبتت كيف يمكن للميكروبات تفعيل استجابات دفاعية لتعزيز قدرة المحاصيل على الصمود. وقال "لا نريد التعرف على الميكروبات فقط، بل أيضًا فهم الآليات التي تستخدمها. ومن خلال هذا الفهم، نستطيع تحديد الميكروبات والوظائف التي تساهم في تحسين صحة الإنسان".
وُلد هيرت في إيران، وترعرع في ألمانيا، وتلقى تعليمه في جنوب أفريقيا والنمسا - في مسار دولي يعكس رؤيته الواسعة للعلم. حصل على درجة البكالوريوس في الكيمياء الحيوية من جامعة كيب تاون، ثم أكمل الماجستير والدكتوراه في فيينا، وأجرى أبحاث ما بعد الدكتوراه في فيينا وأوكسفورد.
امتدت مسيرته الأكاديمية عبر عدة بلدان، وشغل فيها مناصب قيادية، بما في ذلك ترقية في السلم الوظيفي في النمسا، والعمل كمدير أبحاث في باريس، وانضمامه في نهاية الأمر إلى كاوست. وتستمر هذه الخبرة الدولية في تشكيل عمله ومساهماته في علم النبات على نطاق عالمي. ومن المثير للدهشة، كما أشار هيرت، أن علم النبات لم يكن مجالًا كان يتصور أن يعمل فيه في بداية مسيرته المهنية، ولكنه نما فيه.
وقال مازحًا إنه لم يتوقع أبدًا أن يعمل في مجال النبات "بدأت بدراسة الطب. لم أكن مهتمًا بعلاج البشر، لكنني كنت مهتمًا بالأسس الجزيئية للأمراض. لذا حصلت على دكتوراه في علم الوراثة البشرية. ثم أدركت أن البشر ليسوا موضوعًا مثاليًا للبحث الوراثي، لأنه لا يمكنك إجراء التجارب عليهم."
وبعد فترة قضاها في المملكة المتحدة يعمل على الخميرة - وهو نظام وراثي جيّد لكنه ممل بالنسبة له — عاد إلى فيينا حيث قَبِل وظيفة في علوم النبات. وعلى الرغم من قلة معرفته بالنباتات آنذاك، فإن خبرته في الجينات والحمض النووي الريبي والبروتينات كانت ما يحتاجه الفريق تمامًا. ومع بداية العمل، وقع سريعًا في حب النباتات، مفتونًا بجمالها وتنوعها. وقال "يمكنك إجراء أي نوع من التجارب عليها. إنها لا تشتكي."
وأضاف: "وفي النهاية، وصلت إلى نقطة الربط بين صحة النبات والميكروبات وصحة الإنسان من خلال الميكروبيوم - كل شيء مترابط. وأنا سعيد لأننا استطعنا 'إغلاق هذه الدائرة'، إن صح التعبير".
يرأس هيرت مبادرة PlantAct! - وهي مجموعة تفكير تضم نخبة من علماء النبات، وتعمل على تطوير حلول زراعية لمواجهة تغير المناخ. ويؤمن هيرت بأن التواصل العلمي الواضح أمر أساسي لإحداث أثر فعلي. ويحث العلماء على تعلم كيفية شرح أعمالهم وأهميتها لغير المتخصصين. ويتمثل هدفه طويل المدى في تبسيط المفاهيم العلمية المعقدة وإيصالها إلى الجمهور العام — سواء داخل المملكة أو خارجها.
وقال "أعتقد أن العلماء لا يقومون بهذا الدور بما فيه الكفاية. بعض المشكلات التي نراها — مثل تشكيك الناس في العلم - نابعة من هذا. هناك فجوة تواصل يجب أن نعمل على ردمها إذا أردنا مواصلة إنتاج علم رفيع المستوى."
وأشار إلى أن الميكروبات تلعب دورًا حيويًا في دعم الأنظمة المناعية الأساسية، ما يجعلها ضرورية لصحة النباتات والحيوانات والبشر على حد سواء. ويؤمن بأن ترسيخ هذا الفهم هو مفتاح الحياة الصحية الشاملة. ولحسن الحظ، يلاحظ أن وعي علماء النبات يتزايد بشأن هذا التحوّل الكبير. "يجب أن نعيد تطوير مفاهيمنا في الزراعة لإنتاج غذاء صحي، لا مجرد غذاء خالٍ من الحياة."
ويتعاون هيرت حاليًا مع وزارات سعودية ومشروع نيوم وجهات أخرى في مشاريع لإعادة تشجير الصحاري واستعادة التربة. كما أنشأ فريقه في كاوست "أطلسًا حيويًا وطنيًا للتربة" — خريطة توضّح توزيع الكائنات الحية الدقيقة في مختلف مناطق المملكة. كما أطلقوا منصة (GrowBioM)، التي توفّر حلولًا مستدامة لاستخدام الأراضي، قائمة على البيانات.
وبالنظر إلى المستقبل، خصوصًا بعد انضمامه إلى الأكاديمية الأوروبية، يأمل هيرت في تطوير مهاراته كناقل للعلم ومبسط للمفاهيم المعقدة. "أرغب في المساهمة ببناء جسور بين التخصصات العلمية، وبين العلم والمجتمع".