Top

كاوست تصدر أكبر فهرس للحمض النووي للمحيطات

أجرى علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بالشراكة مع علماء من إسبانيا دراسة علمية لتطوير أكبر قاعدة بيانات شمولاً في العالم لفهم توزيع الميكروبات ووظيفتها في المحيطات. واستخدم العلماء منصة التحليل الميتاجينومي (KMAP) التي طورتها كاوست عام 2021، لتحليل كميات هائلة من بيانات التسلسل الجينومي لإصدار قائمة عالمية تعد أكبر فهرس مفتوح المصدر للميكروبات البحرية في العالم يُدرج فئة الميكروبات ووظيفة الجينات والموقع الجغرافي ونوع الموائل، بما في ذلك 317 مليون مجموعة جينية فريدة. 

تُمثل ميكروبات المحيط أقدم أشكال الحياة على الأرض، وقد طورت قدرتها على التفاعلات الأيضية للمركبات التي تؤثر في دورات العناصر مثل النيتروجين والكبريت والكربون، والتي تتحكم في إنتاجية المحيطات، وتؤثر في استقرار المناخ. ولأن بدايتها كانت في قاع البحر الأمر الذي جعل دراستها مفيدة جدًا ليس فقط في مجال دراسة تطور الحياة، ولكن أيضًا للتقنية الحيوية. على سبيل المثال، اُسْتُخْدِمَت الإنزيمات المستمدة من البكتيريا التي تعيش حول الفوهات الحرارية المائية لدعم اختبار تفاعل إنزيم البوليميراز المتسلسل، وهو نفس الاختبار المستخدم للكشف عن فيروس كورونا (كوفيد-19). ومن ناحية أخرى، فإن استخدام الموارد الجينية البحرية في العمليات الصناعية يدر ما يقدر بنحو 6 مليارات دولار سنويًا، وهو رقم يتضاعف كل ستة أعوام مع اكتشاف المزيد من الجينات في ميكروبات المحيط. 

وقال البروفيسور كارلوس دوارتي، أستاذ "ابن سينا" المتميز في كاوست، الذي قاد هذا المشروع "يمكن للعلماء الوصول إلى الفهرس عن بعد لدراسة كيفية عمل النظم البيئية المختلفة للمحيطات، وتتبع تأثير التلوث والاحتباس الحراري، ودراسة تطبيقات التقنية الحيوية مثل المضادات الحيوية الجديدة أو طرق جديدة لتكسير المواد البلاستيكية، من المرجح أن يلعب تسارع الذكاء الاصطناعي الذي نشهده حاليًا دورًا رئيسيًا في تحديد الجينات ذات الأهمية للتقنية الحيوية الموجودة في الفهرس الضخم الذي نصدره".  

يكشف الفهرس عن اختلافات كبيرة في النشاط الميكروبي في المحيطات المفتوحة وقاع المحيطات، فضلاً عن اكتشاف عدد مذهل من الفطريات التي تساهم في التنوع الجيني للمحيطات متوسطة العمق (أعماق 200 متر إلى 1000 متر). كما يوفر ثروة غير عادية من المعلومات عن الميكروبات التي تعيش في قاع المحيطات، مقارنة بالميكروبات السطحية التي تعيش في المحيطات المفتوحة، وكلا النوعين من الميكروبات مدرجان بشكل شامل في الفهرس.   

يُذكر أن تحسن القدرة على جمع وتحليل مثل هذه الثروة الجديدة من بيانات المحيطات كان سببه التطورات الرئيسية في تقنيتي تسلسل الحمض النووي والقوة الحاسوبية اللتين مكنتا العلماء من عمل تسلسل لـ 2102 عينة من المحيط مأخوذة من أعماق البحار ومواقع مختلفة حول العالم، وباستخدام شاهين 2، الحاسوب العملاق السابق لكاوست، تمكنوا من تحليل التسلسلات الجينومية لهذه العينات وتحديد أكثر من 317 مليون مجموعة جينية. 

وبالنظر إلى ديناميكية المحيطات وطبيعة الحياة فيها، يوفر الفهرس قاعدة بيانات لا تقدر بثمن لمعرفة تكيّف النظم البيئية البحرية مع عوامل التغيير البيئية سواءً الطبيعية منها أو الناتجة عن التدخلات البشرية.  

وقالت إليسا لياولو طالبة الدكتوراه في كاوست والمؤلفة المشاركة للدراسة "يسلط تحليلنا الضوء على الحاجة إلى مواصلة أخذ عينات من المحيطات، مع التركيز على المناطق التي لم تتم دراستها بالقدر الكافي، مثل أعماق البحار وقاع المحيط". 

وأضاف دوارتي "يوثق (فهرس جينات المحيط 1.0) 317 مليون مجموعة جينية تمثل فقط أول الغيث من مكتبة القدرات الوظيفية الضخمة التي تراكمت على مدى التاريخ التطوري الطويل للحياة في المحيط. ومن المرجح أن تساهم المشاريع التي تركز على أخذ العينات والتسلسل الجينومي الواسع للموائل التي لم تتم دراستها في المحيط، بما في ذلك الكائنات الحية مثل المرجان والأعشاب البحرية، غير المدرجة في هذه الدراسة، والتي من المعروف أنها تستضيف أعدادًا كبيرة من الأنواع الميكروبية، أن تكشف عن عدد أكبر من الجينات من تلك المدرجة في فهرس الجينات الأولي هذا".  

وتعزز هذه الدراسة، التي نُشرت في المجلة العلمية (Frontiers in Science)، مكانة كاوست كمؤسسة رائدة في مجال علوم البحار وعلم الأحياء البحرية.