Top

استخدام الجسيمات النانوية في فحوصات فيروس كورونا (كوفيد-19)

تعد الفحوصات المخبرية إجراء مهم لرصد وتخفيف انتشار فيروس كورونا المتجدد (كوفيد-19) الذي اجتاح العالم اليوم محدثاً تأثيرات صحية واقتصادية كبيرة. وتبدأ جميع الفحوصات المخبرية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض (US CDC) والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها (SCDC)، تبدأ بمسحة أنفية لاستخراج المواد الوراثية، والتي تشمل جينوم الفيروس إن وجد. وهي خطوة تتطلب الدقة العالية والعناية الفائقة لخطورتها في حال كان الشخص المراد فحصه حاملاً للفيروس. 

ومع تقدم هذه الجائحة، وارتفاع عدد المصابين، تتضاءل كل من الموارد والمواد والكواشف الكيميائية التجارية اللازمة لاستخراج العينات، وهو أمر شدد عليه البروفيسور مو لي، الأستاذ المساعد في العلوم الحيوية وزملاؤه في فريق الاستجابة البحثية السريعة (R3T) في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، موجهاً ابحاثه في الجامعة لتحسين فحوصات فيروس كورونا وجعل المواد والكواشف الكيميائية اللازمة لها في متناول اليد.
 

نهج علمي من خطوتين

الخطوة الأولى هي رفع سلامة الفحص عبر تخفيض المخاطر البيولوجية المترتبة عليه، بحيث يمكن تنفيذ عملية سحب العينات في المختبرات الأكاديمية العادية. وفي هذا السياق نجد الدراسة المتميزة للبروفيسور أرناب باين، أستاذ العلوم البيولوجية في كاوست، ومجموعته البحثية والذي أظهرت إمكانية تعطيل الفيروس في عينات المسحة تمامًا باستخدام مركب كيميائي قوي، وبعد ذلك يمكن معالجة العينات بأمان في المختبرات الأكاديمية، واستخراج الجينوم الفيروسي باستخدام الأجهزة والمواد التجارية اللازمة. الا أن هذه المواد التجارية باتت شحيحة في الآونة الأخيرة، فضلاً عن اعتمادها على عمليات الطرد المركزي المعقدة.
 
وهنا تأتي الخطوة الثانية، وهي تطوير حزمة مواد لسحب العينات محلياً تتوافق مع العينات المعطل فيها الفيروس باستخدام الجسيمات النانوية فوق المغناطيسية (MNPs) لعزل المواد الوراثية مثل جينوم سلالة الفيروسات التاجية، ثم جمعها بسهولة بمغناطيس بدون الحاجة للطرد المركزي.

KAUST Assistant Professor of Bioscience Mo Li developed a graphic to explain how his team is approaching the streamlining of COVID-19 diagnostic testing. Graphic courtesy of Mo Li.

يقول البروفيسور لي: "أرغب في تحسين بروتوكول الجسيمات النانوية فوق المغناطيسية (MNPs) بشكل أكبر واختباره في منصة روبوتية آلية لمعالجة السوائل. وفي حال نجاح هذه التقنية سنتمكن من فحص المزيد من الأشخاص ومعالجة مئات العينات بالتوازي وفي الوقت المناسب". 

تكمن المعضلة في أن الكاشف الكيمائي الذي يستخدم لتعطيل الفيروس قام أيضًا بتعطيل الجسيمات النانوية فوق المغناطيسية التجارية، إلا أن البروفيسور سمير حمدان، أستاذ العلوم الحيوية في كاوست تمكن من تحديد بروتوكولًا بديلًا لصنع الجسيمات النانوية فوق المغناطيسية يعتمد على تغليفها بمادة السيليكا، والتي قد تساعدها على النجاة من عملية التعطيل، هذا فضلاً عن سهولة تصنيع هذه الجسيمات باستخدام عدد قليل من المواد الكيميائية والمتوفرة بكثرة.


نجاح مبدئي


تم اختبار هذه الجسيمات النانوية فوق المغناطيسية المصنعة محلياً في اثني عشر عينة مسحة معطلة لفيروس كورونا (كوفيد-19) في مختبري البروفيسور لي والبروفيسور بين، وأظهرت النتائج الأولية نجاح هذا البروتوكول في استخراج الجينوم الفيروسي الذي تم اكتشافه بواسطة الفحوصات المعتمدة للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض. ويوضح البروفيسور لي أن إنتاج هذه البروتوكول محلياً بكميات كبيرة سهل للغاية حيث تقدر الدفعة التجريبية الحالية بحوالي 10000 عينة.  وما يميز هذه الجسيمات النانوية فوق المغناطيسية المصنعة محلياً هو أنها سهلة الاستخدام ومستقرة في درجة حرارة الغرفة، ويمكن تحضيرها آلياً وبإنتاجية عالية. 

يقول لي: "أود أن أشكر أساتذة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية نيفين خشاب وجان ماري باسيت لتعاونهم السخي ومشاركة خبراتهم ومواردهم في هذا البحث".