Top

دراسة لحماية الشعاب المرجانية للعالمين مانويل اراندا ومايكل بيرومين من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

 

تأثير التغيرات المناخية على تكون المرجان

حظيت ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية في الحاجز المرجاني العظيم في استراليا باهتمام الكثير من وسائل الإعلام في الوقت الحالي. كما تم ملاحظة وجود نفس هذه الظاهرة في نصف الكرة الشمالي خلال صيف عام 2015 تحديداً في مياه البحر الأحمر. وقد تميزت السنة الماضية باعتبارها سنة إل نينو (El Niño) أو التردد الجنوبي، وهي ظاهرة مناخية عالمية تحدث نتيجة تأثير تغيّر الحرارة في أحد المحيطات على الجو بمنطقة أخرى بعيدة. ويعتبر ارتفاع درجات الحرارة نتيجة لتغيّر المناخ من الأسباب الرئيسية وراء ظاهرة ابيضاض المرجان.

يقول البروفيسور مانويل اراندا ، الأستاذ المساعد في علوم البحار في جامعة الملك عبدالله: " الشعاب المرجانية من الكائنات البحرية الجميلة، إلا أن أهميتها لا تقتصر على جمالها فقط بل كونها تقوم بدور أساسي ومهم لبناء نظام بيئي متكامل في البحار والمحيطات."
وتتركز أبحاث البروفيسور اراندا على العلاقة التكافلية بين المرجان والطحالب وآليات تكيف الشعاب المرجانية، خصوصاً استجابة المرجان إلى العوامل البيئية المجهدة من خلال البحث عن حلول للأسئلة التالية: ما هي العوامل التي تسبب ابيضاض المرجان وماهي امكانات الشعاب المرجانية للتكيف مع تغيّر المناخ في المستقبل القريب؟

لماذا تحدث ظاهرة ابيضاض المرجان؟

عندما تستشعر الطحالب التكافلية للشعاب المرجانية أي عامل إجهاد بيئي مثل ارتفاع درجة الحرارة، فإنها تقوم بإنتاج جزيئات أكسجين متفاعلة كردة فعل لذلك. هذه الجزيئات المتفاعلة سامة وضارة بالشعاب المرجانية لذلك يقوم المرجان بطرد الطحالب وبالتالي فقدان مصدره الرئيسي للغذاء. وبحسب اراندا فإن الطحالب توفر ما مقداره 90% من احتياجات المرجان للغذاء كونها تعتمد بصورة كبيرة على الطاقة التي تنتجها الطحالب من التمثيل الضوئي. وبطرد الطحالب، فإن الشعاب المرجانية تعمل على تجويع نفسها بصورة غير مباشرة وبالتالي تفقد القدرة على القيام بمعظم عملياتها الأساسية مثل التكلس ومن ثم تموت. والسبب وراء فقدان الشعاب المرجانية لألوانها الزاهية وظهورها باللون الأبيض هو أن كائن المرجان الفعلي نفسه يصبح شفافاً بعد طرده للطحالب ولا يظهر منه الا هيكله الأبيض. ومع ذلك يمكن للشعاب المرجانية -في حال بقيت على قيد الحياة-أن تتحسن وتعود لألوانها الزاهية شرط تحسن الظروف البيئية وتلاشي العوامل المجهدة بسرعة كافية لإرجاع العلاقة التكافلية مرة أخرى مع الطحالب.

تكيّف الشعاب المرجانية مع ارتفاع حموضة المحيطات

كما قام فريق أبحاث البروفيسور اراندا بعمل بعض التجارب التي أثبتت أن الشعاب المرجانية قادرة على تعديل تركيبتها الجينومية على المستوى الجيني (مستوى الحامض النوويDNA ) لتغيير التكوين الظاهري لها بصورة تمكنها من الحفاظ على نموها في مواجهة ارتفاع حموضة المحيطات. الا أنها بذلك تخسر عملية التكلس بنفس المعدل الطبيعي.

البحر الأحمر كمختبر عالمي لدراسة الشعاب المرجانية

يقول الدكتور مايكل بيرومين، أستاذ مشارك بقسم علوم البحار بجامعة الملك عبدالله : " السؤال المهم الذي نحاول الإجابة عنه في موضوع  ابيضاض الشعاب المرجانية هو الى أي مدى يمكن للشعاب المرجانية البقاء وتحمل العوامل البيئية المجهدة في المستقبل."

وبلا شك فإن الارتفاع الكبير في درجة حرارة البحر هو أحد الأسباب الرئيسية في ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية. إلا أن هذه الظاهرة يمكنها أن تحدث عن طريق الارتفاع الطفيف أيضاً في درجة الحرارة بنحو أعلى قليلاً بدرجتين فوق درجات الحرارة الاعتيادية في فصل الصيف وعلى مدى أسبوعين على سبيل المثال.

وبالنسبة للبحر الأحمر، فإن من الواضح أن الشعاب المرجانية فيه تعيش تحت ظروف بيئية أكثر إجهاداً من تلك التي في أستراليا. ويشرح البروفيسور اراندا ذلك بقوله:   "اذا أخذت مرجاناً من الحاجز المرجاني العظيم في استراليا والقيته في البحر الأحمر فقد يتأثر بعوامل الاجهاد ويبيض بسرعة كبيرة جداً لأن الظروف العادية في البحر الأحمر هي بالفعل أشد وأكثر سخونة.  كما أن البحر الأحمر أكثر ملوحة، لذلك فإن شعابه المرجانية تتعرض لظروف بيئية مختلفة عن معظم مثيلاتها في العالم. يستطيع المرجان التكيف بشكل عام عن طريق تكوين طفرات جينية مفيدة إلا أن ذلك يستغرق وقتاً طويلاً قد لا يكون كافياً في المحيطات الأخرى."

تقدم هذه الدراسة لعلماء مركز أبحاث البحر الأحمر بجامعة الملك عبدالله (RSRC) بعض الرؤى القيمة حول الخصائص التي تميز الشعاب المرجانية في البحر الأحمر عن مثيلاتها في البحار والمحيطات الأخرى وتسمح لها بتحمل درجات الحرارة والملوحة العاليتين على الرغم من تأثرها أيضاً بنفس العوامل البيئية العالمية. دراسة بيئة البحر الأحمر يمكنها أن تقدم تصورات دقيقة وتقدم للباحثين الفرصة لاختبار ماذا سيحدث للبيئات البحرية الأخرى التي ستتعرض لنفس الظروف المجهدة في المستقبل القريب. يقول البروفيسور اراندا :"ببساطة أنظر الى البحر الأحمر كمختبر أبحاث قيّم على عتبة بابنا".

أهمية الشعاب المرجانية

يقول الدكتور مايكل بيرومين :"هناك الآلاف والآلاف من المخلوقات التي تعيش على الشعاب المرجانية والتي هي بالنسبة لها نظام بيئي متكامل ومصدر مباشر للمواد الغذائية. وتعتبر بيتاً لكثير من المخلوقات البحرية. وفقدان الشعاب المرجانية له تأثيرات جسيمة على حياة بعض الكائنات مثل الأسماك والربيان وسرطان البحر، إذ أن المرجان هو القاعدة الأساسية لأي نظام بحري متكامل."
 
-بقلم ميرس ويش، من فريق أخبار جامعة الملك عبدالله.