Top

أطول مسح مرجاني في العالم: قرن من التغيير في شعاب "آوا"

(من اليسار إلى اليمين) صورة احتفالية لعلماء البحار تشاك بيركلاند وأليسون جرين وأليس لورانس وموتوساغا فايوسو في شعاب "آوا" المرجانية في اقليم ساموا الأمريكية في الذكرى السنوية المائة لمسح "آوا". المصدر: موتوساغا فايوسو.

يستخدم العلماء المهتمون بالحفاظ على البيئة الصور القديمة بشكل كبير لتقييم مدى تغيرّ المناطق ، ودرجة التأثير البشري والبيئي عليها بمرور الوقت ، وأحد الأمثلة الشهيرة على ذلك هي الصور القديمة الملتقطة بالأبيض والأسود في عام 1917 للشعاب المرجانية الخضراء والشواطئ والقرى المحيطة بميناء باغو باغو في منطقة ساموا الأمريكية والتي تبعها عملية مسح كمي قوي تم بواسطة عالم الأحياء البحرية وعالم الحيوان الرائد ألفريد مايور (1868 - 1922).


قام عالم الأحياء البحرية ألفريد مايور عام 1917 بتوثيق مشاهد من ميناء باغو باغو، في منطقة ساموا الأمريكية. المصدر: ألفريد مايور ومؤسسة كارنيجي بواشنطن.

ألهمت هذه الصور والمسح الكمي المبكر للمجتمعات المرجانية في المنطقة المحيطة بقرية "آوا" عالمة البحار في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، د. أليسون جرين وزملائها لتكرار عملية المسح على الشعاب المرجانية نفسها لفترة امتدت عقوداً من الزمن، ونتج عنها ورقة بحثية كتبتها جرين وبمشاركة مع د. تشارلز بيركلاند من جامعة هاواي في مانوا وعلماء مساهمون أخرون، تناولت موضوعات مرونة وتحمل المجتمعات المرجانية على المقاييس الزمنية البيئية والجيولوجية، وغطت أكثر من قرن من مسوحات الشعاب المرجانية في ساموا الأمريكية ، من عام 1917 إلى 2019 ، إضافة الى 11 دراسة استقصائية عامه ، مما يجعلها أطول عملية مسح كمي نشط للشعاب المرجانية في العالم.

توثق الورقة نطاق النتائج التي توصلت إليها د. أليسون جرين وزملائها، مع التركيز على المناطق التي تتفاوت فيها مرونة الشعاب المرجانية المجاورة لجزر ساموا الأمريكية لظروف الإجهاد العالية عبر الزمن. كما تكشف الدراسة عن أهمية عمل مثل هذا المسوحات طويلة المدى التي تقدم للعلماء والباحثين مفهوماً أوضح لأنماط وديناميكيات الأنظمة البيئية للشعاب المرجانية مما يساهم في عملية الإدارة السليمة لها خصوصاً أننا نشهد اليوم انخفاضاً للشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم بسبب ارتفاع درجات حرارة البحر وما يرتبط بها من ضغوط تغير المناخ. وتقدم الورقة أيضًا مقارنة مثيرة للاهتمام بين الأنشطة البشرية والتأثيرات الطبيعية على الشعاب المرجانية على نطاق زمني بيئي وجيولوجي محدد خصوصاً تأثير البناء الساحلي والذي يعتبر من الأنشطة البشرية التي أدت الى انهاء العديد من مجموعات الشعاب المرجانية التي تشكلت عبر سنين طويلة.

(من اليسار إلى اليمين) صور لعلماء البحار أليسون غرين وتشارلز بيركلاند، الذين تضم ورقتهم تحليلاً لأكثر من قرن من مسوحات الشعاب المرجانية، من 1917 إلى 2019، والتي تعتبر الأطول في العالم.


الوعي بحماية الشعاب المرجانية

أمضت د. جرين ود. بيركلاند 25 و40 عامًا، على التوالي، في مسح الشعاب المرجانية في مناطق ساموا الأمريكية. وشهدت هذه العقود نمواً بطيئًا في جهود حماية البيئة، بما في ذلك اللوائح التي تستهدف الحد من تصريف الملوثات ومياه الصرف الصحي في الإقليم. وبفضل جهود حكومة ساموا الأمريكية، التي أدت لتشكيل المجموعة الاستشارية للشعاب المرجانية (CRAG)، تحسنت جودة المياه في الإقليم وازدهرت الشعاب المرجانية وازداد عدد العلماء الشباب في ساموا الأمريكية المهتمين بدراسة الشعاب المرجانية، تقول د. أليسون جرين: "بعد 100 عام من المراقبة والرصد العلمي لشعاب "آوا" المرجانية، كنا سعداء للغاية لأنه، ولأول مرة، كان أحد العلماء في فريق المسح الخاص بنا في عام 2017 وهو شاب من منطقة ساموا الأمريكية. وعلى الرغم من أنه لا يمكننا دائمًا معالجة التهديدات البيئية العالمية، الا أننا نستطيع تحسين الظروف في البيئة المحلية حتى تتمكن الشعاب المرجانية المتضررة من التعافي، وميناء باغو مثال جيد لذلك".

تواصل د. جرين ود. بيركلاند التعاون مع المجموعة الاستشارية للشعاب المرجانية في ساموا الأمريكية في مشاريع مراقبة ورصد الشعاب المرجانية في جميع أنحاء الإقليم، كما تواصل جرين تطبيق خبرتها في تقييم الشعاب المرجانية على المشاريع في بيئة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر.

منحدر التل لميناء باغو باغو والمدينة والتضاريس المحيطة. تصوير: أليسون جرين.

يقول د. مايكل بيرومين، مدير مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست: "يُظهر عمل أليسون وتشارلز في ساموا الأمريكية أهمية المراقبة الكمية طويلة المدى لفهم أنماط مقاومة الشعاب المرجانية وتحملها في جميع أنحاء العالم. ونحن في مركز أبحاث البحر الأحمر، نجري مسوحات مكثفة للشعاب المرجانية في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من عقد. وفي حال تمكنا من توسيع عملياتنا لتشمل جميع المياه السعودية بشكل منهجي ومنظم، يمكننا أن نتحصل على بيانات قيمة طويلة الأمد تعطينا فكرة عن مدى مقاومة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وقدرتها على تحمل عوامل الإجهاد. وبالنظر لأهمية الموائل البحرية في رؤية المملكة 2030، فإن الرصد البيئي طويل المدى سوف يكون في غاية الأهمية للحفاظ على هذه الموارد وإدارتها ".