Top

أول غواص سعودي يكمل دورة الغوص العلمي المعتمدة دوليًا في كاوست

طالب الدكتوراه في كاوست، سعيد أمين (في الصورة) هو أول سعودي يكمل دورة غوص البحث العلمي المعتمدة من الأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء. تصوير: ديفيد جون باليت.

حققت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) إنجازاً كبيراً يعتبر الأول من نوعه ويهدف لتطوير القوى العاملة الوطنية ذات المهارات العالية كجزء من التزامها المستمر في تحقيق رؤية المملكة 2030، ومنحت الجامعة أول شهادة غوص لأغراض البحث العلمي معتمدة دولياً في المملكة لمواطن سعودي هو الغواص سعيد أمين، عالم البحار وطالب الدكتوراه من مختبر علم المحيطات البيولوجي في مركز أبحاث البحر الأحمر التابع للجامعة.

وأكمل سعيد دورة الغوص لأغراض البحث العلمي الصارمة والمعتمدة من الأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء (AAUS) في نوفمبر 2020 في كاوست، وهي الأولى من نوعها التي تُجرى في البلاد، وبذلك تمتلك المملكة الآن قدرات غوص علمية وطنية ومعتمدة عالميًا.

يقول سعيد:" تشرفت جداً بأن أكون أول سعودي يحصل على شهادة غوص لأغراض البحث العلمي معتمد من الأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء، وهو إنجاز رائع في حياتي الأكاديمية، خصوصاً أنني حصلت عليها من مؤسسة أكاديمية فريدة مثل كاوست، وهي أيضًا جسر مهم يساعد ويسهل عملي الميداني الحالي وأبحاثي العلمية المستقبلية وحياتي المهنية، وأجدها فرصة رائعة لأي طالب أو باحث مهتم بدراسة البيئات البحرية".

برنامج متميز

تم إطلاق دورة غوص البحث العلمي المعتمدة من الأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء في الحرم الجامعي في فبراير 2020 من قبل المختبر الأساسي للموارد الساحلية والبحرية في كاوست، بهدف تعزيز كفاءات الغوص العلمي الوطنية، ويعد مختبر الموارد الساحلية والبحرية في الجامعة حاليًا المنشأة الوحيدة في المملكة المعتمدة لإجراء مثل هذه الدورة الدولية، مما يعكس الإمكانات الفريدة للمختبر وقدرته على تدريب العلماء على إجراء الأبحاث البحرية لتطبيقات مختلفة تتراوح من الصناعة إلى حماية البيئة.

ويأتي تشغيل هذا البرنامج المعتمد من الأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء في المملكة العربية السعودية بعد عقد من عمل المختبر الأساسي للموارد الساحلية والبحرية في كاوست في التأثير والتعليم والتدريب وتطوير معايير الغوص العلمي في البلاد، والتي كان من ضمنها تعاون المختبر مع الاتحاد السعودي للرياضات البحرية والغوص والذي مكّن كاوست من فرصة تقديم المشورة على أعلى مستويات اللوائح العلمية للغواصين في المملكة.

جدير بالذكر، أن الحصول على اعتماد الأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء ليس بالأمر الهيّن، فذلك يتطلب أن يكون لدى المؤسسة أولاً لوحة تحكم غوص معتمدة، ودليل سلامة خاص بالغوص العلمي، ومسؤول معين لسلامة الغوص العلمي، بعد ذلك ، يجب تطوير دورة تدريبية مخصصة للغواصين والمصادقة عليها، ويجب أن يكون مسؤول سلامة الغوص معتمدًا للتدريس والتدريب، وكان مختبر الموارد الساحلية والبحرية في كاوست محظوظاً بوجود  مسؤول الغوص العلمي والمدرب الرئيسي ديفيد جون باليت، الذي عمل بجد لتطوير دورة تدريبية معتمدة للغواصين في كاوست، وهو الآن مدرب الغوص العلمي الأول والوحيد في المملكة الذي ينتمي للأكاديمية الأمريكية لعلوم ما تحت الماء.

ديفيد جون باليت (واقفًا)، مسؤول الغوص العلمي في كاوست والمدرب الرئيسي، أثناء تقديم أحد الفصول الدراسية كجزء من دورة الغوص في البحث العلمي في الجامعة. تصوير سوزان روسباخ.

تقدم الدورة المعتمدة 100 ساعة من التدريب المكثف والمتقدم على مدار 12 يومًا، يضاف اليها التدريب العام القياسي للغوص في المياه المفتوحة، وحتى الآن، اعتمدت كاوست عددًا من الطلبة للالتحاق بالبرنامج، مع التوقع بزيادة عدد الطلبة المنضمين له بعد رفع القيود الاحترازية الخاصة بجائحة فايروس كورونا "كوفيد-19" واستئناف التدريب عن قرب.

الخبرات والمؤهلات اللازمة

يقول المدرب باليت: " ليس بالضرورة أن يكون لدى الطلبة خبرة واسعة في الغوص، أو أن يكونوا سباحين مهرة كي يلتحقوا في الدورة ويحصلون على الشهادة ويقومون بغوص علمي هادف"، ويؤكد طالب الدكتوراه سعيد ذلك بقوله :"حضرت الدورة في اليوم الأول وأخبرتهم أنني لا أجيد السباحة، وكنت أظن أن هذا الشي سيحول دون قبولي بهذه الدورة، ولحسن الحظ قابلت المدرب ديفيد باليت ومساعدته المعتمدة في الغوص العلمي المدربة سوزان روسباخ ، اللذين أخذى بيدي وعلماني كل شيء، وكانت رحلة هائلة انتقلت فيها من تعلم كيفية السباحة إلى تعلم كيفية الغوص بمستوى متقدم وبشكل لا يصدق".

ويضيف سعيد: " في كل مرة نعود فيها لشاطئ كاوست بعد الانتهاء من حصة التدريب، أجد نفسي متحمسًا للتدريب في اليوم التالي، وأحد أفضل الأشياء بالنسبة لي في هذه الدورة هو العمل الجماعي والحماس والطاقة الإيجابية التي كانت سمة بارزة في جميع أعضاء الفريق."

بعد الانتهاء من الدورة، يصبح الغواصون مؤهلون لإسعاف الآخرين في حالات الطوارئ، مثل أداء الإنعاش القلبي الرئوي المتقدم، والتأهب وتنفيذ الاستجابة السريعة للطوارئ، وإجراءات تقديم الأكسجين المتقدمة واستخدام مزيل الرجفان الخارجي الآلي، اضافة للتعامل مع مرض انخفاض الضغط (داء الغوص)، أو انسداد الأوعية الدموية بسبب الغازات، ونقل المرضى داخل أوعية الضغط المتخصصة.

ومن بين الأمور التي يتدرب عليها الغواصين في هذه الدورة هو العمل في البيئات البحرية الصعبة وإجراء الأبحاث العلمية في قاع البحار، واستعادة الأجهزة العلمية، والتحكم عن بعد في قيادة المركبات والغواصات تحت الماء، والمساعدة في استعادة الصندوق الأسود للطائرة.

يقول سعيد: "هذه الشهادة هي مدخل رائع يتيح للغواصين دراسة البيئات البحرية وآليات الحفاظ عليها والتي تعتمد وبقوة على الغوص والبحث العلمي، ولا شك أن البحر الأحمر أحد أبرز هذه البيئات البحرية الفريدة لدراسة واستقصاء العوامل التي تعزز نمو الكائنات البحرية وقدرتها على التكيف".


غواصون من كاوست يتدربون على الإسعاف خلال حالات الطوارئ على سطح السفينة: تصوير ديفيد جون باليت.

نقل المعرفة للمملكة

تلبي هذه الدورة حاجة حقيقية للمملكة لتمكين الكوادر السعودية من قيادة مجالات تخصصهم في علوم البحار، يقول المدرب باليت: "بعد تخرج سعيد كأول سعودي من هذه الدورة وبمستوى متميز ، يمكنه الآن المضي قدمًا في تعليم الغوص العلمي المتقدم، وأن يصبح مدرباً متخصصاً في هذا المجال في حال اختار ذلك - حيث سيكون قادرًا على نقل خبرته من خلال تدريب الآخرين، ومن ناحية أخرى، يعتبر سعيد استثماراً ناجحاً لكاوست التي تسخر جميع مختبراتها الأساسية، ومرافقها ومنشآتها لمستقبل طلبتها، وبالتالي تحدث تأثيراً قوياً في مستقبل المملكة والمنطقة والعالم".

وتقول المدربة روسباخ: "إن تدريب المواهب المحلية بهذا المستوى العالي يوفر فرصًا رائعة لنقل التعليم والمعرفة إلى مؤسسات أخرى في المملكة، وما هذه الا خطوة ريادية أولى لكاوست في مجال الغوص العلمي. "

يقول للويد سميث، مدير المختبر الأساسي للموارد الساحلية والبحرية في كاوست: "تمتلك كاوست فرصة للبناء على نجاح هذه الدورة في المستقبل، وتوسيع نطاقها وضم المزيد من الطلبة السعوديين والدوليين المهتمين بالبحث العلمي تحت الماء، الأمر الذي سيضع المملكة على خريطة الغوص العلمي لأول مرة في التاريخ".