Top

تأمين مستقبل الطاقة في المملكة

انضمت أخيراً شركة جنرال إلكتريك (GE) وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في مشروع بحثي تعاوني يهدف لاستكشاف جدوى استخدام النفط الخام، كالنفط العربي الخفيف (ASL) مباشرة من الأرض كوقود أساسي أو احتياطي لتوربينات الغاز ذات التشغيل الثقيل. حيث تشهد أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعاً متزايداً الأمر الذي دفع العديد من حكومات العالم البحث عن بدائل للطاقة تكون أقل تكلفة. فعلى سبيل المثال، تستهلك المملكة العربية السعودية جزءاً كبيراً من الوقود الأحفوري التي تنتجه على احتياجاتها من الطاقة في تكييف الهواء وتحلية المياه. ويقول البروفيسور وليام روبرتس، مدير عام مركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله (CCRC): "تمتلك جنرال إلكتريك حوالي خمسمائة توربين غاز في المملكة وتعدّ أكبر مزود لتوربينات توليد الطاقة بالغاز في العالم". كما أن التوربينات من طراز (F) التي تنتجها جنرال إلكتريك تصنف من أفضل توربينات الغاز كفاءة غير أنها في العادة تعمل بالغاز الطبيعي فقط. ولكن المملكة حددت شروطاً معينة للتوربينات الجديدة تقتضي أن تكون قادرة على العمل على النفط الخام وغير المكرر مثل النفط العربي الخفيف (ASL) أو سوبر الخفيف (AXL).

ويقول جون ماكينتوش مدير المختبر في مركز أبحاث الاحتراق النظيف: "لا توجد حاجة إلى أن تكون جميع التوربينات في المملكة مصممة تحديداً للعمل على وقود معين. ولكن من المهم وجود خيارات الاعتماد على النفط الخام غير المكرر لإنتاج الطاقة إذا تطلب الأمر. كما أن المكاسب الاقتصادية التي قد تترتب على استخدام النفط الخام في ظل التكلفة المرتفعة لعملية تكرير النفط تعدّ حافزاً كبيراً لمواصلة هذه الأبحاث والتجارب".

حرق النفط الخام مباشرة من الارض

ولتحقيق الشروط التي طلبتها المملكة تقوم شركة جنرال إلكتريك بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله لإجراء دراسات على تطوير توربينات للتشغيل الثقيل قادرة على حرق النفط الخام المستخرج مباشرة من الأرض خصوصاً الخام العربي الخفيف ASL وAXL. وعلى الرغم من أن هذه الخامات تعدّ من الخامات الخفيفة جداً خلافاً لتلك التي تستخدم في صناعة الأسفلت، إلا أنها لا تزال تحتوي على نسبة من الفاناديوم، وهو معدن يساعد على التآكل ويعدّ من الشوائب الطبيعية في النفط، ولكنه يوجد في الخام العربي الخفيف بتركيز منخفض جداً– حوالي جزء واحد في المليون. وتهتم شركة جنرال إلكتريك في معرفة حجم التآكل الناتج عن هذا التركيز ونوعية المواد التي يجب استخدامها لتصنيع التوربينات بحيث تتحمل الاحتراق لفترات طويلة جداً.

وتشمل التجربة بناء نظام أنابيب اختبار في جامعة الملك عبدالله بواسطة مختبر أبحاث احتراق الضغط العالي (HPCL) لإجراء اختبارات التآكل على المواد المتقدمة من جنرال إلكتريك والتي تدخل في صناعة التوربينات. حيث سيتم حرق خام النفط العربي الخفيف لمدة 2000 ساعة متواصلة ممّا يتطلب تجهيزات معقدة ومتطورة خصوصا في تقنية عزل أنابيب الاختبار للتأكد من صمودها تحت الضغط الشديد ودرجات الحرارة المرتفعة التي قد تتجاوز 900 درجة مئوية. و لهذا السبب وقع اختيار شركة جنرال إلكتريك على مختبر احتراق الضغط العالي في جامعة الملك عبدالله لمرافقه المتطورة وقدرته على إجراء تجارب حرق النفط الخام في جميع الظروف.

أهمية المشروع العلمية

يوضح خوسيه ماريا سيلفا كوريجيدو، فني الأبحاث في مركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله: "سنختبر عينات من مواد مختلفة من جنرال إلكتريك ثم نرسل النتائج لهم، وعلى أساسها ستتمكن الشركة من تحديد أيٍّ من هذه المواد هي الأنسب لبناء التوربينات". ولا تقتصر أهمية هذه المعلومات والنتائج على الحكومات أو الشركات التي ترغب في شراء التوربينات ولكنها مفيدة جداً لشركة جنرال إلكتريك خصوصاً في أعمال الصيانة. ويشرح البروفيسور وليام روبرتس أن هذه المعلومات تسلط الضوء على ثلاث مسائل رئيسية هي: كفاءة التشغيل، معدل التآكل، ودرجة الانبعاثات الضارة لمختلف أنواع الوقود المتوفرة ليس فقط في المملكة ولكن في جميع أنحاء العالم. ولكن الهدف الأساسي من هذه التجارب هو دراسة معدن الفاناديوم في النفط الخام ودوره في عملية تآكل التوربينات أثناء الاحتراق وكيفية معالجة ذلك. أما من الناحية الهندسية فيرغب فريق مركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله النظر في كيفية الحفاظ على أداء نظام أنابيب الاختبار تحت الضغط العالي ودرجة الحرارة المرتفعة دون إضعاف الأنابيب أو حدوث تسربات فيها أو تفجرها. وفي حال تمكنهم من تحقيق ذلك سيتم تشغيل المشروع لمدة عشر سنوات، وسوف ينتج عنه العديد من النتائج العلمية المؤثرة والقابلة للنشر.