Top

بناء مدن عالمية

الدكتور طارق علي فدعق ، عضو لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة وعضو في مجلس الشورى ، يتحدث عن بناء مدن سعودية جديدة مبتكرة خلال مؤتمر برنامج الإثراء في الربيع في الجامعة.

-بقلم عبدالله الحمدان, من أخبار جامعة الملك عبدالله 

ضمن إطار الإهتمام العالمي والمحلى بضرورة تحقيق التوازن البيئي في تخطيط المدن وتغير النظرة نحوها على أنها ليست مكانا للعمل والسكن فقط، بدأ العالم يشهد تحولاً في مفاهيم التخطيط وتطبيق مفاهيم الاستدامة والتي تدعي إلى تحسين الموارد الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية وإدارتها بشكل جيد للإرتقاء بجودة الحياة.

ولمواكبة هذه التحديات والتغيرات قال الدكتور طارق بن علي فدعق، عضو لجنة الاسكان والمياة والخدمات العامة وعضو مجلس الشورى، في حديثه خلال مشاركته في فعاليات برنامج الإثراء الربيعي " إن المملكة تسعى لتهيئة المدن السعودية والبنى التحتية بحاجة إلى تطوير من قبل جيل جديد من المهندسين وإضافة أفكارٍ جديدة ومختلفة تساهم في إيجاد الحلول التطويرية. فالوقت الحالي يشهد نقصاً كبيراً جداً في المساحات الخالية لعدم الإستفادة منها وفي حال توفرت بعض المساحات الجميلة فهي محدودة جداً، ولكننا دائما متفائلون لما هو أفضل. فهناك العديد من المشاريع الجديدة التي استغلت هذه المساحات بشكل جيد كما هو الوضع هنا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والتي تعد مثالاً يحتذى به".

ولأن عمليات التخطيط تحتاج إلى دراسة شاملة لضمان أعمال تخطيطية متوافقة، تتطرق الدكتور فدعق في حديثه إلى مستقبل تطوير المساحات العامة في السعودية حيث أن هناك تحديات كبيرة تواجه المملكة في هذا المجال. فأغلب المدن السعودية ومدن الشرق الأوسط بشكل عام للأسف لم تهتم بالنواحي الجمالية بالشكل الكافي، في حين حاولت بعض المدن التي توسعت عمرانياً مثل جدة، وضع بعض المجسمات والأعمال الفنية الجمالية.

ويعتبر الدكتور فدعق وجود المساحات المفتوحة أمراً جوهرياً، خاصة وأن التركيبة السكانية في المملكة تضم أعداداً كبيرة من الأطفال وصغار السن الذين هم بحاجه إلى مثل هذه المساحات، التي تقلصت بشكل كبير في السنوات ال30 الماضية بسبب الإرتفاع الكبير في أسعار الأراضي، الأمر الذي ساهم في تكدس السكان في مناطق متقاربة ومساحات معينة، وزيادة التضخم السكاني الذي عادة ما يحتاج إلى مساحات خضراء كبيرة. فكثير من الحدائق والمساحات المفتوحة مهملة للأسف، وليست بالعدد الكافي أو الشكل اللائق والملائم لخدمة سكان المدن في المملكة العربية السعودية. وأضاف "هذا هو التحدي الكبير الذي يواجه المصممين والمهندسين مستقبلاً ".

وأوضح الدكتور فدعق أن الطاقة الأساسية والكنز الحقيقي للمملكة هو شعبها، الأمر الذي يتطلب من قطاع التعليم الإستثمار في الشباب وإعطائم الفرص، خصوصاً وأن هناك العديد من العقول السعودية المتميزة ممن يتلقون تحصيلهم العلمي في مختلف العالم، خاصة في مجالات الطب والأبحاث العلمية، و سيشكلون دعامة قوية ضمن خطة المملكة التطويرية عند عودتهم إلى بلادهم.

مدينة المللك عبدالله الاقتصادية تحت الإنشاء على ساحل البحر الأحمر

وأشار الدكتور فدعق إلى أن الصحراء والمساحات الخالية هي إحدى أحدث السياسات التنموية لإنشاء مدن جديدة بمواصفات تضاهي أفضل المدن العالمية، وأضاف"أن أبرز التحديات التي تواجه المملكة في سبيل بناء مدن في قلب الصحراء تعود إلى عدم توفر المياه الكافية في أراضيها، ولكن ذلك لن يشكل عائقاً دائماً إذ أن هناك حلول لأي مشكلة. وضرب مثالاً بعض المدن التاريخية مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة التي لم يتوفر فيها الماء بشكل كافي ولكنها استوعبت العديد من السكان وكونت قاعدة ثقافية كبيرة. ومن التحديات الأخرى أيضاً توفير الطاقة وكيفية إدارتها.

وحول استفادة المملكة من زراعة الأراضي الخالية، أوضح الدكتور فدعق بأنها ليست عملية مستحيلة، وبين أن الفرد الواحد يستهلك قرابة 100 لتر يومياً، وفي وبعض المدن تصل كمية استهلاكهم للمياه إلى 250 لتر يومياً، وهي كمية مهدرة من الممكن الإستفادة منها من خلال إعادة تدويرها بغرض إستخدامها في عمليات الري على سبيل المثال. وأشاد بالدراسات والأبحاث العلمية التي تجريها كاوست والتي من الممكن الإستفادة منها مستقبلاً في هذا المجال.

وحول تأثير التدفئة العالمية وتأثيرها على عملية تخطيط المدن مستقبلاً، بيّن الدكتور فدعق أن المملكة أمام تحدٍ كبير ألا وهو انبعاثات الكربون والإعتماد على حرق البنزين في عملية تحلية المياه وتوليد الكهرباء. الأمر الذي يستوجب على المملكة أن تسعى لإيجاد الحلول المناسبة وفق برامج ودراسات معينة ضمن خطة المملكة لرؤية 2030.

يذكر أن الدكتور فدعق تلقى تعليمه الدراسي في عدة مدن أمريكية جميعها في ولاية أورغن، ونال شهادة الدكتوراه من جامعة "بورتلاند" الحكومية والماجستير في علم الإدارة  من جامعة "ولامت". وشغل عدة مناصب مرموقة كان آخرها منصب عضو في مجلس الشورى منذ العام 2009 وحتى الآن.