Top

شاهين يحطم رقماً قياسياً عالمياً في تخطيط باطن الأرض

حقق الحاسوب الخارق شاهين، التابع لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، إنجازاً قياسياً عالمياً بإتمامه عمليات محاكاة رقمية لعلماء مركز إكسبك (EXPEC) للأبحاث المتقدمة في شركة أرامكو السعودية. صورة من الأرشيف.

بقلم فريق المختبر الرئيسي للحوسبة الفائقة، ونيكولاس ديميل، من فريق أخبار الجامعة، وأندريا هولسبوش، من فريق المختبرات الأساسية.

سعى العلماء منذ عدة عقود لرسم خريطة التكوينات الجيولوجية لشبه الجزيرة العربية والبحار المحيطة بها، بهدف تحديد مواردها الكامنة والعمل على استخراجها. ولكنها مهمة بالغة التعقيد نظراً لعظم مساحة شبه الجزيرة العربية، التي تعتبر أكبر شبه جزيرة على وجه الأرض بمساحة تتجاوز 3.2 مليون كيلومتر مربع. إلا أننا اليوم، أصبحنا على مقربة من تحقيق ذلك، بفضل النتائج المتفوقة لعمليات المحاكاة القياسية، التي أنجزها الحاسوب الخارق شاهين التابع لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) والذي يعتبر من أسرع 30 حاسوباً خارقاً في العالم.

وقد استكمل شاهين مجموعة من عمليات المحاكاة الرقمية للتخطيط والتوصيف فائق الوضوح لباطن الأرض، والخاصة بقسم التقنية الجيوفيزياء في مركز إكسبك (EXPEC) للأبحاث المتقدمة التابع لشركة أرامكو السعودية. وتمكن علماء المركز، ولأول مرة، من انتاج صورة ثلاثية الأبعاد للطبقات الجيولوجية في المنطقة بدقة حتى عمق 7,5 متر، يمكن من خلالها تحديد ملامح الطبقات في باطن الأرض.

يقول الدكتور علي المشاري، مدير مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة التابع لأرامكو السعودية: "إتمام عملية تخطيطٍ وتوصيف ٍ فائق الوضوح والدقة لباطن الأرض وعلى مستوى الإنتاج، يعد إنجازاً رئيسياً فارقاً في عملية التنقيب عن النفط، وخطوة رائدة نحو الاندماج السلس للنماذج الجيوفيزيائية والجيولوجية والهندسية".

مرافق الجامعة وبرامج أرامكو

استخدم علماء أرامكو برنامج (GeoDRIVE) لإنتاج صورة ثلاثية الأبعاد للطبقات الجيولوجية تحت سطح الأرض، بدقة قياسية على عمق 7,5 متراً مقارنة بمقياس الإنتاجية، متفوقة على عمليات المحاكاة السابقة.

وقال المهندس علي مؤمن، مدير مشروع (GeoDRIVE): "إن التكلفة الحسابية الواسعة للمحاكاة السيزمية الدقيقة، خلقت فجوة بين التقدم النظري في العالم الأكاديمي والتطبيقات الصناعية العملية. ولا شك أن هذا الإنجاز يقدم لنا فرصة فريدة لتطوير حلول مبتكرة، يمكنها أن تلبي احتياجاتنا الحالية بالإضافة إلى الاحتياجات المستقبلية للباحثين والمتخصصين".

الدكتور صابر فقي والدكتور ماتشي أولتشوفيك والدكتور بلال هدري من المختبر الرئيسي للحوسبة الفائقة كاوست، مع شهادة تصنيف الحاسوب الخارق شاهين في قائمة أفضل 500 حاسوب خارق في العالم. صورة من الأرشيف.

بنية الحاسوب الخارق

تتألف الحواسيب الخارقة من عشرات الآلاف من وحدات المعالجة المركزية (CPU) ورقاقات الذاكرة ، والكيلومترات من كابلات الشبكات وآلاف أقراص التخزين ومئات التطبيقات والمكتبات. ويعتبر شاهين الموجود في المختبر الرئيسي للحوسبة الفائقة في كاوست، واحدًا من أكبر أنظمة وحدة المعالجة المركزية في العالم، بإجمالي 12,348 وحدة معالجة من نوع Intel Haswell، وحجم ذاكرة يبلغ 790 تيرابايت، ومساحة تخزين بحجم 17,6 بيتابايت. وهو حاليًا أكبر حاسوب خارق في الشرق الأوسط.

وتتطلب بعض المشاريع البحثية العملاقة، مثل تلك التي يجريها فريق أرامكو، ما يزيد عن 54000 عملية محاكاة باستخدام أكثر من 100,000 نواة معالجة، أو ما يقارب نصف الطاقة الإجمالية لشاهين، وذلك يستدعي أحياناً إجراء تعديل وتحسين دقيق للنظام بأكمله.

خبرات مختبر الحوسبة الفائقة (KSL)

أحد العناصر الأساسية لنجاح مثل هذه العمليات الحاسوبية المعقدة، هو جاهزية المكونات المختلفة للنظام، وعدم وجود أي خلل من شأنه تعريض العملية للفشل. ولهذا، يعمل الدكتور ماتشي أولتشوفيك، رئيس فريق إدارة الأنظمة، والدكتور بلال هدري، عالم الحوسبة في مختبر الحوسبة الفائقة في كاوست، على فحص مدى صحة جميع مكونات شاهين باستخدام حزمة برمجيات من تطويرهم الخاص قبل أن يستخدمه علماء أرامكو.

كما يساهم علماء مختبر الحوسبة الفائقة في تحسين عمليات المحاكاة، بحيث يتمكن علماء أرامكو من الحصول على نتائج أكثر دقة وسيناريوهات أكثر تنوعًا. ويقول عالم الحوسبة، صاموئيل كورتاس :" تمكن مهمتي في مساعدة العلماء على استخدام مواردنا بفاعلية مطلقة، ولهذا قمت بتطوير برنامج داسيمايت (Decimate) الذي يبسط للمستخدمين النهائيين العديد من الأشياء المعقدة في النظام  قدر الإمكان". وباستخدام برنامج (Decimate)، تمكن علماء شركة أرامكو من اختبار جميع التشكيلات الممكنة لأنماط ذاكرة التخزين المؤقت، ثم استخدام النمط الأمثل لتشغيل عملية المحاكاة النهائية.

 محاكة "الترليون خلية"

هذا هو الإنجاز القياسي العالمي الثالث الذي يحققه الحاسوب الخارق شاهين، نتيجة التعاون المثمر بين أرامكو السعودية والمختبر الرئيسي للحوسبة الفائقة في كاوست. حيث سبق أن تعاون الفريقان في مشروعين بحثيين لإجراء أكبر محاكاة معقدة لمكامن النفط والغاز، تعرف بمحاكة "الترليون خلية" ومحاكاة تدفق السوائل، التي تعتبر الأكبر على مستوى الهندسة.

ومن جهته، يقول الدكتور جاستن ماينار، نائب الرئيس المشارك للأبحاث والمدير التنفيذي للمختبرات الرئيسية في الجامعة:" تضم المختبرات الرئيسية في كاوست تجهيزات ومرافق متطورة وعالمية المستوى مثل الحاسوب الخارق شاهين، الذي يعتبر مورداً وطنياً يمكن الاستفادة منه لتلبية احتياجات المؤسسات في جميع أنحاء المملكة".